سارع السعوديون أمس، إلى مبايعة الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، وذلك في قصر الصفا في مكة المكرمة، حيث بايعوا ولي العهد على الكتاب والسنة، حثهم على ذلك إيمانهم العميق بالله، والمحافظة على وحدة الوطن، وحبهم لقادتهم، وثقتهم بولي العهد الذي يتميز بالحكمة وقوة الإرادة.
ويعد قصر الصفا شاهداً على الأحداث التاريخية الفاصلة في عهد المملكة، حيث يوثق العلاقة الوطيدة التي يكنها الشعب لقيادته، والحب المتبادل بين الطرفين، كما يميزه قربه الاستراتيجي من المسجد الحرام، حيث ظل هذا القصر التاريخي شاهدا على الكثير من القرارات المحورية والتاريخية التي صبت في خدمة القضايا المحورية في المنطقة، وتأتي مبايعة السعوديين لمحمد بن سلمان ولياً للعهد في هذا القصر أمس دليلاً واضحاً على سلاسة وسهولة انتقال ولاية العهد في السعودية.
فالبيعة هي المعاهدة والعقد بين الرعية والراعي (المحكومين والحاكم) على كتاب الله تعالى وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام - بالسمع والطاعة للملك أو السلطان بما يرضي الله تعالى بأنفس راضية مقتنعة مطمئنة، مقرة بذلك في القيام بكل ما يطلبه الإمام منا من أمور لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وسواء أكان ذلك في العسر أو اليسر، أو في الشدة والرخاء، أو في المنشط والمكره. ولقد كانت البيعة منذ فجر الحضارة الإسلامية.
ولعل ما رصدته كاميرات التلفزيون في مجلس البيعة صورة مشرقة عن التلاحم والوحدة، ومشاعرالمحبة المتبادلة بين ولاة الأمر والمواطنين، حيث إن البيعة مظهر من المظاهر التي سار عليها قادة البلاد.
وكان الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية سابقاً - رحمه الله - قد قال إن من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر، ومن النصح الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة، لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له أن يكون له وزير صدق يعينه على الخير، ويذكره إذا نسي، ويعينه إذا ذكر، هذه من أسباب توفيق الله له.
وأضاف أن الواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح والقضاء على الشر، وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر، وكل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز، لأن المقصود من الولايات كلها تحقيق المصالح الشرعية، ودرء المفاسد.
ويعد قصر الصفا من القصور الملكية الحديثة، ويقع في مكة المكرمة، ويطل على المسجد الحرام، وأمر ببنائه الملك خالد بن عبدالعزيز في عام 1980، ويقع على مساحة 240 ألف متر مربع، وأضيفت له بعض المباني في عهد الملك فهد، وفي عهد الملك سلمان أقيمت به قاعة المؤتمرات.
يتربع على جبل أبي قبيس المعروف تاريخيا باحتضانه للحجر الأسود عند حادثة الطوفان في عهد النبي نوح عليه السلام، الذي كان يضم دار الأرقم ابن أبي الأرقم، التي أقام فيها الرسول وأصحابه صلاتهم سرا خوفا من أذى قريش.
شهد عديد من الأحداث السياسية البارزة، منها انعقاد القمة الإسلامية في عام 2012، وتقيم فيه الحكومة في المنتصف الأخير من شهر رمضان والعشر الأواخر.