قمة الأطراف.. وقمة الإنصاف

مقالات 00:00 20.10.2022
      أيام قليلة تفصلنا عن قمة الأطراف COP 27 المزمع إقامتها فى مدينة شرم الشيخ. كثير من الفعاليات والمؤتمرات تعقد أسبوعيا وأحيانا يوميا تمهيدا لهذا الحدث الكبير. كذلك اختصت بعض المراكز البحثية موضوع الاستدامة وقمة المناخ بالكثير من ورش العمل والإصدارات المتخصصة، التى تناولت الأمر من أبعاد مختلفة. لكن الملفت أن تلك الشراذم من الفعاليات والجهود لا تجد وعاءً واحدا ينظّمها، ولا تجد مؤسسة متخصصة لتعبئتها جميعا فى إطار الإعداد الذكى لقمة المناخ المرتقبة.
      كان لى شرف المشاركة متحدثا ومنسقا ومتابعا لعدد من الموضوعات والتعهدات المتعلقة بأسواق المال فى قمم الأطراف 21 و22 و23. كنت فى ذلك بين مدعو من قبل بورصة الدار البيضاء لمتابعة التزامات قمة COP21 والإعداد والمشاركة لقمة COP22 فى مراكش، أو ممثل للبورصة المصرية كما هى الحال فى فعاليات COP23 التى عقدت فى مدينة بون بألمانيا، والتى كتبت على أثرها السطور التالية المنشورة ضمن مقال بجريدة الشروق فى 21 نوفمبر 2017:
     تهون إذن كل المؤشرات الاقتصادية والمالية، وتتحول شاشات البورصات فى العالم إلى مزحة سخيفة إذا لم يتم ترجمة قراءاتها إلى واقع ملموس فى الاقتصاد الحقيقى، وهو مسعى مبادرة البورصات المستدامة الأصيل. مجالات التمويل الأخضر والأزرق أصبحت احتياجاتها تقدر بالتريليونات، ٩٠ تريليون دولار مطلوبة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ والموقعة فى الاجتماع الحادى والعشرين للقمة COP21 وعلى الرغم من تواضع هدف القمة الرئيس والرامى إلى عدم ارتفاع حرارة الأرض بأكثر من درجتين مئويتين بنهاية القرن ــ مقارنة بنحو ١٫٥ درجة مئوية فى عصر ما قبل الثورة الصناعية ــ فإن هذا الهدف لم يتحقق، وهو ما تم رصده بكثير من الأسف فى قمة مراكش العام الماضى. ضاعف من صعوبة تحقيق ذلك الهدف إعلان الولايات المتحدة الترامبية اعتزامها الانسحاب أخيرا من اتفاقية باريس، وهى تمثل منفردة أكثر من ٢٠٪‏ من مصادر ارتفاع الحرارة، الأمر الذى ألقى بظلال كئيبة على قمة الأطراف المعروفة بقمة المناخ هذا العام، وانعكس سلبا على تمويل الفاعليات ومستوى الحضور فى كثير من الاجتماعات وورش العمل المنعقدة، وأعطى إشارة سلبية للغاية إلى جهود الحفاظ على الكوكب من دمار محتم، لو استمر الاحتباس الحرارى يسير بمعدلاته الراهنة.
      تتضاءل أية قيمة للمنظمات الدولية، بل وللمجتمع الدولى أمام إرادة دولة كبيرة واحدة. خاصة إذا اختزلت تلك الدولة المسيطرة والممولة للنشاط الأممى فى إرادة شخص واحد! تذوب إذن المؤسسات والمنظمات وتبقى شريعة الأباطرة. ثم إنك إذا تابعت بعض وسائل الإعلام الأمريكية المهمة هذه الأيام، تشعر بأنك بصدد دولة مختطفة، أو محتلة من قبل إدارتها». والحمد لله خلّصت الديمقراطية الولايات المتحدة من ذلك العبث، وعادت بها إلى جادة الصواب فيما يتعلق بالتزاماتها تجاه تغيّر المناخ، مع إدارة جديدة.
     فى جميع تلك القمم السابقة كان الإعداد لاجتماعات القمة أهم كثيرا من الاجتماعات الختامية التى تعقد بصورة شبه احتفالية خلال الأيام الرسمية لعقد المؤتمر. كانت الدعوة إلى مدينة «الرباط» سابقة على مؤتمر مراكش بفترة كافية. كنت حينها ممثلا لمجموعة عمل الاستدامة بالاتحاد العالمى للبورصات التى انتخبت نائبا لها (كأول وآخر مصرى يحظى بهذا الشرف حتى تاريخ تلك السطور). كان على المجتمعين بالرباط صياغة تصوّر كامل لالتزامات بورصات الأوراق المالية بقضية المناخ. الأهداف واضحة، والدعوات محدودة، والنقاشات حرة تصب فى بوتقة واحدة، تضع خارطة طريق ملزمة لجميع الأطراف التى لم يتبق لتفعيل التزاماتها سوى مراسم التوقيع على وثيقة التعهدات خلال أيام المؤتمر.
      كنت أتمنى أن تلقى مساهمات الخبراء والمختصين فى التمهيد لقمة الأطراف COP27 ذات المصير. حقيقة لا أعرف اليوم جهة فى سوق المال مثلا مسئولة عن الإعداد لهذا المؤتمر. لم أقرأ عن دعوة مصرية لممثلى البورصات حول العالم لبلورة رؤية مشتركة ومنتجات مالية خضراء جديدة للطرح خلال المؤتمر القادم! ربما التقصير من جهتى أو فاتنى شىء من جهود بورصة مصر فى هذا السياق، لكننى على أية حال وكثيرا من أصحاب الخبرة فى هذا المجال لم نتلق دعوة واحدة لحضور أى من الترتيبات الخاصة بأسواق المال فى قمة شرم الشيخ، وكنت أتمنى لو تم نقل الخبرات دون أدنى تكلفة تذكر على أية جهة مصرية) بصورة تسمح ببناء المعرفة، وترك بصمة حقيقية فى هذا الحدث الهام! ملحوظة: تحمّلت بورصة الدار البيضاء جميع تكاليف السفر والإقامة للمشاركين فى الاجتماعات التمهيدية للمؤتمر ناهيك عن فعاليات المؤتمر ذاته. بالطبع لم يكن الحديث عن تغّير المناخ والتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر يلقى حينها الاهتمام المناسب من المسئولين فى مصر، حتى أن رئيس البورصة المصرية آنذاك لم يذهب للتوقيع على تعهدات البورصات الممثلة للأطراف فى قمة المناخ بمراكش، واكتفى بأن أقوم أنا الذى لم تتحمل جهة عملى أعباء سفرى بالتوقيع نيابة عن البورصة! أتساءل عن مدى استجابة المسئولين فى مصر اليوم لأية دعوة لحضور مؤتمر أو ورشة عمل تحمل أيا من كلمات السر الفاتحة لكل ما أغلق، مثل "المناخ، الاستدامة، الخضراء".
      المشاركات الحديثة فى مؤتمرات وإصدارات هامة، ومنها مؤتمر وإصدار قيم لمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية خاص بتحوّل الطاقة فى مصر، لا يمكن أن تجد طريقها إلى مؤتمر شرم الشيخ إلا من خلال فرق عمل متخصصة، لا أعتقد أن جهة ما قد تصدّت لتشكيلها ورعاية منتجها الفكرى. بكل أسف الجهود المطلوبة لإنجاح هذا النوع من المؤتمرات، تتم فى غرف مغلقة، مزدحمة بالأوراق والأفكار، سيئة التهوية والإنارة أحيانا، بعيدة كل البعد عن عدسات الفضائيات، وهى ظروف لا ينجذب إليها كثير من الناس فى بلادنا إلا من رحم ربى.
     أهداف التنمية المستدامة التى تراوحت بين أهداف بيئية وأخرى مجتمعية وثالثة تتعلّق بالحوكمة الرشيدة، لم تعد مجرّد شعارات يتشدّق بها خبراء المؤسسات الدولية وبنوك الاستثمار الكبرى من أجل الحصول على امتيازات ضريبية وتسهيلات تمويلية... فقد بات من المؤكد أن استمرار الوضع الراهن المهدر لموارد الكوكب لن يكون ممكنا، وأن الحفاظ على مستويات معيشة آمنة وعلى اقتصاد مستقر، بل وعلى بيئة صالحة للحياة، لن يتحقق إلا ببذل جهود مشتركة على مختلف الأصعدة لتحقيق أهداف محددة بعناية بالغة، وقابلة للقياس الدقيق.
     نتطلع بكل أمل إلى قمة الأطراف القادمة فى شرم الشيخ، أن تحقق الإنصاف فى قضايا البيئة وتغيّر المناخ. أن تتابع التعهدات السابقة للدول والمؤسسات بصورة محترفة، وأن تصوغ رؤية جديدة وأهدافا قابلة للقياس فى شتى مجالات العمل المحققة لأهداف التنمية المستدامة، وفى مقدمتها تحوّل الطاقة وتحسين كفاءتها، وإدارة ملفات المياه فى إطار العلاقات الدولية المنضبطة، بما يقلل من خطورة تداعيات الفقر المائى، التى باتت تهدد الكثير من الدول ومنها مصر، فضلا عن خفض البصمة الكربونية لمختلف الصناعات والأنشطة، وتطوير آليات وأدوات التمويل المبتكرة المحققة لكل ما سبق ذكره من أهداف.
 
 
مدحت نافع 
خبير الاقتصاد وأستاذ التمويل  
 عن صحيفة الشروق 
 
 

 

قناة "يورونيوز" التلفزيونية تبث تقريرًا عن  مخاطر الألغام  في أذربيجان

أحدث الأخبار

"ضد الهجوم الإيراني".. السعودية تعترف بمساعدة إسرائيل
22:12 16.04.2024
مطار دبي الثاني عالمياً بقائمة أكثر المطارات ازدحاماً في 2023
18:00 16.04.2024
توفيق عباسوف : هكذا تتعامل القوي العالمية مع قضايا المنطقة
16:00 16.04.2024
خبير إسرائيلي : إذا اندلعت حرب فإن إيران ستكون الخاسر الأكبر
14:21 16.04.2024
استمرار جلسات الاستماع في القضية التي رفعت ضد أذربيجان في محكمة العدل
13:34 16.04.2024
مركز ترتر الإقليمي للتدريب المهني يعقد دورة تدريبية لفريق إزالة الألغام النسائي
12:41 16.04.2024
لماذا شنت إيران أول هجوم مباشر لها على إسرائيل؟
12:15 16.04.2024
فاسيليس ماراجوس : يجب أن تكون الحدود السوفيتية حدود رسمية
11:58 16.04.2024
مسؤولي الاتحاد الأوروبي يجتمعون مع شارل ميشيل
11:34 16.04.2024
البنك المركزي الصيني يضخ ملياري يوان في النظام المصرفي
11:30 16.04.2024
إيران وروسيا توقعان اتفاقية اقتصادية جديدة
11:18 16.04.2024
زيلينسكي يطالب الغرب بمزيد من الدعم في مواجهة روسيا
11:15 16.04.2024
عام على الحرب في السودان.. كارثة إنسانية في طي النسيان
11:00 16.04.2024
جنوب أفريقيا تطعن على قيود الاتحاد الأوروبي على صادراتها من الحمضيات
10:30 16.04.2024
أمير قطر وأردوغان يبحثان هاتفيا آخر تطورات الأوضاع في غزة
10:17 16.04.2024
أمريكا طلبت وساطة تركيا قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل
10:00 16.04.2024
السعودية وأوزبكستان توقّعان اتفاقية للإعفاء المتبادل من التأشيرة
09:45 16.04.2024
التوترات الجيوسياسية تضغط على سلاسل الإمداد العالمية
09:30 16.04.2024
احتجاجات في عاصمة جورجيا ضد قانون خاص بتمويل المنظمات غير الحكومية
09:15 16.04.2024
ممثلي اللجنة السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي يزورون أغدام
20:00 15.04.2024
احتلال قرباغ أحد أدلة الأيديولوجية العنصرية لأرمينيا”
17:43 15.04.2024
النور محمدوف : يجب رفض الاستئناف الذي قدمته أرمينيا إلى المحكمة الدولية
17:28 15.04.2024
دلفي برونك: الاتحاد الأوروبي هو أكبر حليف لأذربيجان في مجال الحماية من الألغام
16:56 15.04.2024
تورال إسماعيلوف : الاتفاق الأذربيجاني الأردني لا يضر إيران في شيء
16:21 15.04.2024
توكاييف : نرحب برغبة ارمينيا بإبرام اتفاقية سلام مع أذربيجان
13:30 15.04.2024
رئيس كازخستان يصل أرمينيا في زيارة رسمية
13:15 15.04.2024
دول آسيا الوسطى ومجلس التعاون الخليجي: تضافر الإمكانات
13:00 15.04.2024
لماذا تتركز الأعمال الإرهابية الأرمينية في ناخيتشيوان وزانجازور؟
12:45 15.04.2024
الدور الأمريكي لمنع اندلاع حرب إقليمية واسعة بين إيران وإسرائيل
12:30 15.04.2024
وزير الخارجية البريطاني يجري اتصالا هاتفيا مع نظيره الإيراني
12:15 15.04.2024
مصر تستأنف رحلاتها الجوية من وإلى الأردن والعراق ولبنان بعد هجوم إيران على إسرائيل
12:00 15.04.2024
شكرى ينقل رسائل هامة لنظيريه الإيراني والإسرائيلي بضرورة التهدئة
11:45 15.04.2024
حزب الله اللبناني يبارك الهجوم الإيراني على إسرائيل
11:30 15.04.2024
بيراموف يشارك في اجتماع الحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى
11:17 15.04.2024
بولندا تحد من إنتاج مزارع الرياح والطاقة الشمسية وسط زيادة المعروض
11:15 15.04.2024
العاهل الأردني يحذّر في اتصال مع بايدن من توسيع دائرة الصراع
11:00 15.04.2024
تداعيات الحرب الوشيكة بين إيران وإسرائيل علي أذربيجان
10:57 15.04.2024
مفاوضات بريطانية مع أربع دول بشأن المهاجرين
10:53 15.04.2024
الصين تدعو كافة الأطراف للتحلي بالهدوء وضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد
10:45 15.04.2024
التحولات التركية.. الشعب فى صلب دينامية التغيير
10:30 15.04.2024
جميع الأخبار