أوزبكستان ومنابع الحضارة الإسلامية

ثقافة 12:58 20.07.2020

بقلم: أحمد عبده طرابيك

 نهضت الأمة الإسلامية وأقامت حضارتَها التي أبهرت العالم بإنجازاتها العلميَّة والَّثقافيَّة، بفضل جهود أعلام عظام، عزَّ تاريخ الإنسانيَّة القديم والحديث أن يجود بمثلهم؛ ولا غَرْوَ فهم رواد الحضارة وأعلامها، وهم صور رائعة تعكس سمو هذه الحضارة الإسلاميَّة الإنسانيَّة، حتى صاروا مرادفاً لها؛ وغدا ذِكْرهم ذِكْراً لهذه الحضارة، كما غدتْ دراسة حياتهم دراسة لها أيضاً، والإقتداء بهم شرف لكل من أراد السير علي دربهم.    
      بلغ البحث العلمي قمته في الحضارة الإسلامية، مع بداية القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، حتى القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وقد صاحب تلك الطفرة العلمية، نهضة ثقافية وحضارية شملت العلوم الإنسانية والفنون والعمارة وعلوم اللُّغة، حيث سادت اللُّغة العربيَّة بعدما أصبحت لغة العلم والثقافة، وقد أخذ هذا كله شكل حركة دائبة في داخل حضارة متكاملة نشطة، وتعدَّدت أسماء العلماء في مختلف مجالات وفروع العلم والمعرفة، ورغم انتماء هؤلاء العلماء لأصول اجتماعية متغايرة في اللغة والقومية والجغرافيا، إلا أنه قد صهرتهم الثقافة الجديدة التي نشأوا فيها وتحركوا في داخلها، حركة عمادها الخبرة والثِّقة في الذَّات، والرؤى النَّافذة التي لاح لهم من خلالها طرق لم يسلكها أحد من قبل في الثقافات التي خلت وأصبحت اللُّغة العربيَّة لغة كل المعارف، وأصبحت المدن الإسلاميَّة حواضر يقصدها طلاب العلوم من مختلف أرجاء الأرض، جمعتهم أهداف سامية، هي الإجتهاد من أجل الرقي بأمتهم وبناء مجدها الخالد.   
     لقد ارتبطت أوزبكستان ومعها منطقة آسيا الوسطى بالحضارة الإسلاميَّة منذ القرن السَّابع الميلادي حينما فتحها العرب المسلمون وأطلقوا عليها "بلاد ما وراء النهر"، وقدمت منذ ذلك الحين الكثير من العلماء الذين كانت لهم إسهامات مشهودة في علوم الرياضيات والطب والفلسفة والحديث والفقه واللغة، وقد ساهمت أوزبكستان بشكل خاص بلاد بقسط وافر في الموروث الحضاري الإسلامي، حيث تعتبر من أكثر بقاع العالم الإسلامي ثراءً من حيث مواطن العلماء الذين أثروا الحضارة الإسلاميَّة بعلمهم الواسع في مختلف فروع العلوم والمعرفة، ويرجع ذلك إلى أن سكان المنطقة عرفوا استقراراً حول نهري سيحون وجيحون، المعروفاتن حالياً باسم سرداريا وأموداريا، حيث انتشر حولهما التَّحضر والعمران، وقد أثرت ثنائية "بدو، حضر" في منطقة ما وراء النهر وخراسان فظهرت في أوزبكستان أغلب الحواضر ذات التأثير الثقافي والديني كسمرقند، وبخارى وترمذ، وشاش، وخوارزم ، وغيرها.    
     يعبر إنتاج علماء المسلمين الضخم في مجال العلوم والرياضيات عن المكانة العظيمة التي وصلت إليها الحضارة العربيَّة والإسلاميَّة، ولا شك أن لعلماء العرب والمسلمين في هذا الحقل أثراً لا ينكر شأنه وقدره في قيام المدنية الحديثة التي ما كان لها أن تشب وتزدهر في بلاد الغرب لو لم تعتمد على أساس قوي من هذا التراث الإسلامي، فقد تمكن علماء الإسلام من صهر إسهامات الأمم السابقة مع إسهاماتهم في بوتقة واحدة ليقدموا للإنسانية حضارة إسلامية متكاملة.   
    وإذا كان انتشار الإسلام في بخاري، وبلاد ما وراء النهر في حملات العرب الأولي قد لقيت مقاومة وصعوبة، إلا أنه بعد ذلك بفترة وجيزة أقبل سكان تلك البلاد لإعتناق الإسلام عن وعي وإدراك وإيمان وبدون إلزام أو إكراه، فأخذت قبائل الترك تعتنق الإسلام أفواجاً ، وينضمون إلي زمرة المجاهدين الفاتحين لنشر الدين الحنيف  وإعلاء كلمة الله، ومن ثم خرج من تلك البلاد قادة حملوا لواء نصر ة دين الله، وعملوا علي اتساع نشر الدين الحنيف في مناطق لم تعرفه من قبل، وخاصة في عهد الدولة التيمورية التي أسسها الأمير تيمور، وتبعه أبناؤه وأحفاده في ذلك الطريق، حتي أقام حفيده الأمير بابور الدولة التيمورية في الهند.   
      توطدت دعائم الإسلام في وسط آسيا، وازدهرت في عصر أبي جعفر المنصور العباسي، وبدأت العلاقات تتوثق بين شعوب المنطقة وبين المركز الإسلامي في بغداد في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وابنه سليمان بن عبد الملك، ومن ثم ارتبطت آسيا الوسطي كلها "تركستان، أفغانستان، إيران" بالقيادة المركزية الإسلاميَّة  ومن هذه البلاد تدفق العلماء الأجلاء، كما تدفقت الأموال الطائلة إلي المركز الإسلامي في بغداد، وحتي أن المؤرخين وصفوا منطقة آسيا الوسطي بأنها الدُّرة الثَّمينة في تاج الخليفة العباسي.     
      بلغت الحضارةُ الإسلاميَّةُ في عواصم بخاري، سمرقند، شاش، خيوة، مرو، في العصر العباسي مكانةً رفيعةً، وأنشئت معاهد علمية ومدارس للتعليم في كلِّ مدينةِ، فانتشرت اللُّغةُ العربيَّةُ انتشاراً سريعاً واسعاً بين السكان حتَّي كادت تصبح هي اللُّغة السَّائدة. وقد بلغت المعاهد والمدارس في بخاري وسمرقند وطشقند ساميةً تُضاهِي بغداد والأندلس والقاهرة، فكان يفد إليها الطلاب من الشَّرق والغرب، وهكذا خرج من تلك المعاهد والمدارس الكثير من كبار العلماء الذين تركوا لمَن بعدهم مؤلفاتهم الزَّاخرة، وثمرات أفكارهم التي يستضئ بها العلماء والباحثون إلى يومنا هذا.   
     اقترن العديد من أسماء العلماء في أغلب الأحوال بمسقط رأسهم، أو نُسبوا إلي المدن والقري التي عاشوا فيها، أمثال "البخاري، الترمذي، الشاشي، السمرقندي، الفراغاني "، وغيرهم " وهي مدنٌ وقُري معروفة إلى اليوم بأسمائها القديمة أو تم تعديل بعضها مثل شاش التي أصبحت طشقند عاصمة أوزبكستان حالياً.   
     وهذا العام تحتفل مدينة بخاري "عاصمة للثقافة الإسلامية"، وهي تفتخر بما قدمته من اسهامات في الحضارة الإسلامية، يشهد علي تلك الإسهامات التراث الفكري والعلمي لكبار العلماء الذين لم يجود التاريخ بمثيل لهم حتي الآن، يأتي علي رأسهم الإمام البخاري. إلي جانب ما تحتضنه المدينة من تراث معماري يحكي للأجيال علي مر العصور تاريخ تلك المدينة وما قدمته للحضارة الإسلامية.
تواصل جلسات الاستماع بشأن الدعوي  التي رفعتها أرمينيا ضد أذربيجان" في محكمة العدل الدولية - مباشر

أحدث الأخبار

قري قازاخ الأذربيجانية الأربع في الإعلام العالمي
15:00 24.04.2024
مصر ترحب بالقرار الأذربيجاني الأرميني
13:45 24.04.2024
الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
13:30 24.04.2024
تزايد الدين العام يهدد التصنيف الائتماني لفرنسا
13:00 24.04.2024
جامايكا تعترف رسميا بدولة فلسطين
12:30 24.04.2024
ذعر أممي من المقابر الجماعية في غزة... ومطالبات بتحقيق
12:00 24.04.2024
في زيارة علنية نادرة... مسؤولون من كوريا الشمالية يصلون إلى إيران
11:00 24.04.2024
موسكو: تدريبات الناتو في فنلندا "عمل استفزازي"
10:30 24.04.2024
ميرزايف يتحدث عن حرق العلم الأذربيجاني والتركي في أرمينيا
10:00 24.04.2024
7 قتلى و15 جريحاً في حادث سير بالجزائر
09:30 24.04.2024
الصليب الأحمر: إجلاء مليون مدني من رفح "غير ممكن"
09:00 24.04.2024
تفعيل نظام مير الروسي في مصر.. انعكاسات مهمة على السياحة والتبادل التجاري
18:00 23.04.2024
مشروع مسام ينتزع 857 لغماً في اليمن خلال أسبوع
17:30 23.04.2024
علي موسي إبراهيموف: الحرب العالمية الثالثة بدأت بالفعل
17:07 23.04.2024
شنجن للخليجيين لمدة 5 سنوات من أول طلب
17:00 23.04.2024
مسجد باريس يعرب عن قلقه بشأن تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي حول التسلل الإسلامي
16:00 23.04.2024
مصر تؤكد السيطرة على حدودها مع غزة
15:30 23.04.2024
وصول المعتمرين الإيرانيين المدينة المنورة بعد توقف 9 سنوات
15:00 23.04.2024
ميرزاييف: "السياسات الأرمينية العدائية قادتها إلى الهاوية"
14:00 23.04.2024
تورال إسماعيلوف : إيران تري أن أذربيجان تمثل تهديدًا لها
13:00 23.04.2024
تواصل جلسات الاستماع بشأن الدعوي التي رفعتها أرمينيا ضد أذربيجان" في محكمة العدل الدولية - مباشر
12:15 23.04.2024
وفد من البنتاجون يزور النيجر لمناقشة انسحاب القوات الأمريكية
12:00 23.04.2024
بدأ عملية تحديد إحداثيات الحدود الأذربيجانية الأرمينية
11:50 23.04.2024
سلطان عُمان يزور الإمارات ويبحث مع محمد بن زايد التعاون والعمل المشترك
11:45 23.04.2024
زيارة أردوغان للعراق. دلالات على مرحلة جديدة من التعاون
11:30 23.04.2024
إيران وباكستان تبحثان إصلاح العلاقات بعد توترات حدودية
11:16 23.04.2024
أمير قطر يبدأ اليوم زيارة لبنجلاديش لتعزيز التعاون الاقتصادي
11:00 23.04.2024
القمة الثلاثية في تونس تناقش تحديات أمنية واقتصادية مشتركة
10:46 23.04.2024
الشيخ مشعل الأحمد يبدأ زيارة دولة للأردن
10:30 23.04.2024
الرئيس الألماني يزور تركيا حاملاً 60 كيلوجراماً من الشاورما
10:16 23.04.2024
الإنفاق الدفاعي العالمي بلغ 2443 مليار دولار عام 2023 وسط 55 نزاعاً
10:00 23.04.2024
إطلاق صواريخ من العراق باتجاه قاعدة للتحالف الدولي بسوريا
09:45 23.04.2024
استقالة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية
09:17 23.04.2024
بغداد وأنقرة تتجهان لطيّ صفحة الخلافات السياسية
09:00 23.04.2024
سيول تحتج على إرسال الزعماء اليابانيين قرابين لضريح ياسوكوني
18:00 22.04.2024
مشاهد قاسية لجثامين انتُشلت من مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي
17:30 22.04.2024
هل حان وقت احلال السلام في القوقاز؟
17:00 22.04.2024
مشتريات الصين من الذهب تعزز ارتفاع أسعاره وتحطيمه أرقاماً قياسية
16:30 22.04.2024
منتدى خليجي- أوروبي يبحث الأمن والتعاون الإقليمي
16:00 22.04.2024
باسل الحاج جاسم : ترسيم الحدود بين اذربيجان وأرمينيا خطوة لتجاوز عقبات السلام الدائم في القوقاز
15:09 22.04.2024
جميع الأخبار