بعد احتجابه خلال العام الماضي بسبب تفشي جائحة كورونا عاد مهرجان جرش للثقافة والفنون الأربعاء في نسخته الخامسة والثلاثين مزينا ليالي الأردن بسهرات لنجوم الفن والغناء في الأردن والمنطقة العربية وفقرات ثقافية متنوعة اعتاد عليها جمهور المهرجان الأردني الأهم لما يمثله من موسم ثقافي وسياحي واجتماعي وأثري وحضاري وتراثي واقتصادي كبير.
عمان - انطلقت مساء الأربعاء فعاليات الدورة الخامسة والثلاثين لمهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن بمشاركة مجموعة كبيرة من المغنين والفرق الموسيقية المحلية والعربية والأجنبية، في ظل ضوابط صحية صارمة فرضتها جائحة كوفيد - 19.
وأُقيم حفل الافتتاح على خشبة المسرح الشمالي بأوبريت وطني من كلمات ماجد زريقات وألحان أيمن عبدالله وإخراج لينا التل ومشاركة عدد كبير من الفنانين الأردنيين أعقبه حفل اللبنانية ماجدة الرومي على المسرح الجنوبي.
وقال وزير الثقافة الأردني علي العايد في كلمة الافتتاح “جرش يعود من جديد فيعود الفرح والألق، تعود المسرات بعد طول غياب”.
ويرفع المهرجان هذا العام شعار “جرش مزينة بالفرح” إذ يقيم جميع أنشطته بالمجان باستثناء خمس حفلات غنائية لنجوم عرب جاؤوا خصيصا للمشاركة في احتفالات مئوية تأسيس الدولة الأردنية.
حضور عربي
لم تحل الوعكة الصحية التي تعرضت لها المطربة اللبنانية ماجدة الرومي دون استمرارها في إحياء حفلة الافتتاح على المسرح الجنوبي للمدينة الأثرية الواقعة على بعد 51 كيلومترا شمال العاصمة الأردنية عمان.
استهلت الرومي التي ظهرت بثوب أسود طويل برنامجها بأغنيتها الشهيرة “عم يسألوني عليك الناس” من كلمات مارون كرم وألحان نور الملاح.
وطغت أغنيات من كلمات الشاعر نزار قباني على حفلة الفنانة اللبنانية، إذ أدت “أحبك جدا” و”اسمع قلبي” و”كلمات” و”وعدتك”. وكذلك غنت “خدني حبيبي” و”على قلبي ملك” و”كن صديقي” و”لا تسأل”.
وعند منتصف الحفلة، أصيبت الرومي بدوار وكادت تسقط أرضا لكنها استندت إلى حامل الميكروفون قبل أن يساعدها أعضاء فرقتها على مغادرة الركح.
وتوقفت الحفلة نحو عشر دقائق لتعود الرومي بعدها وتكملها، وقد بدا عليها الإرهاق، وأدت جزءا من أغنية وهي جالسة. واختتمت المطربة حفلتها بأغنية “سياجك يا عمان”.
وعبرت الرومي في تصريح لقناة “المملكة” الأردنية الرسمية التي سبق أن شاركت في المهرجان عن سعادتها بالعودة إلى مهرجان جرش، مشيرة إلى أن ذكرياته محفورة في نفسها.
وقالت إنها شاركت فيه عام 1986 “عندما كانت الحرب تحرم اللبنانيين من العيش بسلام وعندما كانت أقصى طموحات اللبنانيين البقاء أحياء”.
ورأت أن ما يتعرض له اللبنانيون اليوم “إبادة جماعية وتسميم للأمل”، لكنّها أبدت ثقتها بأن “لدى اللبنانيين القدرة على طي المأساة”، مشددة على أنها تغني “دفاعا عن الحياة”.
وسمح فقط لـ2500 شخص بحضور الحفلة في المسرح الجنوبي للمدينة الأثرية الذي يتسع لنحو خمسة آلاف، تطبيقا لقرار حصر الحضور بنصف السعة الفعلية للمسارح السبعة المخصصة للمهرجان، ضمن الإجراءات الاحترازية الهادفة إلى ضبط تفشي فايروس كورونا.
وقال المدير التنفيذي للمهرجان أيمن سماوي عن إقامة المهرجان في ظل استمرار جائحة كوفيد، بعد إلغاء دورة العام الماضي، “آن الأوان للتعامل مع هذه الجائحة كواقع حال والتعايش معها بعناية كاملة للحفاظ على الوضع الوبائي تحت السيطرة”.
ورفعت السلطات الأردنية حظر التجول الليلي وأعادت فتح المدارس والمنشآت الصناعية والسياحية للعمل بكامل طاقتها اعتبارا من الأول من سبتمبر الحالي، بعد قيود مشددة لاستيعاب تفشي الوباء.
وحفاظا على سلامة الجمهور، تباع تذاكر حفلات المهرجان إلكترونيا لمن تلقى اللقاح أو لمن يبرز نتيجة سلبية حديثة لفحص الكشف عن الفايروس.
وتم توفير عشر بوابات لتسهيل الدخول إلى المهرجان الذي يشارك فيه عدد من الفنانين العرب منهم أيضا نجوى كرم وجورج وسوف وسيف نبيل وحسين الديك، إلى جانب عمر العبدالات ونداء شرارة من الأردن.
مشاركة واسعة
تشارك في المهرجان الذي يستمر إلى الثاني من أكتوبر المقبل نحو 40 فرقة فلكلورية أردنية وفرق من أذربيجان وكرواتيا والمكسيك واليونان وكوريا. كذلك يتضمن البرنامج حفلات لمشاركين من العراق ومصر أبرزهم أوبرا القاهرة للفنون الشعبية وفرقة ناظم الغزالي العراقية وفرقة أكاديمية الموسيقى العربية.
ويشهد المهرجان مشاركة أردنية واسعة، إذ يصل عدد الفنانين الأردنيين المشاركين إلى ما بين 500 و600 فنان. ويشمل البرنامج عروضا مسرحية وسهرات للحكواتي خالد المسلماني.
وقال وزير الثقافة علي العايد إن حضور فعاليات الفنانين الأردنيين وحفلاتهم في المهرجان سيكون مجانا بمناسبة الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الأردن.
وأحيا الأردن في الحادي عشر من أبريل الذكرى المئوية الأولى لتأسيسه من دون احتفالات كبرى بسبب جائحة كوفيد -19.
ويبلغ عدد المشاركين في البرنامج الفني أكثر من 70 فنانا أردنيا وعربيا إضافة إلى فرق موسيقية واستعراضية وشعبية.
يأتي حفل المغنية اللبنانية نجوى كرم غدا الخميس على المسرح الجنوبي الأثري يليه حفل المطرب جورج وسوف الجمعة ثم حفل السوري حسين الديك في 30 سبتمبر أيلول وبعده حفل العراقي سيف نبيل في الأول من أكتوبر.
وقال منظمو المهرجان إنه مع عودة المهرجان لاستقبال جمهوره يتم تطبيق الإجراءات الاحترازية بكل حزم وقرروا في هذا الإطار خفض عدد الحضور إلى نسبة 50 في المئة من الطاقة الاستيعابية للمسارح والقاعات مع الاستعانة بتطبيق “سند” الحكومي للتأكد من تلقي جرعات التطعيم.
أما البرنامج الثقافي للمهرجان فيضم أمسيات شعرية وندوات فكرية ومحاضرات من بينها ندوة “الحركة الثقافية خلال 100 عام” في 24 سبتمبر ومحاضرة “جرش في التاريخ” في الأول من أكتوبر.
ويتولى أكثر من 300 شاعر وكاتب وأديب أردني وعربي إحياء أمسيات شعرية وثقافية ضمن فعاليات هذه الدورة.
وأطلقت إدارة مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن اسم الشاعر الأردني الراحل جريس سماوي على البرنامج الثقافي للدورة الخامسة والثلاثين للمهرجان الثقافي والفني العريق.
وفي هذا الإطار يقيم المهرجان ندوة خاصة للشاعر، الذي توفي في مارس الماضي عن عمر ناهز 64 عاما، بمشاركة شعراء من مصر ولبنان والمغرب والأردن.
وثمنت رابطة الكتاب الأردنيين الاهتمام الكبير والواضح بالمبدعين الأردنيين من قبل إدارة مهرجان جرش للثقافة والفنون بإطلاق اسم عضو الرابطة الشاعر الراحل جريس سماوي على مجمل البرنامج الثقافي للمهرجان في دورته المقبلة.
وقال رئيس الرابطة الشاعر أكرم الزعبي في بيان صادر عن الرابطة في وقت سابق “لقد حرصت إدارة المهرجان واللجنة الثقافية على توسيع نطاق التشاركية مع رابطة الكتاب بحيث أقرت جائزة الشاعر الراحل جريس سماوي لأفضل ديوان شعر صدر خلال عامي 2020 و2021 تكريما واستذكارا له وخصصت لهذه الجائزة مبلغ ألفي دينار للفائز”.
وتستمر فعاليات المهرجان حتى الثاني من أكتوبر على المسرحين الشمالي والجنوبي لجرش وفي ساحة الأعمدة ومسرح أرتيمس وفي المركز الثقافي الملكي والمكتبة الوطنية.
ويذكر أن مهرجان جرش انطلق عام 1981، واستمر حتى عام 2007 ليحل محله مهرجان الأردن في عمان، وعاد منذ عام 2011. ويتميز المهرجان بإحياء الفنون الفلكلورية الأردنية ومزجها بالمواهب الشابة الجديدة. كما يجذب المهرجان في كل عام كبار الفنانين والمثقفين والشعراء من مختلف الدول العربية ليقدموا حفلات غنائية، ويشاركوا في الندوات والأمسيات وورش العمل المتخصصة.
وتعتبر جرش من أهم المدن الأثرية في الأردن، إذ يعود تاريخها إلى عهد الإسكندر الكبير في القرن الرّابع قبل الميلاد وهي تشتهر بأعمدتها ومدرجاتها وساحاتها ومعابدها وكنائسها.