ذكرى مؤرخ شبه الجزيرة العربية.. هل تنبأ عبد الرحمن منيف بذوبان الملح ومصير مدن النفط؟

ثقافة 14:00 27.01.2020
قبل 16 عاما وبالتحديد في 24 يناير/كانون الثاني 2004، توفي الأديب الروائي السعودي عبد الرحمن مُنيف الذي اعتبر من أهم الكتاب والروائيين العرب في القرن العشرين، ولقب براوي سيرة الجزيرة العربية المعاصرة، علما بأنه سُحب منه جواز سفره السعودي عام 1963.
 
عمل منيف صحفيا واقتصاديا وخاض غمار النشاط السياسي في العراق، قبل أن يُبعد عنه في أعقاب توقيع "حلف بغداد" عام 1955، وكان مناوئا للأنظمة العربية الملكية والجمهورية على حد سواء بعد هزيمة 1967، وهي الفترة التي تحول بعدها لممارسة السياسة بطريقة أخرى، عبر الكتابة الأدبية.
 
اشتهر منيف بخماسيته "مدن الملح" التي تتناول صور الحياة في الجزيرة العربية مع بداية اكتشاف النفط والتحولات المتسارعة التي غيرت مدن الجزيرة وقراها، بما في ذلك رفض السكان للتنقيب عن النفط واستعمال السلطة للعنف، وتحول الصحراء إلى حقل نفط، وصراعات العائلة الحاكمة في الجزيرة العربية، ورصد أحوال الناس وتغير العادات والأمكنة وأشكال الانتماء والهوية.
 
وقال منيف إنه قصد بـ"مدن الملح" المدنَ التي نشأت في برهة من الزمن بشكل استثنائي غير طبيعي، بمعنى "أنها لم تظهر نتيجة تراكم تاريخي طويل أدى إلى قيامها ونموها واتساعها، وإنما هي عبارة عن نوع من الانفجارات نتيجة الثروة الطارئة؛ هذه الثروة (النفط) أدت إلى قيام مدن متضخمة أصبحت مثل بالونات يمكن أن تنفجر، أن تنتهي، بمجرد أن يلمسها شيء حاد".
 
مؤرخ الجزيرة
في حديثه للجزيرة نت، بدأ الناقد الأدبي الروائي السوري هيثم حسين كلامه عن مُنيف بوصفه "مؤرّخَ شبه الجزيرة العربية الاجتماعي" الذي كتب تفاصيل تغيراتها ومنعطفاتها التاريخية الحادة، التي بلورت شخصية أبناء المنطقة ولعبت دورا في رسم مصائرهم.
 
وأضاف أن منيف انتصر لروح المكان وأصالته ضدّ اجتياح قيم غريبة تحت أقنعة التغيير، وتابع "لم يكن منيف ماضويا في مدن الملح، ولم تكن موران (دولة مُتخيلة شهدت انقلاب فِنَر على أخيه في رواية الأخدود) بالنسبة إليه الحلم المبدّد، بل كانت الروح التي كان يرنو إليها، والتي كان يدرك فداحة الحاصل فيها من كوارث بحقّ الأرض والبشر فيها".
 
وذكر حسين أن المدن التي صاغها منيف روائيا، سواء كانت موران أو عمورية أو "أرض السواد" (عنوان ثلاثية منيف التي تتناول العراق) أو غيرها من الأمكنة في شرق المتوسط أو جنوبه، كانت -رغم أنّها طاردة لأبنائها وضاغطة عليهم- تحتفظ بذاك الأمل المخبوء بين طيّات اليأس الذي حرص منيف على تفكيك شفراته، على أمل أن يتمكّن أبناء هذه الأماكن راهنا أو مستقبلا من التمتّع بجماليتها وعظمتها في يوم منشود قريب.
واعتبر حسين أن لكل مدينة عربية نصيبا من منيف، وله فيها حضور وتاريخ، إذ كان منتميا لكل العواصم العربية، حاضرا فيها. فكتب عن عمّان وبغداد ودمشق وبيروت وغيرها، وبالإضافة إلى أمكنته الأثيرة في شبه الجزيرة العربية، كتب عن المنفى والغربة والضياع، وكان وفيّا لعظمة الكتابة كقضية وسلاح لتحدي الطغيان، فكان مجسّدا للانتماءات الساحرة في شخصيته وكتابته.
 
السياسة والأدب
كتب منيف 11 رواية، منها: خماسية "مدن الملح" وثلاثية "أرض السواد"، وترجمت رواياته -التي تمزج التوثيق التاريخي بالخيال الأدبي- إلى العديد من اللغات الأجنبية. 
 
وتنقل منيف -الذي ولد في العاصمة الأردنية عمان عام 1933 لأب سعودي من نجد وأم عراقية- بين العديد من العواصم، ودرس الحقوق في بغداد التي طرد منها ليواصل دراسته ويتخرج من جامعة القاهرة، قبل أن ينتقل ليوغسلافيا السابقة في منحة دراسية مدعومة من حزب البعث، فنال الدكتوراه في اقتصاديات النفط من جامعة بلغراد عام 1961.
 
قدم منيف تاريخا للمجهولين الذين لم يكتب عنهم أحد، وكشف عن مظالم السلطات العربية، وبدأ تناول آثار النفط على المجتمع في روايته "سباق المسافات الطويلة" التي تروي صعود حكومة مصدق في إيران وسقوطها والصراع بين القوتين الاستعماريتين البريطانية والأميركية على نفط إيران.
 
 
 
الكتابة نضالا
ويعرف عن منيف تبنيه للاتجاه اليساري العروبي، ويقول هيثم حسين إن كتاباته انطلقت من هموم ظلت محور اهتمام حياته، فكانت الكتابة "أداة نضاله الإنسانية".
 
ومارس منيف النشاط الحزبي خلال فترة انضمامه لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان عضوا في قيادته القومية، قبل أن ينهي علاقته السياسية والتنظيمية به مطلع الستينيات.
عاد منيف مرة أخرى إلى العراق عام 1975، وغادر بعدها لفرنسا في بداية الثمانينيات ليتفرغ للكتابة ويتجنب الحرب العراقية الإيرانية التي كان يراها "حربا مجانية بلا مبرر"، وكان معارضا لنظام الرئيس السابق صدام حسين وللاحتلال الأميركي للعراق على حد سواء.
 
عبّر منيف عن "خيبة العربي بعد النكسات التي تعرّض لها في مواقف تاريخية معيّنة" بحسب حسين، فمثلا تعبر رواياته "الأشجار واغتيال مرزوق" و"حين تركنا الجسر" و "سباق المسافات الطويلة" عن مرارة الخيبة بمعانٍ مختلفة في لقطات وتفاصيل منها، وتبدو جلية فيها تلك الخيبة التي تستوطن الإنسان وتشعره بأنه نزيل الهزائم طوال تاريخه وحياته، وأن عليه البحث عن سبل للخلاص.
 
ويرى الناقد الأدبي مؤسس موقع الرواية العربية أن الكتابة كانت سلاح منيف لتعرية الاستبداد وبثّ نوع من الأمل في نفوس الذين أصبحوا نزلاء اليأس القاتل.
 
لذلك بحث منيف عن بناء الإنسان لأنه أهمّ من القصور، وهو الذي يمكن أن يبني المدن، وتمرّد على مفهوم بناء الجدران قبل بناء الإنسان، لذلك فإن رواياته توثيق لتلك الأصالة التي من شأنها أن تساهم في بناء الإنسان روحيا، لا أن تبقيه هيكلا أجوف في مدن مصطنعة أشبه ما تكون بمعسكرات مرفّهة.
 
وختم حسين حديثه قائلا إن عبد الرحمن منيف وطّد بنيان الرواية العربية، وامتلك كل عمل من أعماله وثيقة، سواء تاريخية أو اجتماعية، جرأة المواجهة والمغامرة، ولا يمكن الحديث عن رواية عربية مكتملة الأركان من دون أن يكون لمنيف الحصة الكبرى من التقدير والاعتراف والتبجيل.
 
 
 

 


الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
نشر معلومات جديدة عن الهجوم الإرهابي في روسيا
10:34 28.03.2024
رياح الجنوب تحمل الرمال الساخنة إلى جنوب شرق أوروبا
10:30 28.03.2024
آيرلندا تعتزم التدخل في قضية الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل
10:15 28.03.2024
الفلبين تؤكد الإفراج عن طاقم ناقلة نفط محتجزة في إيران
10:00 28.03.2024
العراق يبرم اتفاقا لتوريد الغاز مع إيران لمدة 5 سنوات
09:45 28.03.2024
إسرائيل استهدفت 212 في غزة مدرسة بشكل مباشر
09:30 28.03.2024
أردوغان نبذل قصارى جهدنا لينعم إخواننا في غزة بالسلام
09:15 28.03.2024
ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 32 ألفا و490 شهيدا وأكثر من 74 ألف إصابة
09:00 28.03.2024
بيتر ثيس: أذربيجان أصبحت شريكًا مهمًا للناتو بعد الحرب الأوكرانية
18:30 27.03.2024
توفيق عباسوف: أرمينيا تسعي إلي دعم التوجهات المناهضة لأذربيجان في جورجيا
17:38 27.03.2024
الولايات المتحدة تفرض عقوبات علي الصين
16:09 27.03.2024
تواصل ردود الفعل على اتفاق جوجل وإسرائيل
16:03 27.03.2024
هجوم سيبراني صيني يضرب المملكة المتحدة ونيوزيلندا
15:06 27.03.2024
أوكرانيا وبولندا تكملان عقد المتأهلين إلى نهائيات يورو 2024
14:59 27.03.2024
من التالي بعد هجوم موسكو؟
14:07 27.03.2024
تحذير من رئيس صربيا بشأن خطر محتمل قد يعم البلاد
13:30 27.03.2024
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
13:23 27.03.2024
خبراء ينجحون في إذابة الثلج من على عدسة تليسكوب إقليدس
10:30 27.03.2024
الهجرة تتسبب بهلاك أو اختفاء أكثر من 63 ألف شخص في العقد الماضي
10:15 27.03.2024
هنية يلتقي عبد اللهيان في طهران... ويؤكد إسرائيل فشلت بتحقيق أهدافها
10:00 27.03.2024
الكاكاو يكسر حاجز الـ10 آلاف دولار للطن عالميا
09:45 27.03.2024
السعودية تستهدف دخول قائمة أكبر 10 دول في مجال السياحة
09:30 27.03.2024
الأزمة الطبية في مستشفيات قطاع غزة وصلت لمستوى لا يمكن تصوره
09:15 27.03.2024
18 قتيلا في إنزال جوي خاطئ للمساعدات على غزة
09:00 27.03.2024
جميع الأخبار