ألحقت الحرب في السودان، المستمرة منذ عدة شهور بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو، أضرارا وخيمة باقتصاد البلاد. كما أدت إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين سوداني. وللعام الثاني على التوالي، لا تقر موازنة الدولة في البلاد. ويرى الخبير الاقتصادي هيثم فتحي أن ما يحدث يعكس الغياب التام للدولة السودانية، ما يؤثر على الاقتصاد بكل قطاعاته. وأفاد صندوق النقد الدولي في تقرير الشهر الماضي بأن هذا النزاع أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، كما توقف النشاط الاقتصادي في أجزاء كبيرة من البلاد، ما ساهم في استمرار معدلات النمو السالبة .
وجهت الحرب الدائرة في السودان منذ عدة شهور ضربة قاضية للاقتصاد السوداني، الذي كان يمر بمرحلة صعبة أصلا، بسبب سنوات من الحروب والعزلة مع استمرار إغلاق المصارف وتوقف حركة الاستيراد والتصدير وانهيار قيمة العملة المحلية. وخلفت الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، التي اندلعت في أبريل، آلاف القتلى بينهم بين عشرة و15 ألف قتيل في مدينة واحدة في إقليم دارفور (غرب)، وفق تقديرات خبراء من الأمم المتحدة. كما أدى القتال إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين سوداني داخل البلاد وإلى دول الجوار.
ويُستخلص الصمغ من عصارة صلبة مأخوذة من شجرة الأكاسيا، وهو مستحلب ذو أهمية كبيرة يُستخدم في صناعات شتى، من المشروبات الغازية إلى العلكة مرورا بالمستحضرات الصيدلانية. والسودان في صدارة البلدان المنتجة للصمغ، ويستحوذ على حوالى 70% من تجارته العالمية، بحسب الوكالة الفرنسية للتنمية. وعلى الرغم من كل هذه التكلفة وإيصال البضاعة إلى المدينة السودانية المطلة على البحر الأحمر، لم تكف أموال رجل الأعمال السوداني لإتمام عملية التصدير. ويقول "لم أستطع تصدير الصمغ حتى الآن. وأفاد تقرير لهيئة الموانئ السودانية عن تراجع حجم الصادرات والواردات في العام 2023 بنسبة 23% مقارنة بالعام السابق له.
ولا تتوقف التعقيدات عند هذا الأمر، إذ زادت معاناة المصدرين بشكل عام إثر قرار من وزارة المالية السودانية برفع قيمة الدولار الجمركي، أي مؤشر تعرفة الجمارك في حال تذبذب أسعار الصرف، ليسجل 950 جنيها بدلا من 650 جنيها. وانخفضت قيمة العملة المحلية السودانية إزاء الدولار الأميركي منذ اندلاع الحرب ليسجل سعر صرف الدولار حاليا 1200 جنيه مقابل 600 جنيه في أبريل الماضي. كما أدت الحرب إلى توقف 70% من فروع المصارف في مناطق القتال، بحسب تقرير لبنك السودان المركزي، وتم نهب ممتلكات وأصول وموجودات البنوك. وللعام الثاني على التوالي، لا تقر موازنة الدولة في السودان. ويرى الخبير الاقتصادي هيثم فتحي أن ما يحدث يعكس الغياب التام للدولة السودانية، ما يؤثّر على الاقتصاد بكل قطاعاته.
وأفاد صندوق النقد الدولي في تقرير الشهر الماضي بأن الصراع في السودان أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، كما توقف النشاط الاقتصادي في أجزاء كبيرة من البلاد، ما ساهم في استمرار معدلات النمو السالبة عقب الانكماش الحاد الذي شهده عام 2023. وكانت المؤسسة المالية الدولية توقعت انكماش اقتصاد السودان لعام 2023 بنسبة 18%.
ومع توسع الحرب إلى ولاية الجزيرة في وسط السودان، والتي تضم أحد أكبر المشروعات الزراعية في القارة الأفريقية على مساحة مليوني فدان، تراجعت المساحة الزراعية في البلاد لتصبح المحاصيل المزروعة تغطي مساحة 37% فقط من إجمالي الأراضي المهيئة للزراعة، بحسب تقرير أعده مركز "فكرة" السوداني للدراسات والتنمية.
وحذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الأربعاء من أن الحرب في السودان دفعت البلاد إلى شفير الانهيار، إذ تعاني الغالبية العظمى من السكان من الجوع. وقال مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إيدي رو لصحافيين في بروكسل في هذه المرحلة، أقل من 5% من السودانيين يستطيعون تأمين وجبة كاملة في اليوم.