قصة أشهر قلعة اسكتلندية دافع عنها المقاتل الأسطوري "ويليام والاس"

ثقافة 22:30 11.04.2018

قلعة ستيرلينغ ليست فقط واحدة من أكبر قلاع اسكتلندا وأكثرها شهرة، بل هي إحدى أكثر القلاع أهمية ورمزية في تاريخها.

تعاقب الإنجليز والاسكتلنديون على السيطرة على قلعة ستيرلينغ لعدة مرات عبر التاريخ، إذ حوصرت ثماني مرات في تاريخها. ومع نهاية حرب الاستقلال الاسكتلندية الأولى عام 1328، استطاع قادة اسكتلندا استردادها، إذ أمر ملك اسكتلندا في ذلك الوقت، روبرت ذا بروس، بتدمير دفاعات القلعة حتى لا يتمكن الإنجليز من إعادة احتلالها.

لكن دور قلعة ستيرلينغ في مثل هذه الأحداث التاريخية لم يتوقف. فبعد ذلك بسنوات قليلة، أصبحت المقر الباذخ لأسرة ستيوارت الملكية، بمن فيهم الملكة ماري، ملكة اسكتلندا بعد ذلك، والملك جيمز.

والآن، أصبحت هذه القلعة إحدى أشهر أماكن الجذب السياحي في إدنبرة، فقد زارها عام 2015 نصف مليون زائر، وتظهر صورة أسوارها على ورقة العشرين جنيها استرلينيا في اسكتلندا.

رمز قديم

ورغم شهرة هذه القلعة في التاريخ الاسكتلندي، إلا أن تاريخها يعود إلى ما قبل ظهور البلاد ككيان سياسي. وربما شيدت أسوارها الأولى قبل ثلاثة آلاف عام.

قلعة ستيرلينغ في اسكتلندا

ما نعرفه هو أن القلعة كانت مرتبطة بالعائلات الملكية الاسكتلندية حتى العصور الوسطى

ويعتقد أن مملكة محلية، ربما كانت تتبع قبيلة "فوتاديني" السلتية، قد شيدت هذه القلعة على جبل قبل ألفي عام، وتقول السجلات التراثية إن الرومان حصنوا الموقع الجبلي في القرن الأول الميلادي. ويقال أيضا إن كينيث ماكالبين، المعروف بأنه "أول ملك لاسكتلندا" قد حاصر القلعة في القرن التاسع الميلادي.

لكن شأنها شأن الروايات التي تقول إن قلعة ستيرلينغ كانت مقر عرش الملك آرثر، تعتبر المزاعم المتعلقة بالملك ماكالبين (الذي ربما حتى لم يكن اسكتلنديا) أقرب إلى الخرافة منها إلى الحقيقة.

مقر إقامة ملكي

تُظهر السجلات التي تعود إلى عام 1110 أن الملك ألكسندر، ملك اسكتلندا آنذاك، كان يدفع أموالا لصيانة مُصلى العبادة بالقلعة، كدليل رسوخ علاقة العائلة الملكية بتلك القلعة. وفي نفس الوقت تقريبا، شُيدت المباني والساحات ضمن الأسوار القديمة القائمة وأعمال الحفر التي تحيط بها.

ولا بُدّ أن أعمال البناء والتشييد الجديدة قد أقيمت لتناسب ملكا من الملوك، إذ أن الملك ألكسندر نفسه توفي في القلعة عام 1124. وفي منتصف القرن الثاني عشر، باتت القلعة مركزا إداريا رئيسيا للبلاد.

وكان الجميع، من الرومان والسلتيين، والاسكتلنديين، لهم انجذاب دائم لقلعة ستيرلينغ بسبب موقعها المتميز بدرجة رئيسية. فالقمة الصخرية للقلعة تكونت في البداية من ثورة بركان قبل 350 مليون عام.

وفي الألفيات التي تلت ذلك، دُفنت تلك الحمم تحت الجليد والحجر الرملي. وكغيرها من أراضي اسكتلندا الغريبة، يعود الشكل الحالي لتلك الصخرة إلى نهاية العصر الجليدي الأخير قبل حوالي عشرة آلاف سنة. وعندما انحسرت طبقات الجليد، كشفت عن الارتفاع الذي عليه الصخرة الآن.

في تقاطع الطرق

المكان الذي تنتصب عليه الصخرة، التي شيدت القلعة فوقها، ينطوي على أهمية استراتيجية كبيرة، إذ يمر بها التقاطع بين منطقة الهايلاندز (شمال اسكتلندا) في الشمال والغرب، وفورث فالي، نزولا إلى إدنبرة في الجنوب الشرقي. وكل من بنى حصنا في هذا المكان سيمتلك السيطرة والرؤية لتقاطع الطرق بين المنطقتين.

وسيكون أيضا باستطاعته مراقبة الجسر المستخدم كثيرا فوق نهر فورث، وهو نقطة عبور مهمة بين منطقة الهايلاندز (شمال اسكتلندا) وجنوب اسكتلندا. كان هذا سببا كبيرا في لعب القلعة ذلك الدور الأساسي في الحروب والنزاعات المختلفة.

قلعة ستيرلينغ في اسكتلندا

بحلول عام 1304، كانت قلعة ستيرلينغ آخر القلاع التي يسيطر عليها الاسكتلنديون

وكانت حروب استقلال اسكتلندا من أكثر هذه النزاعات شهرة. ففي أواخر القرن 13، كان جون ملك اسكتلندا أقل استجابة مما هو متوقع لمطالب ملك إنجلترا إدوارد الأول.

وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما تفاوض الملك الاسكتلندي على اتفاقية مع فرنسا ضد إنجلترا، فسارع إدوارد باجتياح قلعة ستيرلينغ والسيطرة عليها.

لكن أبناء اسكتلندا بقيادة محاربيهم الأسطوريين، ويليام والاس، وأندرو موراي، تمكنوا من استعادة القلعة في موقعة جسر ستيرلينغ الشهيرة.

ويرى الناظر من قلعة ستيرلينغ الساحة التي دارت فيها تلك المعركة، وصولا إلى نصب والاس الوطني، وهو عبارة عن برج حجري أُقيم تخليدا لبطل الحرب الاسكتلندي.

لكن انتصارهم هذا لم يستمر، فبعد هزيمة ساحقة في موقعة فالكيرك، تنازل الاسكتلنديون عن القلعة للإنجليز من جديد. وحاصرت القوات الاسكتلندية، بقيادة روبرت ذا بروس، الذي أصبح فيما بعد ملكا على الاسكتلنديين، القلعة ونجحت في استعادتها.

وبحلول عام 1303، عاد المد والجزر من جديد، إذ تمكن الإنجليز هذه المرة من الانتصار في هذا الصراع، رغم أنهم لم يتمكنوا بعد من السيطرة على القلعة.

تمثال روبرت ذا بروس

تمثال روبرت ذا بروس، مع تاريخ معركة بانوكبيرن في 24 يونيو/حزيران في عام 1314، ينتصب الآن كتذكار في ساحة القلعة

وجاء إدوارد، الملك الإنجليزي، لسحق ما تبقى من الجيش الأسكتلندي، فاتحاً القلعة من جديد عام 1304. لكن عندما مات إدوارد عام 1307، حاصر روبرت ذا بروس قلعة ستيرلينغ في محاولة لاستعادتها للأبد.

وعندما توجهت التعزيزات الإنجليزية إلى الشمال لمحاولة مساعدة الحامية الإنجليزية، وتأمين القلعة، قابلت في طريقها قوات الملك روبرت ذا بروس.

وتُوج ذلك اللقاء بمعركة بانوكبيرن عام 1314. وقد أُبيد فيها الجيش الإنجليزي، الذي غاص في أرض موحلة بين بانوكبيرن ونهر فورث. وقد خُلدت المعركة فيما يُعرف بالنشيد الوطني الاسكتلندي غير الرسمي.

لكن حتى بعد أن فكك الملك روبرت ذا بروس دفاعات القلعة للحيلولة دون تمكن الإنجليز من السيطرة عليها مجددا، لم تختف قلعة ستيرلينغ من ذاكرة التاريخ. فبعد أن وضعت حروب الاستقلال الاسكتلندية أخيرا أوزارها في أواسط القرن الرابع عشر، بدأ الملك روبرت الثاني بترميم القلعة.

واستمرت الملكيات الاسكتلندية المتعاقبة في إعادة تشكيل القلعة وما حولها حسب الحاجة. وأحد البنائين الطموحين كان الملك جيمس الثالث (1460-1488)، الذي ربما كان هو من وضع حجر الأساس للقاعة الكبرى التي مازال بإمكانك رؤيتها هذه الأيام.

قلعة ستيرلينغ في اسكتلندا    

 بنى الملك جيمس الرابع أيضا هذا المدخل الذي كان أكثر إثارة للإعجاب في عصره عندما كان بارتفاع خمسة طوابق

وإلا أن من جاءوا بعد جيمس هم من أضفوا على القلعة منظرها الحالي. وفي مسعى من الملك جيمس الرابع لمنافسة معاصريه، من أمثال ملك إنجلترا هنري السابع، شيد مبنى الملك القديم كمقر لإقامته، إلى جانب القاعة الملكية الكبرى.

وبعد إجراء ترميم حديث للقلعة الكبرى في عام 1999، أثار اللون البرتقالي الشاحب المستخدم في الطلاء حالة من الجدل، لكنه عمليا كان محاولة لإعادة ألوان القاعة التي كانت عليها في القرن السادس عشر إبان حكم الملك جيمس الرابع.

وتولى الملك جيمس الخامس العرش في 1513، وكان له فيما بعد برنامج بناء خاص به. فقد بنى القصر الباذخ، كما يظهر في الصور، كمقر لإقامته مع زوجته، وهي فرنسية من النبلاء اسمها ماري أوف جايز، والدة ماري ملكة الاسكتلنديين.

ملوك صغار

غرفة ملكية داخل قلعة ستيرلينغ

 الغرف الملكية مازالت تبدو كما كانت في أربعينيات القرن السادس عشر، وهذه إحدى غرف الملكة كاملة مع شعار ماري أوف جايز

وقد جرت مراسم تتويج الملكة الاسكتلندية ماري وهي رضيعة في سن تسعة أشهر، في قلعة ستيرلينغ في عام 1543، وهو المكان الذي قضت فيه الملكة الوليدة سنوات حياتها الأولى.

وهو أيضا المكان الذي عادت إليه لتربية ابنها، الذي تُوج بوصفه الملك جيمس السادس. كما أن الجسر، الذي مازال يربط بين القاعة الكبرى وغرف ماري الخاصة، شُيّد بناء على طلبها، حتى يوفر لها وصولا سهلا للقاعة الكبرى لتعميد الأمير الرضيع.

وتبقى قلعة ستيرلينغ هذه الأيام رمزا صارخا للتاريخ الاسكتلندي، ووجهةً يعشقها الزوار من كل أرجاء العالم.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Travel

 
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

هل يفي باشنيان بوعده باحلال السلام مع أذربيجان بحلول نوفمبر المقبل؟
17:34 13.05.2024
غالانت يُطلع بلينكن على مستجدات عملية رفح
17:00 13.05.2024
نتانياهو: إسرائيل في صراع وجودي ضد "وحوش حماس"
16:00 13.05.2024
ميرزايف يحصل علي شهادة فخرية من حزب أذربيجان الجديدة
15:30 13.05.2024
لم يعد أمام باشينيان حلول سوي إبرام اتفاق سلام مع أذربيجان واستعادة العلاقات مع تركيا
14:52 13.05.2024
سفير أمريكا لدى إسرائيل ينفي حدوث تغير في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب
14:00 13.05.2024
برلماني أوكراني : روسيا تعيش أوضاع "مضطربة"
13:30 13.05.2024
ماذا نعرف عن أندري بيلوسوف؟
13:15 13.05.2024
مستشار خامنئي: طهران منفتحة على إجراء محادثات مع واشنطن
13:00 13.05.2024
شابس: شويغو مسؤول عن 355 ألف ضحية في صفوف الجيش الروسي
شابس: شويغو مسؤول عن 355 ألف ضحية في صفوف الجيش الروسي
12:45 13.05.2024
رجل يطلق النار من برج سكني في هامبورغ
12:30 13.05.2024
ليتوانيا: إقالة شويغو "رسالة" للشعب الروسي
12:15 13.05.2024
9 قتلى جرّاء هجوم صاروخي أوكراني على بيلغورود
12:00 13.05.2024
أردوغان تركيا الأكثر تقديما للمساعدات إلى غزة
11:45 13.05.2024
مقدونيا الشمالية.. الرئيسة تمتنع عن لفظ اسم بلدها خلال أداء اليمين الدستورية
11:30 13.05.2024
طهران تترقب وصول فريق من الذرية الدولية لبحث التعاون بينهما
11:15 13.05.2024
قس أرمني: أريد العودة إلى قاراباغ
11:12 13.05.2024
بريطانيا: جاهزون للحرب
بريطانيا: جاهزون للحرب
11:05 13.05.2024
سلطان عُمان يبدأ الاثنين «زيارة دولة» إلى الكويت
11:00 13.05.2024
رئيس وزراء جورجيا يتعهد بتمرير قانون العميل الأجنبي خلال أيام
10:45 13.05.2024
حزب الله يدخل ثالث منظومات الصواريخ الثقيلة إلى المعركة ضد إسرائيل
10:30 13.05.2024
تساؤلات بشأن اهتمام طائفة البهرة بتطوير مساجد آل البيت في مصر
10:15 13.05.2024
برنامج الأغذية العالمي يحذر من نزوح جديد لعائلات غزة بحثا عن الغذاء
10:00 13.05.2024
القاهرة تصعد تدريجياً ضد تل أبيب
09:45 13.05.2024
الأونروا ادعاءات إسرائيل بوجود مناطق آمنة بغزة كاذبة ومضللة
09:30 13.05.2024
الرئيس الروسي يقيل وزير الدفاع سيرجي شويجو
09:15 13.05.2024
أردوغان نتنياهو تخطى هتلر في أساليب الإبادة الجماعية
09:00 13.05.2024
روسيا تحرز تقدما جديدا في الاشتباكات الحدودية قرب خاركيف
16:00 12.05.2024
انطلاق احتفالية شوشا عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024
15:00 12.05.2024
رئيس ليتوانيا يأمل في الفوز بولاية جديدة في انتخابات
14:00 12.05.2024
سلطان عمان في زيارة دولة إلى الكويت
13:00 12.05.2024
رئيس وزراء اليونان يزور تركيا
12:00 12.05.2024
اندلاع حريق في مصفاة نفط في روسيا
12:00 12.05.2024
يشبه المهاجرين بثعبان
11:00 12.05.2024
بايدن يضع شرطاً لوقف حرب غزة
10:00 12.05.2024
العراق يطيح بشبكتين دوليتين للإتجار بالبشر
09:00 12.05.2024
هايدي كون تجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي
17:29 11.05.2024
المصور الإسباني جيرفاسيو سانشيز يزور مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
16:38 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
جميع الأخبار