في خضم ما نعيشه اليوم من أفكار ضلت عن طريق الصواب فأصبحت قلوببهم حاقدة على أوطانهم وترابه الذي تربوا فيه من خلال الحكام الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وجدت نفسي أخوض في هذا الإشكال الذي لا تفقهه العديد من الشعوب وخاصة الشباب منهم الذي أصبحوا أعداء لأوطانهم لعدة أسباب فلعلني بهذا المقال أرفع الخلط بين حب الوطن .... وظلم الحكام فأقول وبالله التوفيق.
كلمة مأثورة حكيمة، جارية على ألسنة عامة الناس وخاصتهم من عقلاء ومفكرين، وحكماء ومثقفين،...... وهي بالنسبة للإنسان ذات معنى كبير، ومغزى عميق. ذلك أنها تعني أولا الوطن الذي ولد فيه آباء المرء وأجداده، وينتسبون إليه وينتمون أبا عن جد، وخلفا عن سلف، ويرتبطون بأرضه ارتباط الولاء والإخلاص والوفاء له، والتعلق به والجهاد في سبيله، والتضحية من أجله بكل نفيس وثمين طيلة قرون وأجيال.
ما يعني الوطن ثانيا بالنسبة للمسلم كل بلاد الإسلام وجميع شعوبها المسلمة، باعتبار المسلم أخا المسلم أينما كان وحيثما كان، وأن المسلمين أمة واحدة، مهما تباعدت بهم الديار، وتناءت بهم الأقطار وشط المزار، كما هو صريح القرآن المبين، وأنهم كالبنيان المرصوص، وكالجسد الواحد كما هو صريح سنة النبي الصادق الأمين، محمد عليه أفضلالصلاة وأزكى التسليم.
وإنما كان حب الوطن من الإيمان، وكانت هذه العبارة المأثورة الحكيمة كلمة صدق وحق في مبناها ومعناها، بغض النظر عن كونها ليست حديثا نبويا صحيحا في لفظها ونصها، وكانت كلمة حق في نطقها ومضمونها، لأن الوطن هو مجال لصالح الأعمال، فحبه هو في الحقيقة والعمق حب لدين الإسلام، ولغة القرآن، ولشرعه السمح الحكيم، ولأخلاقه وقيمة المثلى، وفضائله ومثله ا لعليا، وحب لأمته ا لمسلمة المومنة، ا لمجاهدة في سبيل دينها وعزتها وكرامة وطنها، الصامدة في الحفاظ على سيادتها ووحدتها، الساعية في تحقيق النهضة الشاملة لبلادها وشعوبها في كل مجال. وهو حب فطري في قلب كل إنسان سوي، ومتجذر في اعماق نفس كل مومن غيور أبيّ، ينشأ عليه ويتربى منذ نعومة أظفاره كل من يتمتع بفطرة سليمة، وطوية نقية، وينعم بسريرة طيبة، وروح صافية مستنيرة، ولايخرج عن ذلك الحب الفطري للوطن، ولايجد عنه إلا من كان منحرف المزاج والفطرة، ولايشذ ويزيغ عن محجته اللاحبة وحقيقة الناصعة إلا من هو عديم الضمير النقي، ومن يخفى وراء ذلك نفسا شريرة وإرادة ضعيفة، وأهدافا شخصية، ومطامع مادية زائلة، تجعله يعق وطنه، ويسيء إليه ويتنكر لفضله عليه، فيندفع مه هواه الجامع، وينساق مع زيغه الخاطئ وراء سراب خادع لمحاولة الوصول إلى تلك المطامع الشخصية والأهداف المادية، ويغتر بذلك في غير إدراك ناضج بالمسؤولية الدينية والوطنية، ولا وعي ولاشعور بالحقيقة التاريخية والاجتماعية التي تستوجبها عليه المواطنة الحق، ويفرضها عليه دينه الإسلامي ويقتضيها شرعه الحكيم.