أطلق قادة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) صرخة ضد الحمائية خلال قمة عقدوها في بانكوك، محذّرين من أن النزاع التجاري القائم بين الصين والولايات المتحدة يهدد بضرب اقتصادات بلدانهم القائمة على التصدير.
وألقت الرسوم الجمركية المتبادلة بين بكين وواشنطن بظلالها على توقّعات النمو العالمي، وحذّر خبراء من أن أي خفض للإنفاق في أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم قد يوجه ضربة قاسية لدول جنوب شرق آسيا.
وشدد البيان الختامي لقمة رابطة دول جنوب شرق آسيا التي اختتمت أعمالها الأحد في بانكوك على قلق القادة الإقليميين بإزاء "المد الحمائي المستمر بلا هوادة".
وأعلن رئيس الوزراء التايلاندي برايوت شان أو شا الأحد في مؤتمر صحافي عقد في ختام القمة التي ترأسها تايلاند هذا العام أن "رياح الحمائية تضرّ بنظامنا التجاري القائم على التعددية".
وأضاف أن رابطة "آسيان" ستطرح مخاوفها إزاء النزاع التجاري القائم خلال قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في اليابان الأسبوع المقبل.
ودعا القادة أيضا إلى "العمل يداً بيد في المفاوضات بشأن اتفاق +الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة+ للتمكن من إتمامه هذا العام".
ومن المقرر أن يضمّ مشروع "الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة" بالإضافة إلى دول رابطة آسيان والصين، الهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، ما يعني أنه سيكون أكبر اتفاق تجاري في العالم.
وقال برايوت إن المشروع "سيساهم في الحد من تداعيات النزاع التجاري القائم".
ومن شأن المشروع الذي أطلق عام 2012 وبقي متعثرا، أن يعزز نفوذ بكين في آسيا، وأن يتيح للصين التحكّم بالتجارة في منطقة آسيا-المحيط الهادئ.
وجاء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2017 بالانسحاب من مشروع اتفاق تبادل حر عابر للمحيط الهادئ في صالح مشروع الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.
واستغلت بكين الفرصة لتعيد إطلاق مبادرتها البديلة، التي من المقرر خصوصاً أن تخفض الحواجز الجمركية في المنطقة وتسهل الاستثمارات في الدول الأقل نمواً في التكتل.
لكن الاتفاق لا يزال حتى الآن متعثرا حول بعض النقاط. وتريد أستراليا ونيوزيلندا أن يتضمن بنودا تتعلق بتعزيز حقوق العمل وحماية البيئة وكذلك حماية الملكية الفكرية، في حين لا يولي العديد من دول هذه المنطقة اهتماماً كبيراً بمسألة الحقوق الفكرية.
أما الهند، فتخشى أن يؤدي الاتفاق إلى تدفق السلع الصينية إلى أراضيها. ولذلك تبقى المفاوضات الأصعب بين الصين والهند، بحسب دبلوماسي في آسيان شارك في مفاوضات نهاية الأسبوع.
والأحد قال مسؤول في وزارة الخارجية الماليزية إن نقاطا خلافية بينها آلية تسوية النزاعات واستثناء بعض السلع لم تُحلّ بعد.
وقال محمد شهر الإكرام يعقوب "لقد أخفقنا على مدى سنوات في تحقيق هدف التوقيع على +الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة+".
- انقسامات حول الروهينغا -
تطرّقت القمة ايضا إلى خطة إعادة أقلية الروهينغا التي لجأ آلاف من أفرادها إلى بنغلادش هرباً من الاضطهاد في بورما، وإلى الخلافات في بحر الصين الجنوبي.
وغالبا ما يسعى قادة دول الرابطة إلى إظهار وحدتهم خلال القمم السنوية التي يعقدونها.
ويتعرّض المنتدى لانتقادات لتغليبه المجاملات الدبلوماسية على الأعمال الملموسة في ما يتعلّق بالمشاكل الأكثر إلحاحا التي تواجه المنطقة.
وبين تلك المشاكل عودة الروهينغا من مخيمات اللاجئين في بنغلادش حيث يعيشون في ظروف مزرية إلى بورما التي فر منها أكثر من 740 ألفا منهم منذ العام 2017 هربا من حملة قمع شنّها الجيش البورمي.
وتعتبر ماليزيا المدافع الأكبر عن هذه الأقلية المسلمة في الرابطة، وقد طالبت بجعل منحهم "الجنسية" حجر أساس لخطة إعادتهم إلى بورما.
وهي تناقض في ذلك سياسة بورما التي تحرمهم من الجنسية ومن حقوق المواطنة وتعتبرهم مهاجرين من بنغلادش.
وتعرّضت الرابطة لانتقادات على خلفية اقتراحها إعادة اللاجئين في غضون عامين، إلا أن أحدا منهم لم يقرر العودة إلى بورما بسبب المخاوف الأمنية وعدم حصولهم على الجنسية.
وشددت منظمة آسيان في بيانها الختامي على "دعمها" لجهود بورما من أجل "تسهيل عودة طوعية آمنة وكريمة للمهجرين".
إلا أن البيان لم يتضمن اي إشارة إلى الروهينغا.
وتطرّقت القمة أيضا إلى الخلافات في بحر الصين الجنوبي، وقد احتجّت الفيليبين على مطالب الصين بالسيادة على هذا الممر الاستراتيجي.
وأعرب الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي عن "خيبته" لعدم تحقيق تقدّم كاف على خط صوغ قواعد سلوك طال انتظارها بين دول آسيا والصين.
وقال دوتيرتي إن عدم وجود مسودة لقواعد السلوك يفاقم خطر "الحسابات الخاطئة التي قد تخرج عن السيطرة".
ووقعت دول آسيان، التي تعد من أكبر الدول الملوثة على الكوكب، نهاية هذا الأسبوع "إعلان بانكوك بشأن مكافحة التلوث البحري"، وهي سابقة للمنظمة، لكن خبراء بيئيين حذّروا من أن هذا الإعلان لا يكفي للتصدي لمشكلة تكدّس النفايات البلاستيكية في مياه المنطقة.