يزيد التصعيد العسكري على الجبهات مع المعتدي الأرمني. في 12 يونيو، عرضت وسائل الإعلام الأذربيجانية تسجيلاً لقصف الهاون للأراضي الأذربيجانية. قبل ذلك بوقت قصير، منح وزير الدفاع الأرميني تونويان جوائز للمخربين الذين قتلوا جندياً أذربيجانياً. وفي 13 يونيو، عرضت وزارة الدفاع لبلدنا شريط فيديو لهجوم صاروخي على طائرات عسكرية أذربيجانية تحلق في السماء فوق مواقعنا. انفجر الصاروخان الأرمينيان من نظام الدفاع الجوي"Osa" م/ط في الجو دون وصول إلى الهدف. في نفس الليلة، أبلغ الأرمن عن مقتل جندي أرمني في قاره باغ.
على ما تدل هذه الأحداث الأخيرة وما هو توقعات مستقلبلية في العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا؟ أجاب غريغوري تروفيمشوك، الخبير في مجال السياسة الخارجية والدفاع والأمن من موسكو ورئيس مجلس الخبراء لمؤسسة "ورشة الأفكار الأوراسية" لدعم البحث العلمي على أسئلة Eurasia Diary، ويعتقد أنه لدى أذربيجان أذرعة الضغط غير العسكري على المعتدي باستثناء الخطوة التي لا جدال فيها وهي "القتال".
- تشير الأحداث التي ذكرناها، إلى كيفية وصول التصعيد في قاره باغ إلى استخدام صواريخ م/ط "Osa". هل ترى فيما حدث خطوة نحو الحرب، أم كان إطلاق صاروخين دون إصابة الهدف بمثابة تحذير أرمني؟
- منذ اللحظة التي تولى فيها نيكول باشينيان السلطة، بدأوا لتحريض الجانب الأذربيجاني إلى الحرب بصورة واضحة. بالنظر إلى أن باكو نفسها لا تزال مستعدة للمفاوضات، وتؤكد ذلك في الواقعة، سواء في شكل اجتماعات منتظمة على مستوى وزراء الخارجية وخلال الاجتماع الرسمي الأول لإلهام علييف مع نيكول باشينيان في فيينا. بعد كل شيء، أذربيجان، من الناحية النظرية، كان من الممكن لأذربيجان أن تتجنب الاجتماعات، وخاصة باعتبار وصول باشينيان إلى السلطة قريباً. يبدو أن رئيس وزراء أرمينيا نفسه، منذ البداية، اختار قاره باغ باعتبارها الاتجاه الرئيسي لسياسته، حتى خسارة للمصالح الاجتماعية والاقتصادية الداخلية. لقد قدم عدداً من الشروط غير المقبولة عملياً لأذربيجان والتي تقضى على العملية طويلة الأجل وصيغة عملية التفاوض الدولية. هناك صيغة واحدة فقط هي "أنا لا استبدل السلام بالأراضي" والتي تقضي على كل الجهود السلمية، لأنه، تم المضي قدماً في هذه المفاوضات لتحقيق هذا التبادل. ناهيك عن مطالبة إشراك ممثلي قاره باغ الجبلية بصورة مباشرة في المناقشات على طاولة المفاوضات الأرمنية الأذربيجانية وإلخ.
وهكذا، إذا قام المرء بتقييم الواقع برصانة، يمكن أن نستنتج أن يتم تحريض أذربيجان على توجيه الضربة على أرمينيا مرة أخرى وذلك على نحو متعمد ومتسق وتدريجي، تحرض أذربيجان إلى الحرب علنا. في الوقت نفسه، ليس هناك ما يضمن أنه خلف ظهر نيكول باشينيان لم يقف شخص ما يدعوه من بعيد إلى التصرف بهذه الطريقة ووفقاً لهذا المخطط.
على أي حال، يرى المراقبون مساراً واضحاً لتقويض الاستقرار الإقليمي الذي، على ضوء الضغط المتزايد من الغرب على إيران، يقدم صورة كاملة لما قد يحدث. ليس من الواضح فعاليات وسطاء مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. حتى الآن، منذ قمة الربيع لعام 2016 في فيينا وسانت بطرسبرغ ، لم يعطوا إجابة على سؤال من الذي بدأ بعد ذلك في إطلاق النار أولاً؟ وإذا لم يقولوا أي شيء واضح في عام 2016، علينا ألا نتوقع أي شيء واضح منهم حتى الآن. لذلك، يجب أن يكون الوسطاء أول من يتحمل مسؤولية الضحايا الجدد على كلا الجانبين، وهذا ما وقع بالفعل، وقد يزيد فيما بعد. وبالتالي، فإن ما يحدث الآن على خط التماس في قاره باغ هو مقدمة لحرب جديدة، خاصة وأن أذربيجان تدرك أنه خلال السنوات الثلاث اعتباراً من أبريل 2016، تم خداعها مرة أخرى ولن يعيد أحد أراضيها لها.
بالنسبة لحادث إطلاق الصواريخ بالضبط، لا يمكن الآن لأحد أن يعرف من الذي يضرب أولاً، ومن الذي يضرب ثانياً ؛ من يطلق النار من يرد عليه. يتهم كلا الجانبين بعضهما البعض بصورة فعالة، في حين يبدو أن الوسطاء الدوليين اختفوا تحت الطاولة المستديرة عن هذه الضربات الانتقامية التي لا تنتهي. وطالما لا يوجد تقييم رسمي لهذه الأحداث، فسينعكس الموقف عاجلاً أم آجلاً في الخروج عن مساره.
عند الحديث عن "التحذير الأرمني"، ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أنه عندما هناك تحذيرات وتهديدات بالكلمات لم تندلع الحرب الحقيقية بعد. تبدأ الحرب عندما تقوم الأطراف بتشفير أفعالهم. ولكن حتى الآن كانت هناك حرب كلامية، مدعومة بضربات علنية خفيفة لا تحمل عشرات ومئات القتلى.
- ما هي الأسس القانونية لأرمينيا وأذربيجان في النزاع على قاره باغ؟
- بصفتي مراقباً غريباً، أجيب عادةً على هذا السؤال ببساطة ومجازياً: ليس تهماً لمن كانت قاره باغ تنتمي قبل 30 ألف عام ؛ من المهم لمن تنتمي الآن وما العمل حيال ذلك. يقدم كل من أرمينيا وأذربيجان مبرراتهما الأساسية للانتماء التاريخي لهذه المنطقة، لكن كل هذه الأدلة لا تؤثر على أي شخص باستثناء الأرمن والأذربيجانيين أنفسهم على التوالي. في المكان الذي فيه محاميان - هناك حرب. حيث اثنين من المؤرخين - هناك أيضا الحرب. سيتعين علينا أن نكون على دراية بالأمر الرئيسي: إذا انهار الاتحاد السوفيتي بأكمله، فسيتم تدمير جميع أجزائه المكونة، جميع الطوابق حتماً. إذ انهارت الأبراج العالية بالكامل، ومن غير المحتمل أن يكون من الممكن تجميعها بالترتيب العكسي سواء أعجب هذا أحداً أم لا. هذه حقيقة موضوعية. في المجال القانوني، لن يثبت أحد أي شيء لأي شخص. لذلك، إذا أراد أحدهم القتال في مثل هذه الحالة، عليه تقييم كل القوى والظروف بوقاحة، فهذا شأنه.
- ماذا يجب أن تفعل باكو الرسمية في هذه الحالة؟
- تعمل باكو في هذا الموقف ما هو ممكن على الحد الأقصى، كما قلت بالفعل، وأنها على الاستعداد للعملية السياسية وتسوية النزاع بالوسائل السلمية. علاوة على ذلك، وفقاً لجميع المعايير الدولية التي لم يدحضها أحد أو يُلغىها، يجب إعادة أرض قاره باغ إليها. الآن، إذا استنتج الوسطاء الدوليون أن أذربيجان فقدت حقوقها على قاره باغ ، ناهيك عن المناطق المجاورة لها، في هذه الحالة ستكون أذربيجان طرفاً مغلوباً عليه تماماً. لكن في الوقت الحالي، فإن القانون الدولي يقف إلى جانب باكو. ولكن في هذا الموقف بالذات، اعتباراً من اليوم، يمكن لأذربيجان استخدام أدوات الضغط غير العسكرية والمرتبطة بالانتهاك الصريح للمبادئ الأساسية لعملية التفاوض من قبل نيكول باشينيان.
لدى باكو الآن إمكانيات واسعة للتحرك. يمكنها أن تستعين في أي مكان إلى أي شخص. لكن باكو لا تستخدم هذه الإمكانيات. وأنا لا أفهم هذا التكتيك الغريب. بعد كل شيء، لا يمكن أن يستمر الوضع هكذا، بالنسبة لأذربيجان، إلى الأبد. وسوف تضطر أذربيجانإلى شن الحرب مرة أخرى. أو، كما يقولون الآن، "من يقاتل هو غبي".
- كيف تقيم موقف موسكو الرسمي؟
- موقف موسكو لم يتغير: حل النزاع بالوسائل السلمية والسياسية والوسائل الدبلوماسية والتفاوضية. بالمناسبة، لن ننسى أنه بفضل موسكو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين توقفت حرب "أبريل" لعام 2016. ولكن مرت ثلاث سنوات. وأحد المشاكل الرئيسية، كما يبدو لي، هو أنه بدلاً من سيرج سارجسيان في يريفان ، فجأة (أشدد: فجأة) ظهر نيكول باشينيان الذي لديه ميول واضحة لتفاقم جميع العمليات التي يشارك فيها، ويكفي حادث منظمة معاهدة الأمن المشترك، وكذلك التركيز على حل مشاكلتهم الداخلية، بما في ذلك في إطار عملية قاره باغ، لم يرتبط دائماً بموقف موسكو وباكو.
الإعداد: كمال علي
الترجمة: د. ذاكر قاسموف