خرج آلاف التونسيين في تظاهراتٍ حاشدة مطالِبين بعودة الديمقراطية المكتسبة ورافضين خطوة الرئيس قيس سعيّد حل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعيين هيئة جديدة بقرار فردي منه.
هتف المحتجون الذين احتشدوا وسط العاصمة تونس في مظاهرة من بين أكبر المظاهرات المناهضة لسياساته منذ شهور: "الشعب يريد الديمقراطية" و"يا سعيّد زاد الفقر زاد الجوع". وجاء احتجاجهم بعد مرور أسبوع على مظاهرة أصغر من التي خرجت اليوم، تأييدا لسعيّد.
وفي تأكيد للمعارضة الواسعة بين الأحزاب السياسية لسعيد، الذي يبدو أنه لايزال يحتفظ بشعبية بين المواطنين العاديين، نظم مئات من أنصار الحزب الدستوري الحرّ بقيادة عبير موسي احتجاجا منفصلا ضد سعيد أيضا. وموسي من مؤيدي الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به انتفاضة 2011.
وعزز قيس سعيّد حكم الرجل الواحد منذ سيطرته على السلطة التنفيذية في الصيف الماضي وتعليقه عمل البرلمان وانتقاله إلى الحكم بمراسيم وقوله إنه سيطرح في استفتاء عام دستورا بديلا للدستور الذي أقر في 2014.
وينفي سعيد أنه قاد انقلابا ويقول إن تدخله قانوني وضروري لإنقاذ تونس من حالة الشلل السياسي والركود الاقتصادي المستمرة منذ سنوات بسبب نخبة يقول إنها فاسدة وتعمل لمصالحها بعد أن سيطرت على الحكم.
في نفس الوقت، يمر الاقتصاد التونسي والمالية العامة للدولة بأزمة، وتجري الحكومة محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ وسط فقر مدقع وضائقة شديدة.
وألقت إجراءات سعيد بتونس في خضم أسوأ أزمة سياسية تمر بها البلاد منذ انتفاضة عام 2011 التي جاءت بالديمقراطية وأطلقت شرارة "الربيع العربي" وهو ما يهدد الحقوق والحريات التي اكتسبها التونسيون منذ 11 عاما.
وغيّر سعيد المجلس الأعلى للقضاء الذي كان ضامنا لاستقلال القضاء كما غيّر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مما أضفى شكوكا على سلامة كل مَن عمل في القضاء والانتخابات.
وجاء دستور عام 2014 ثمرة شهور من المفاوضات المكثفة بين طيف واسع من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ومن بينها الاتحاد العام التونسي للشغل وهو منظمة قوية تضم أكثر من مليون عضو.
ويرفض سعيّد دعوات لإجراء حوار شامل مماثل قائلا إن من عارضوا إجراءاته يجب ألا يشاركوا في أي مناقشات حول مستقبل تونس وذلك في الوقت الذي يستعدّ فيه لإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد.
وقال السياسي المخضرم نجيب الشابي في كلمة أمام المحتجين "التونسيون يرفضون تغيير هيئة الانتخابات... التونسيون موجودون هنا لرفض استفتاء سعيد".
احتشد أنصار الحزب الدستوري الحر، والذي يوجه انتقادات كثيرا للسياسات الديمقراطية في البلاد منذ الانتفاضة ويقول إن العشر سنوات الماضية "كانت عشرية خراب"، للاحتجاج على مسعى سعيّد لتغيير النظام السياسي بشكل فردي.