أصبح العنف والأزمات الإنسانية في الشرق الأوسط موضوعاً رئيسياً للساحة السياسية العالمية. خلال فترة طويلة، لا يزال العراق يعاني من الإرهاب وضعف مؤسسات الدولة. عمت الفوضى البلاد عقب إعدام الزعيم العراقي صدام حسين. تختاف الآراء حول أسباب هذا الالتباس في الشرق الأوسط جداً. يلوم البعض الولايات المتحدة، بينما يلوم آخرون نظام صدام حسين.
اجرت Eurasia Diary حواراً مع اللفتنانت كولونيل الأمريكي ريك فرانكونا الذي كان يشارك في عدة مهام في العراق والخليج الفارسي/العربي في عهد صدام حسين.
من الجدير بالذكر أن ريك فرانكونا مؤلف ومعلق ومحلل عسكري. وقد شغل منصب ضابط المخابرات الجوية الأمريكية. شارك ريك فرانكونا في عمليات مختلفة خلال حربي فيتنام والخليج ضمن وكالة الأمن القومي ووحدة الاستخبارات العسكرية بوزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية.
- ماذا يمكنك أن تقول عن شخصية صدام حسين ونفوذه في الشرق الأوسط؟
- بالطبع ، يعتمد على من وأين يقول. حاربه عرب الخليج (خاصة الكويت والسعودية) في 1990-1991 ، وكانوا يعتبر سفاحاً وقاتلاً. في بعض الأوساط العربية السنية، خاصة في العراق، كانوا يرون فيه بطلاً. حتى بعد الإطاحة به وإعدامه، لا يزال هناك حشد كبير من أنصاره. عند التحدث مع هؤلاء العراقيين اليوم ، نرى حنيناً إلى الماضي عندما كان في السلطة. بالطبع، تحت قيادة صدام كانوا متقدمين وذلك على حساب الأكراد والعرب الشيعة في البلاد.
- على الرغم من وصفه بديكتاتور، فقد دعمت الولايات المتحدة صدام حسين خلال الحرب مع إيران، والتي استمرت لعدة سنوات. بعد الحرب قرروا الإطاحة به. ماذا يعني هذا؟ مشكلة صدام أم تغيير في السياسة الأمريكية؟
- شاركت شخصياً في دعم العراق من قبل الولايات المتحدة في عامي 1987 و1988. في وقت سابق، كان من الواجب القيام بتبادل المعلومات الاستخباراتية التي يستفيد كل من الطرفين منها – كان العراقيون يريدون معلومات عن القوات الإيرانية والولايات المتحدة كانت مهتمة بمعلومات عن الجماعات الإرهابية في العراق والمنطقة، وخاصة في لبنان. من الجدير بالذكر أن إيران كانت تحتفظ بالأمريكيين والغربيين كرهائن في ذلك الوقت.
جاء الدعم الحقيقي للعراق في عام 1988. وقد توقعت وكالات الاستخبارات الأمريكية أن إيران قد تشن هجوماً عسكرياً في الربيع وتكسر الخط العراقي في البصرة وتربح الحرب. كانت وزارة الدفاع تهدف إلى الحيلولة دون هذا، وتم تزويد القوات العراقية بصورة مستمرة بمعلومات استخباراتية. كنت أحد الضباط المشاركين في هذا البرنامج.
3 مارس 1991، محادثات السلام في حرب الخليج - ريك فرانكونا والجنرال نورمان شوارزكوف والجنرال العراقي سلطان أحمد هاشم
بالنسبة للإطاحة بصدام، كان هناك جهد مدعوم من الولايات المتحدة في منتصف التسعينيات. بعد غزو الكويت في عام 1991 تبين أن العراقيين، رغم هزيمتهم، ما زالوا يشكلون تهديداً على جيرانهم. في ذلك الوقت، كنا نعتقد أن صدام أراد صنع سلاح الدمار الشامل -الأسلحة الكيميائية. ركزت أميركا جهودها بشكل أساسي على جماعات المعارضة العراقية وخاصة الجماعات الكردية، رغم أن المجموعتين الكرديتين الرئيسيتين في العديد من الحالات كانتا تواجهان بعضهما البعض، وليس صدام حسين.
ريك فرانكونا مع أحد قادة " البيشمركه"
تبين للقيادة الأمريكية في عام 2003 أنه لم تكن هناك معارضة داخلية أو خارجية قوية لإزاحة صدام من السلطة. تبينت بالفعل الحاجة إلى قوة عسكرية خارجية لإبعاده من السلطة.
- كان صدام حسين يسمى بديكتاتور سفاح. هل توافق على فكرة أن الشرق منطقة قاسية وأنه إذا لم يمارس الزعيم ضغوطاً، فقد يتولد فوضى؟ بعد مقتل صدام حسين، عمت العراق الموجات من الرعب.
- كان صدام ديكتاتوراً وحشياً. في وقته، كان المعارض يستحق الموت. كان صدام ماهراً في توجيه القبائل العربية والجماعات الكردية وحتى الشيعة بعضها على البعض. إن القرار الكارثي الذي اتخذته الولايات المتحدة بتفكيك الجيش العراقي وإلغاء حزب البعث العراقي الحاكم بعد الإطاحة بصدام قد أحدث فراغاً كبيراً في البلاد. كان هذا محفزاً رئيسياً للثورات التي أدت إلى الحرب الأهلية.
- أعدم صدام حسين بتهمة انتهاكه القانون. هل كان قرار إعدام صدام صحيحاً، حتى فيما يتعلق بالمصالح الأمريكية؟
- "لقد أُعدم صدام في قضية واحدة فقط، اعتقدت أنه كان من الواجب محاكمته ليس فقط على جرائم القتل في قرية دوكيل، بل على جميع جرائمهم". هذا من شأنه وضع حد للحنين إلى الديكتاتور، ولكن، كانت القيادة العراقية في شخص القيادة الشيعية تهدف بقتله إلى حرمان حركة المقاومة المناهضة للولايات المتحدة من القيادة.
ضابط المخابرات المركزية الأمريكية ريك فرانكونا في زي المقاتل الكردي في العراق عام 1996
- جعل غياب صدام حسين إيران دون منافس في الشرق الأوسط، وأزاد هذا الحادث قوة إيران. هل كانت الإطاحة بالمنافس الرئيسي لإيران قراراً حكيماً ؟
- إني موافق على أن غياب صدام خلق ظروفاً لزيادة النفوذ الإيراني. لم يكن سبب هذا الوضع هو إبعاد صدام عن السلطة، بل السبب هو إنهيار الجيش العراقي. وفقاً للخطة الأمريكية الأصلية كان على الجيش أن يتولى السلطة بعد صدام. مع انهيار الجيش، ترك الخدمة الطاقم البالغ قوامه 300 ألف فرد والذي وعد بإقامة العراق الجديد، مما تسبب في جميع المشاكل: الحرب الأهلية وصعود داعش ومحاولة إيران أن تصبح مهيمنة ليس فقط في الخليج بل في الشرق الأوسط.
أجرى المقابلة: أعلوي أحمدلي
الترجمة: د. ذاكر قاسموف