تتواصل فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب وسط اهتمام شعبي ونخبوي لافت على مستوى منطقة الخليج العربي عموماً، باعتباره أحد أكبر وأوسع المعارض العربية المختصة بعالم الكتب والنشر، وكونه منصّة من المنصات القليلة التي يُبدي فيها الناشرون الأوربيون اهتمامهم للمشاركة بها.
واللافت في دورة هذا العام الـ35 محاولة تركيز القائمين على العرض أن يحتفي المعرض بثقافة التسامح والتلاقي الحضاري، والبعد عن الغلو الديني السلفي، مقابل انتشار كبير للكتب التي تتحدث عن مكافحة الإرهاب ومقاومة الفكر السلفي، مع تركيز المعرض على منتجات ونشاطات فكرية وثقافية لها علاقة بالتسامح الديني والقومي والإنساني، وتحديثية للتفاسير الدينية، وتشجيعية على التلاقي الحضاري بين الشعوب والأديان.
ومن الواضح تراجع مشاركة دور النشر التي تُنتج كتباً دينية تقليدية، وقلّة أعداد الكتب السلفية التي تتناول الدين من منظور متشدد أو أصولي، وتكاد رواقات كاملة من المعرض تخلو من هذا النمط من الكتب.
مقابل ذلك، بدا واضحاً تزايد الكتب التي تتناول مواضيع مكافحة الإرهاب، الديني والفكري والاجتماعي، وتلك التي تنتقد الحالة الدينية السلفية أو الإرهابية أو الإسلام السياسي المتشدد، ويلاحظ وجود دور نشر عديدة باتت ترتكز في إنتاجها فقط على هذا النوع من الكتب الذي تحتاجه المرحلة الراهنة.
وتقيم إدارة المعرض مجموعة من الندوات والحاضرات واللقاءات التي تسعى لتأسيس خطاب ديني معاصر، وتلك التي تدعو للحداثة الدينية، ومحاربة الفكر الهدّام، وتدعو لمكافحة الإرهاب الفكري والديني بكل أنواعه، يُشارك فيها كتّاب ومفكرون عرب بشكل أساسي وغربيين بشكل أقل.
ويعكس هذا التراجع في انتشار الكتب السلفية مقابل التوسّع في انتشار كتب التسامح ومكافحة التشدد، رغبة القائمين على المعرض من جهة، وتوجّه الإمارة من جهة ثانية لتكون فضاءً للتلاقي الحضاري، وإشاعة تقاليد التسامح الديني والفكري والإنساني والقومي.