قام الرئيس الإيراني حسن روحني بزيارته الرسمية الأولى في هذه السنة إلى الفيدرالية الروسية مؤكداً بذلك على أهمية العلاقات الثنائية المتنامية في العديد من الاتجاهات مع روسيا . وأشاد فلاديمير بوتين بتطور التعاون بين موسكو وطهران في المجال الاقتصادي في حين أكد نظيره الإيراني إقامة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
ومن هذه الناحية تكتسب علاقات إيران مع روسيا أهمية كبيرة بالنسبة لطهران ولاسيما في المجالات التي لا بديل لها. وهي الطاقة (النووية والحرارية) ومجال النفط والغاز والكهربة وتجديد الخطوط الحديدية والنقل البري والفضاء والمواصلات والزراعة والتعاون العسكري التقني. للأسواق الإيرانية أهمية خاصة لروسيا أخذاً بالاعتبارإمكانياتها في تصدير المنتجات الصناعية ليست فقط موارد الطاقة كما هي في العلاقات مع الدول العديدة.
أبدى الطرفان في المفاوضات الحالية الاهتمام الكبير لتطوير العلاقات الاقتصادية التي تبلورت في توقيع 16 اتفاقية مشتركة بما فيها التي تشمل التعاون مع غازبروم وروس أتوم والخطوط الحديدية. تم التأكيد على تخصيص القروض بقدر 1.2 مليار دولار لمدة 5 سنوات من جانب الفيدرالية الروسية لكهربة قسم كارمسار- إنجابورون من الخطوط الحديدية والتي ستمكن من إتمام مشروع ممر النقل الدولي "الشمال- الجنوب" الذي يربط بين ميناء مومباي الهندي عبر ميناء بندر عباس الإيراني وأراضي أذربيجان وروسيا وبلدان أوروبا الشمالية ويزيد قدرة نقل الترنزيت لجميع الأطراف المشاركة في هذا المشروع. تمت مناقشة مسألة إقامة منطقة التجارة الحرة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأورأسيوي الاقتصادي وإيران.
ممر النقل "الشمال-الجنوب"
خلال السنة الماضية بلغ التبادل التجاري بين الدولتين 2 مليارين دولار وبلغ أعلى مستواه في عام 2011 بقدر 3.7 مليار دولار. ومن المقرر الوصول خلال السنوات القليلة القادمة إلى 10 مليارات دولار. في الواقعة لم تكن هذه المؤشرات كبيرة آخذاً بالاعتبار إمكانيات متوفرة لدى الدولتين أو بمقارنة التبادل التجاري بين روسيا وتركيا الذي بلغ في السنة الماضية 15 مليار دولار وأنه كان قبل سنتين ب31 مليار دولار. وتسر الجانبين الديناميكية الإيجابية بين موسكو وطهران التي سجلت النمو ب70% في التجارة المشتركة في السنة الماضية. ومن الناحية الأخرى تجدر الإشارة إلى الاتفاقيات المبرمة بين إيران وكل من فرنسا وإيطاليا ب15مليار دولار و17 مليار دولار. في يناير 2016 قام الرئيس الصيني سي تسزينبين بزيارة إيران حيث تم توفيق خطة زيادة التبادل التجاري الثنائي بين إيران والصين. ويبدو أنه هناك إمكانيات متوفرة لزيادة التبادل التجاري بين روسيا وإيران التي كانت تعاني من العقوبات المفروضة عليها ولديها طلبات كثيرة ومتأخرة على كمية هائلة من المواد والمنتجات في العيديد من المجالات.
يجرى الحوار بين كرملين وطهران على ضوء إقامة العلاقات المميزة بين العربية السعودية والولايات المتحدة. السعودية والجمهورية الإسلامية دولتان متنافستان في المنطقة ولذلك أنهما مهتمتان في التعاون الاستراتيجي بالدول الكبرى في العالم. تنويروسيا في إقامة العلاقات الاستراتيجية مع إيران حماية مصالحها الوطنية وتعزيز الاستقرار في القوقاز الجنوبية وآسيا الوسطى والشرق الأوسط. وطهران بدورها قلقة من اللهجة العسكرية المتشددة للرئيس الأمريكي وهذا ما يسر بعض الدول في الخليج الفارسي وخاصة آخذاً بالاعتبار عدد من المواجهات بين السفن العسكرية الأمريكية والإيرانية في الخليج. وفضلاً عن هذا اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمهورية الإسلامية الإيرانية في محاولة زعزعة الأوضاع في سوريا والعراق وزيادة نفوذها في المنطقة قال إن الجمهورية الإسلامية ذاتها مسئولة عن التوتر السائد في المنطقة وأنه يتوقع الخطوات البناءة منها نحو تغيير سياستها.
في هذه الظروف المعقدة وقعت طهران في حاجة ملحة في دعم القدرة العسكرية الكبيرة القادرة على مواجهة التحالف المضاد لإيران الذي تنضم إليه إسرائيل. لذلك صرح بعض كبار المسئولين الإيرانيين حول التحالف مع روسيا مشيرين إلى التعاون الناجح في سوريا والذي مكن من كسر الوضع. ولكن كما أثبت التاريخ تتمسك إيران كالمعتاد بمصالحها الخاصة ويمكن إقامة الشراكة معها عند اتفاق المصالح من الجانبين.
آنار صديقوف
الباحث السايسي الروسي والخبير في شئون القوقاز والشرق الأوسط ودكتور الفلسفة في التاريخ. حصري ليوميات اوأسيا
الترجمة من الروسية: د.ذاكر قاسموف