استخدمت الصين وروسيا كما كان متوقعاً حقّ النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي الخميس 26 مايو 2022 ضدّ مشروع قرار أمريكي لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية بعد اختبارها صواريخ بالستية، ما يعكس بشكل واضح انقسام هذه الهيئة الدولية والذي يمكن أن تستفيد منه بيونج يانج.
وصوتت لدول الـ13 الأخرى الأعضاء لمصلحة المشروع الذي نصّ على خفض في واردات بيونج يانج من النفط الخام والمكرّر.
وفي الكواليس، عبّر عدد من حلفاء واشنطن عن أسفهم لإصرارها على إجراء تصويت مع علمها بأنّ الصين وروسيا ستستخدمان الفيتو ضدّ مشروع القرار. لكن الأمريكيين يرون أنّ عدم التحرك في هذا الوضع أسوأ من سيناريو عرقلة بلدين لتبنّي القرار، كما ذكر سفير طلب عدم كشف هويته.
واشارت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، مبررة الخطوة، إلى أنه منذ 2017 حين تبنى مجلس الأمن بالإجماع ثلاث مجموعات من العقوبات القاسية، لم يؤد ضبط النفس والصمت من قبل المجلس إلى إزالة التهديد ولا حتى إلى خفضه.
واضافت السفيرة الأمريكية بل بالعكس، شكل جمود المجلس تشجيعا لكوريا الشمالية. وكانت قد اعتبرت قبل التصويت أنّ إطلاق الصواريخ البالستية بما فيها العابرة للقارات يمثّل تهديداً للسلم والأمن للمجتمع الدولي بأسره.
من جهته، وخلال نقاش متوتر مع الدبلوماسية الأمريكية، اتهم السفير الصيني تشانغ جون الولايات المتحدة بأنها سعت إلى الفشل وإلى إبعاد المجلس عن الحوار والمصالحة. وقال إن عقدة المشكلة هي معرفة إذا كانوا يريدون استخدام ملف شبه الجزيرة الكورية لإستراتيجيتهم المزعومة في المحيطين الهندي والهادئ.
وقبل التصويت، أكد السفير الصيني لصحفيين رفض بكين التام لأي محاولة لجعل آسيا ساحة معركة أو لإثارة مواجهات أو توتر فيها. ودعا تشانغ جون الولايات المتحدة إلى العمل على تشجيع حل سياسي، مؤكدا أن عقوبات جديدة سيكون لها عواقب إنسانية في كوريا الشمالية التي تواجه منذ فترة قصيرة انتشار كوفيد-19. كما دعا إلى تجنّب أي خطوة استفزازية، مطالباً الولايات المتحدة باستئناف الحوار مع كوريا الشمالية.
أما سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، فقد اتهم الولايات المتحدة بتجاهل دعوات بيونج يانج إلى وضع حد لأنشطتها العدائية، وأن زملاءنا الأمريكيين والغربيين لا يملكون على ما يبدو أي رد على أوضاع الأزمات سوى فرض عقوبات جديدة.
نصّ مشروع القرار الأمريكي على حظر صادرات كوريا الشمالية من الفحم وساعات اليد والحائط وأيّ بيع أو نقل للتبغ إلى بيونج يانج. كما يهدف إلى تعزيز مكافحة الأنشطة الإلكترونية لبيونج يانج.
ويبعد رفض هذا المشروع والانقسام الواضح لمجلس الأمن الدولي بشأن ملف كوريا الشمالية، يخشى دبلوماسيون أن تجد هذه الهيئة صعوبة في الإبقاء على الضغط لتطبيق العقوبات الأخيرة التي فرضتها على بيونغ يانغ في 2017.
وقد أظهر المجلس حينذاك وحدة في الردّ على تجارب نووية وصاروخية أجرتها كوريا الشمالية وذلك من خلال إقرار ثلاث حزم عقوبات اقتصادية عليها في مجالات النفط والفحم والحديد وصيد الأسماك والمنسوجات.
وطورت كوريا الشمالية أسلحة بالستية ولديها عدداً من القنابل الذريّة، لكنها لم تنجح بعد حسب دبلوماسيين، في الجمع بين التقنيتين وتطوير صاروخ برأس نووي، وأجرت كوريا الشمالية هذا الأسبوع عددا من تجارب إطلاق الصواريخ بما في ذلك أكبر صاروخ بالستي عابر للقارات تملكه على الأرجح، بعد وقت قصير من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى آسيا.