تعقد القمة الخامسة للشراكة الشرقية في بروكسل. يشترك فيها قادة وكبار مسئولي ستة دول من الساحة السوفيتية السابقة وهي أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان وبيلاروس. يعقد الاجتماع مرة كل عامين. أحد الأهداف الرئيسية ل"الشراكة الشرقية" هو تعزيز الاستقرار والديمقراطية على الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي ورابطة الدول المستقلة وكذلك التكامل الاقتصادي.
أجاب العالم الروسى في مجال العلوم السياسية ونائب المدير العام لمكتب "المواصلات الاستراتيجية" ييفسي فاسيلييف على أسئلة يوميات أوراسيا حول ال القمة الخامسة "للشراكة الشرقية".
- ما رأيك، لماذا لم لا يشارك لوكاشينكو في القمة؟
- دعوة لرئيس المجلس الأوروبي دونالد توسكا إلى رؤساء الجمهوريات المشاركين في المشروع للمشاركة في قمة برنامج "الشراكة الشرقية" للاتحاد الأوروبي إجراء بروتوكولي قياسي.
ولكن، هذه المرة استلفتت الدعوة الرسمية للرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو انتباه وسائل الإعلام من ضمن الدعوات الأخرى وأنه كان في الواقعة خلال الوقت الكامل للبرنامج يخضع للعقوبات الأوروبية التي رفعت عنه في العام الماضي فقط. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن هذه المرة تعقد قمة الشراكة الشرقية في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى. وبالنسبة للزعيم البيلاروسي، ستكون هذه فرصة ممتازة للأجذ بالثأرالدبلوماسي، وفي الوقت نفسه أن يثبت للغرب استقلالية السياسة الخارجية البيلاروسية.
بالمناسبة كان هذا الموقف يتفق اتفاقاً تاماً مع منطق الدبلوماسية المتعددة الاتجاهات التي أعلنتها مينسك. لذلك، استعدت وزارة الخارجية البيلاروسية بنشاط طول الاسبوع الماضي للمشاركة في القمة، ولكن في أواخر هذا الأسبوع فقط صدرالقرار حول تمثيل روسيا البيضاء رسمياً في القمة - الرئيس الكسندر لوكاشينكو أو زير الخارجية فلاديمير ماكيه.
ومن الواضح أنه بعد أخذ كل الخيارات بين "له" و"ضده" بالاعتبار، قررت القيادة البيلاروسية أن التحالف مع روسيا التي هي في الواقع لا تزال المصدر الرئيسي للطاقة والائتمان للبلاد وأن هذا التحالف أكثر أهمية من الإعلان الأوروبي، وعلى الرغم من أن مشاركة رئيس الجمهورية في قمة "الشراكة الشرقية" شأنه أن يكون جذاباً من وجهة نظر الترويج للصورة الإيجابية لروسيا البيضاء في الغرب، ولكن لم تتمكن من مساعدة السلطات البيلاروسية للتعامل مع الوضع الاقتصادي المعقد في البلاد.
من الواضح، أنه بهذا السبب في آخر لحظة تم اتخاذ القرار حول تمثيل وزير الخارجية، فلاديمير ماكيه بلاده اليوم في بروكسل.
- هل هناك أي ضغط على روسيا البيضاء من روسيا؟
- لا شك في أنه كان من المفيد لبعض الدوائر في الغرب وكذلك في بيلاروس أيضاً تقديم الوضع الحالي في البلاد نتيجة للابتزاز السياسي لموسكو.
ومع ذلك، كل هذه مجرد الأوهام غير صحيحة على الاطلاق. روسيا البيضاء دولة موسسة للدولة الاتحادية والاتحاد الأوراسيوي الاقتصادي وعضو منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وتشارك بنشاط في عمليات التكامل الأوراسيوي.
تحمل العلاقات الروسية البيلاروسية طابعاً استراتيجياً لكلا الجانبين والحوار بين موسكو ومينسك، على الرغم من المشاكل القائمة في العلاقات الثنائية، أوسع وأعمق بكثير من الصيغة التي تقدمها الشراكة الشرقية لمينسك.
وفي الوقت نفسه، لا تزال بيلاروس دولة مستقلة ذات سيادة تقوم ببناء العلاقات الدولية في المقام الأول على أساس مصالحها الخاصة. ومن الواضح أن الذين يلقون باللوم على مينسك لوقوعها تحت إشراف موسكو ليسوا على دراية بالوضع.
فيما يتلخص استياء روسيا من "الشراكة الشرقية"؟
- وتعتقد موسكو ولهذا الاعتقاد مبررات أن الهدف الحقيقي من مشروع "الشراكة الشرقية" الذي اقترحته بولندا في عام 2009 ليس تطوير التعاون بل خلق البديل لمشاريع التكامل في الساحة السوفيتية السابقة التي تتحقق بمشاركة روسيا.
ويتجلى ذلك على وجه الخصوص في أن بروكسل تتجنب الحوار المباشر بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأورأسيوي الاقتصادي بمشاركة بيلاروس وأرمينيا، وتفضل مواصلة بناء علاقات مع كل من أعضاء الاتحاد على حدة. وهذا يشير إلى أنه في بروكسل، ينظر إلى روسيا في المقام الأول على أنها منافس جيوسياسي لها وإلى عمليات التكامل الأوراسيوي كنوع من التحدي للاندماج الأوروبي الأطلسي داخل الاتحاد الأوروبي والناتو.
يمكن للمرء أن يلاحظ وجود علاقة مباشرة بين شدة توتر في علاقة المشارك في البرنامج الأوروبي مع روسيا، واستعداده أكثر للتقارب مع الغرب. ولكن بمجرد حصوله على التفضيلات المرجوة من روسيا فإنه على الفور ينأى بنفسه عن الاتحاد الأوروبي. لهذا التعامل الظرفي لبعض الدول علامات المساومة من أجل تعزيز المواقف التفاوضية مع موسكو. المثال الأكثر شيوعاً هو سياسة بيلاروسيا نفسها. ويمكن أن تعزى نفس التعامل إلى أرمينيا بشكل مشروط والذي من المرجح أن تكون "علاقة قصيرة الأمد" مع الاتحاد الأوروبي دليلاً على استيائها من موسكو بسبب التقارب الناشئ لروسيا مع تركيا وأذربيجان.
وهكذا، فإن برنامج الشراكة الشرقية الذي كان اصحابه على الاستعداد لدعوة موسكو فقط لمناقشة المسائل المتعلقة بولاية كالينينغراد، وهذا، كحد أدنى، موقف غير ودي تماماً تجاه روسيا.
أعتبرت موسكو في البداية التكامل الأوراسيوي كمرحلة معينة في خلق الساحة الأوروبية العامة من لشبونة إلى فلاديفوستوك. ومن الضروري أن نلاحظ مع الأسف أن تفكير المواجهة لشركائنا الأوروبيين لا يزال يفوق على وعي الحاجة إلى إقامة الحوار المنصف متبادل المنفعة مع بلدان الاتحاد الأورأسيوي الاقتصادي.
- ما هي توقعات من القمة في هذا العام؟
- يمكن اعتبار شطب مسألة أوكرانيا من أجندة "الشراكة الشرقية" أحد أبرز نتائج القمة. ويوضح هذا جزئياً بحقيقة أنه بعد بدء نفاذ اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، بلغت العلاقات بين بروكسل وكييف إلى سقفها. بين الاتحاد الأوروبي بوضوح أنه غير مستعد للانتقال إلى المرحلة التالية.
وبالإضافة إلى ذلك، عقد القمة وسط تزايد استياء أوروبا الوسطى والشرقية من أوكرانيا بسبب القرارات عديمة الشعبية التي اعتمدتها الحكومة في مجال التعامل مع القوميات الأخرى. والنتيجة المهمة الثانية هي الاعتراف بأهمية دور روسيا في السياسة الأوروبية، زالذي أعلنهتا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عشية القمة.
وهذا يعني أن أوروبا تدرك بشكل متزايد الحاجة إلى مراعاة مصالح موسكو عند بناء علاقات بين الاتحاد الأوروبي وبلدان "الشراكة الشرقية".
في الواقع، تتلخص نتائج القمة في التأكد من صحة المبادئ التي وضعت في وقت سابق: اعترفت بأوكرانيا وجورجيا ومولدافيا مرة أخرى باعتبارها الأوائل بين متساوين في "الطموحات الأوروبية"، ولكن ليس ب"الآفاق الأوروبية". وهذا يعني أن مسألة عضويتها المحتملة في الاتحاد الأوروبي قد شطبت نهائياً. "والحد الأقصى لما يمكن توقعه، هو الانتقال إلى صيغة جديدة من" الشراكة الشرقية زائد". وبالنسبة لأذربيجان وأرمينيا وروسيا البيضاء" الشراكة الشرقية "لن تصبح بديلة حقيقية لتطوير التعاون مع روسيا.
__________________________________________________________
وقد انطلقت "الشراكة الشرقية" في عام 2009 بمبادرة من الاتحاد الأوروبي. وقد وقعت ثلاثة دول من هذا البرنامج - أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا - على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وهو ينطوي على إنشاء منطقة التجارة الحرة، بالإضافة إلى ذلك، يتمكن مواطنو هذه الدول من زيارة دول منطقة شنغين بدون تأشيرات الدخول.
وقد أكدت روسيا مراراً ان "الشراكة الاوروبية" تهدد اقتصادها. ولكن ترفض بروكسل هذه الاتهامات.