أثار الاتفاق العسكري بين الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا المعروف اختصاراً باسم اتفاق "أوكوس"، أو اتفاقية النظام الدفاعي المشترك الجديدة، احتجاجات قوية من جانب الصين وفرنسا، وكذلك الاتحاد الأوروبي.
فهذا التحالف الثلاثي قائم علي تحالف استراتيجي له أهداف عسكرية ودفاعية تتمثل في جوانب عديدة، منها التعاون من أجل بناء فئة من الغواصات النووية في المحيطين الهندي والهادئ، وكذلك لمحاربة نفوذ الصين المتزايد والمهدِّد في المنطقة، فبموجب شروط الاتفاقية، ستنهي استراليا، التي تعهدت ببناء ثماني غواصات نووية بقيمة 60 مليار دولار، عقداُ تم توقيعه عام 2016 مع فرنسا لبناء 12 غواصة تعمل بالديزل الكهربائي بقيمة 90 مليار دولار، ومن ثم ستحل الغواصة كولينز محلها، هذا بالإضافة إلي أن الاتفاق سيتيج لكل من بريطانيا واستراليا مشاركة الولايات في تكنولوجيا المحركات النووية لأول مرة مع حليف آخر غير بريطانيا.
ترى الصين في الاتفاق محاولة للتأثير على مجال نفوذها البحري في الجنوب، وأنه قد يؤدي إلى سباق التسلح في المنطقة، خاصة وأن المنطقة غير الساحلية كانت منطقة متوترة لسنوات عديدة، وقد عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان عن قلق بلاده من ذلك الحلف الذي من شأنه أن يعمل بشكل خطير علي تقويض السلام في المنطقة وتكثيف سباق التسلح، ولذلك فإن هذا الاتفاق يعبر عن عقلية الحرب الباردة السابقة.
جاء الرد الفرنسي علي الاتفاق العسكري بين كل من الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا أكثر حدة، خاصة وأنها دولة أوروبية وعضو في حلف الناتو، خاصة وأن للإتفاق كان له نتائج سلبية سريعة عليها تمثل في إلغاء استراليا لصفقة شراء أسلحة فرنسية بقيمة 90 مليار دولا، ولذلك فقد شكل تجاهل دعوتها لمثل هذا الإتفاق صدمة كبيرة عبر عنها السفير الفرنسي لدى الولايات المتحدة فيليب إتيان، عندما غرد علي حسابه علي موفع التواصل الاجتماعي: "من المثير للاهتمام، قبل 240 عاماً بالضبط، هزمت البحرية الفرنسية الأسطول البريطاني في خليج تشيسابيك، مما أدى إلى النصر في يوركتاو واستقلال الولايات المتحدة".
وبهذا التعليق، حاول الدبلوماسي التعبير عن أن الكراهية التاريخية ضد فرنسا لا تزال متجذرة بعمق في القلوب، وقالت السفارة الفرنسية في واشنطن أيضاً في بيان إن استبعاد فرنسا من الاتفاقية كان تناقضاً بين الطرفين. حتى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان وصف الاتفاق بشكل غير رسمي بأنه "طعنة جرح من الخلف".
كانت فرنسا قد وصفت صفقة الأسلحة مع استراليا عند التوقيع عليها عام 2016 بأنها صفقة القرن وبداية "زواج" مدته 50 عاماً، ولذلك فقد رأت فرنسا في الاتفاقية، التي من شأنها أن تعمل علي توسيع استكشاف الأسلحة والاتصالات في المحيطين الهندي والهادئ، رمزاً للتحالف الاسترالي الفرنسي، كما لعبت اتفاقية الشراكة الفرنسية الاسترالية دوراً رئيسياً في استراتيجية الهند والمحيط الهادئ عام 2018، وعلى الرغم من شكاوى كانبيرا الرسمية بشأن التأخيرات المستمرة والحمولة الزائدة، فقد اعتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه يمكن بطريقة ما تهدئة مخاوف استراليا، ولم تتوقع فرنسا أن يتم تهميشها لهذا السبب وحده، ولكن لسبب آخر هو تأثير الولايات المتحدة، التي فقدت الثقة في تعبير فرنسا السابق عن "طريق وسيط" في علاقاتها مع الصين وموقفها المنافق.
استخدم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون هذه التصريحات أمام الولايات المتحدة ، قائلاً إن أوروبا لديها سلطة مستقلة في الحكم، ولكن يبدو أن الولايات المتحدة لم تنسي تلك التصريحات لحظة واحدة، وقد تكون هذه التصريحات أيضاً هي السبب في استبعاد فرنسا من هذا الاتفاق العسكري الثلاثي.
لقد كشف الاتفاق العسكري بين الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا عن وجود تصدعات كبيرة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشمل فعلي، فقد شكلت الولايات المتحدة، من جهة، وبريطانيا، التي غادرت الاتحاد الأوروبي بتحريض من الولايات المتحدة، من جهة ثانية، واستراليا من جهة ثالثة، على الجانب الآخر من المحيط الأطلني، المثلث الانجلوسكسوني.
تكمن الأهمية الجيوسياسية للاتفاقية في توفير إطار قانوني للولايات المتحدة في الوصول إلي الساحل الصيني بدعم من اليابان، أحد حلفائها الإقليميين، ومن ثم سيكون علي الصين من الآن مواجهة الشراكة العسكرية القوية الجديدة بمفردها، بعد هذا الاتفاق، سيكون على واشنطن التعاون مع الصين من خلال اتباع سياسة تكتيكية أكثر مرونة، خاصة بعد الفشل في أفغانستان، حيث تريد الولايات المتحدة توجيه اهتمامها إلى آسيا ومواصلة هذا المشروع مع المملكة المتحدة، التي تولي أهمية أكبر للشراكة من الاتحاد الأوروبي.
من جانبها تعتزم الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجراء تحقيق بشأن الاتفاقية، لمعرفة ما إذا كانت الاتفاقية تنتهك شروط معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أم لا.
يجب الاستناد إلي Ednews (يوميات أوراسيا) في حالة استخدام المادة الإخبارية من الموقع