تفاعلت جمعيات حقوقية وناشطون فرنسيون مع قضية الفتى السوري محمد شريف البالغ من العمر 15 عاماً، والذي فر من الحرب في سوريا إلى لبنان ثم إلى فرنسا، ليفقد عينه خلال أحداث الاحتجاجات الشعبية لأصحاب السترات الصفراء في 12 يناير الماضي.
حيث تواجد بالصدفة وسط الاحتجاجات المحتدمة، ليسجل اسمه إلى جانب 23 شخصاً فقدوا أعينهم نتيجة المواجهات مع الشرطة خلال الاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ 17 نوفمبر 2018، وجمع الناشطون تبرعات بلغت خلال يومين 21 ألف يورو ومنزلاً في باريس، كما تفاعلوا للمطالبة بتقديم المساعدات للفتى السوري الذي على حد وصفهم «هرب من جحيم الحرب في سوريا إلى فرنسا طمعاً في الأمان ففقد عينه».
من حلب إلى باريس
وقالت سولانج فيالار فاليزي، المحامية بشبكة رعاية المهاجرين، إن قصة الفتى محمد شريف «15 عاماً، سوري الجنسية» التي أثارتها الصحف والقنوات التلفزيونية الفرنسية يوم الخميس الماضي، أثرت بشكل كبير في الرأي العام الفرنسي، إنها قصة إنسانية مثيرة للمشاعر، فهذا الفتى اليافع هرب من جحيم الحرب في مدينة حلب السورية أوائل عام 2012.
حيث انتشرت الجماعات المتطرفة التي قطّعت الرؤوس ومزقت أجساد السوريين، ووصل إلى مخيمات الإيواء في لبنان «طرابلس»، وأمضى في المخيمات حوالي ست سنوات يعاني من ظروف إنسانية صعبة، وتخلف عن الدراسة وعانت أسرته المكونة من أب وأم وشقيقين ظروفاً إنسانية بالغة الصعوبة.
وفي مايو 2018 وصل محمد وأسرته إلى باريس، وتنفست العائلة الصعداء، ظنوا أنهم وصلوا إلى أرض الأمان، استقبلتهم جمعية «رعاية المهاجرين في باريس» وتولت شؤون تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع، فالأب يمتهن صنعة «الحدادة» والأم ربة منزل وأشقاؤه تلاميذ، وهو الابن الأكبر.
لذلك تم إلحاق الأب والأطفال بمركز لتعليم اللغة الفرنسية في مدينة «سانت إتيان» التي تم تسكينهم بها، والتحق محمد بالمدرسة، وقامت الجمعية بتوفير عمل للأب ولمحمد في مطعم لإعداد البيتزا، والأمور سارت بشكل جيد إلى حد ما، إلى أن تواجد الفتى محمد بالصدفة بالقرب من محطة مترو في باريس خلال أحداث الاحتجاجات الشعبية «السترات الصفراء» يوم 12 يناير 2019، ليصاب برصاصة مطاطية في عينه، سقط إثرها على الأرض غارقاً في دمائه، وفي المستشفى اكتشف أنه فقد عينه اليمنى، لتبدأ مأساة محمد مع الإعاقة والتنصل الحكومي من المسؤولية.
صدفة
وأضافت سولانج، تولت شبكة رعاية المهاجرين مهمة المطالبة بحقوق محمد من تعويض ورعاية، خاصة أنه لم يكن مشاركاً في الاحتجاجات بشهادة الشهود وتوثيق كاميرات المترو، هو تواجد بالصدفة، وهذا الأمر أثبتته النيابة العامة، وبعد تناول الصحافة ووسائل الإعلام لقضية محمد يوم الخميس الماضي تفاعل الرأي العام مع القضية وأطلقت جمعية «مساعدة اللاجئين» وجمعية «الحق في الحياة» الفرنسية حملة تبرعات لمحمد، انخرط فيها آلاف المواطنين والناشطون لتجمع خلال يومين فقط 21 ألف يورو، وتبرع رجل أعمال بمنزل في باريس.
ومازالت الحملة مستمرة ونأمل في أن يحصل محمد على تعويض شعبي وحكومي مناسب لإجراء جراحة تجميل في عينه، وكذلك تسهيل عملية إدماجه في المجتمع الفرنسي وتحسين أحواله المعيشية، هذا الفتى وأسرته مسؤوليتنا جميعاً، وعلينا أن نرعاه وأن نعوضه عن ما لحق به من أذى لا ذنب له فيه.