القران الكريم؛ يونس 56: "هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"
في الأسبوع الماضي، توفى صديقنا المقدر، الأستاذ لطفي زاده. فمع العين المسيل للدموع جنبا إلى جنب مع ابتسامة الناشئة أننا نصوغ هذه القصة الصغيرة عن حياة الأستاذ لطفي زاده المغامرة واللامعة، والتي تشرفت بمشاركتها وإعادة سرد دوري الصغير في تلك الحياة.
كان لطفي زاده رجلاً رائعاً. لاشك أنه ابن فخورلأذربيجان واستقبلته أميركا، الذي كبر في إيران الملكية. عالم بارز، عالم رياضيات ومهندس، والذي غيرت أعماله في لمح البصر العالم المعاصر، حتى لا تتصورون كيف. رجل سخي بصورة غريبة جداً لوقته، في إسداء النصائح. كان زوجاً وأباً جيداً.
كان لطفي زاده يمثل كل هذا وأكثر. كنت أعرفه كرجل، عالم لم أتمكن من فهمه تماما، ولكن قبلته كجزء من حياتي العادية. كنت أعرفه باسم "بطل مسقط رأسه"، الذي تمكن من إحتواء العالم كله وترك فيه أثراً كبيراً. عرفته على أنه الرجل الذي له احترام كبير لدى الجميع في وطني الثاني، أذربيجان.
الأستاذ زاده، كما فضل أن ندعوه، عرفني كرجل شاب فضولي، يعمل مع صديقه العزيز، والقنصل العام في الماضي القريب، والآن السفير إيلين سليمانوف. لقد ناقشنا مع الأستاذ الشؤون الخارجية والعلوم التي كان يعبدها. وكانت مناقشاتنا فوارة، لكنه كان دائما لطيفاً معي عندما كان الموضوع يتطرق إلى العلم. وتحدثنا عن الأسرة، ومصيرنا المشترك، والسياسة، وعن أذربيجان الحبيبة. في جوهره، عرفني بأنه الرجل الأمريكي الذي يعمل مع أذربيجان.
اكتسب البروفسور زادة شهرة وتقديراً كمؤسس "المنطق الغامض" (fuzzy logic) وهو احدى اكبر انجازاته والذي احدث تغييرا في عالم الذكاء الصناعي. وبعد إثبات نظرياته، كان العديد منها وجدت تطبيقها العملي الناجح مثلاً في مجال السكك الحديدية عالية السرعة، والهواتف الذكية، أجهزة الكمبيوتر الجيبية، مساعدة الطيران لطائرات الهليكوبتر، والسيطرة على أنظمة مترو الانفاق، وتحسين استهلاك الوقود للسيارات، والزر الواحد للتحكم على الآلات، والتحكم الآلي لمحركات الآلات، والمعرفة المبكر لحدوث الزلازل وهلم جرا.
ليس من قبيل المبالغة أن نقول عموماً إننا جميعا، وكل واحد منا، نحس البروفيسور زاده كل يوم في حياتنا. وسيستمر منطقه الغامض في جعل عالمنا أكثر أمانا وأفضل مكاناً مقدماً للعقود القادمة.
التقيت لأول مرة الأستاذ زاده في مطار فرانكفورت في ألمانيا. وسهل السفير سليمانوف، وهو صديق سبق ذكره، زيارة الأستاذ الأولى إلى أذربيجان منذ مضي سنوات من مغادرته للبلاد. وبما أن السفير كان قلقا بشأن الأستاذ وأنه قد ينتقل من محطة إلى أخرى، فقد كلفني بإيجاده وضمان أن كل شيء كان جيدا معه في مطار فرانكفورت الكبير جدا. بعد عبوره نقاط التفتيش من خلال عدة محطات المطار، مما دفع موظفي لوفتهانزا إلى الدرجة التي أرادوا فيها طردي من المطار، وبطبيعة الحال، جراء المشي الإجباري حول ساحات البوابات والسؤال لكل رجل كبير السن الذي أراه "هل حضرتك الأستاذ لطفي زاده؟". وأخيرا، وجدته، وبالتالي أصبحنا صديقين قريبين.
الأستاذ زاده، كان رجلا لا يشبه لأبناء بلده - سخاء قوي ومحبة والعطاء. في بيركلي، حيث كان لطفي زاده يدرس ويعيش، وقال انه يشعر بسعادة من دعمه وتفديمه المساعدة للكل في التوصل إلى النجاح. هو وزوجته حتى جلسا مع ابنتي الخطوة في بيتهما في بيركلي لإ سداء النصائح لها بشأن إمكانية اختيارها جامعة كاليفورنيا في بيركلي لعملها القادم في مجال الرياضيات.
كان لطفي زاده ابن أذربيجان، ابن العلم، ابن الشعب اليهودي وابن لنا جميعا.
كما نقول باللغة اليديشية، "قد تكون ذاكرته للبركة". الأستاذ زاده، سوف نراكم مرة أخرى.
جيسون كاتز الخبير السياسي