وزير الخارجية العماني في القدس.. السياق والدلالات

جاءت الزيارة في إطار توجه عربي صار يشجع مثل هذه الزيارات، وينبذ مقاطعة التواصل مع سكان القدس بالذات ولقائهم، وهو التوجه الذي دعا إليه مؤخرا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

تحليلات 18:30 25.02.2018

في زيارة هي الأولى لمسؤول عماني وصفت بـ "النادرة"، وصل في 14 فبراير / شباط الجاري وزير خارجية السلطنة يوسف بن علوي، إلى محافظة أريحا في الضفة الغربية عبر جسر الملك حسين (اللنبي) الذي يسيطر عليه الإسرائيليون.

المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، نفى أن يكون على علم بزيارة الوزير العماني، وإن كانت الزيارة، كما سواها، لا يمكن أن تتم من دون موافقة إسرائيلية.

وأثارت الزيارة قليلا من الجدل خلافا لزيارات أخرى لمسؤولين عرب أو جمعيات أو منظمات أو شخصيات، أثارت جدلا واسعا.

ففي سبتمبر / أيلول 2014، قام وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الصباح بزيارة إلى مدينة القدس، قوبلت بردود عدة انتقدت في معظمها الزيارة، ووصفتها بأنها "خطوة على طريق التطبيع".

وسبق ذلك زيارة مفتي مصر، وقتها، علي جمعة في أبريل / نيسان 2012 برفقة أمير أردني للمسجد الأقصى، جوبهت بموجة من الانتقادات من قبل علماء دين وطلاب جامعة الأزهر، وأوساط سياسية واجتماعية اعتبرت الزيارة نوعا من التطبيع، رغم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اللذين يرتبطان باتفاقية سلام.

وفي 9 ديسمبر / كانون الأول 2017 وصل وفد بحريني لا يتمتع بصفة رسمية من جمعية "هذه هي البحرين"، ضم 23 شخصية، في زيارة استمرت لأربعة أيام بقصد إبراز التسامح الديني لدى البحرين تجاه الأديان كافة، لاقت كذلك انتقادات واسعة في الأوساط العربية.

تاريخيا، ارتبطت عُمان بعلاقات مع إسرائيل بلغت ذروتها بتبادل مكاتب التمثيل التجاري في يناير / كانون الثاني 1996، والذي تم تعليق العمل به بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.

وتعد السلطنة من بين أولى الدول الخليجية التي أنشات علاقات مع إسرائيل بعد بدء عملية السلام العربي الإسرائيلي بمؤتمر مدريد 1991، واتفاقيات أوسلو عام 1993، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994، التي بموجبها اعترفت إسرائيل بإشراف الأردن على المقدسات الإسلامية في القدس.

ومطلع عام 2000، زار مسؤولون إسرائيليون، مسقط، بعد وقت قصير من مباحثات أجراها مسؤولان عمانيان من وزارة الخارجية في القدس مع نظراء إسرائيليين.

وأجرى إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي في 26 ديسمبر / كانون الأول 1994، مباحثات مباشرة مع السلطان قابوس في مسقط، في حين استقبل خلفه شمعون بيريز الوزير بن علوي في القدس بعد اغتيال رابين في 4 نوفمبر / تشرين الثاني 1995 بعدة أيام.

كما جمعت العاصمة القطرية الوزير العماني مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني خلال زيارتهما الدوحة عام 2008، وهو اللقاء الرسمي الأخير بين مسؤولين من البلدين.

وتتبنى عمان خطوطا عريضة في سياساتها الخارجية تتمحور حول النأي بالنفس بعيدا عن الاصطفافات الإقليمية والتحالفات الدولية، ما يجعلها على الدوام مؤهلة للعب دور الوسيط وتقريب وجهات النظر بين الدول.

وبحسب موقع وزارة الخارجية، فإن السلطنة تؤيد دعوة جامعة الدول العربية إلى إعادة ملف الصراع العربي الإسرائيلي برمته إلى مجلس الأمن الدولي لإيجاد تسوية دائمة وشاملة، من منطلق حرص وتمسك الدول العربية بالسلام خيارا استراتيجيا، ومنطلقا للتعايش بين العرب وإسرائيل.

وفي الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في 10 ديسمبر الماضي، تحدث الوزير بن علوي عن أن جامعة الدول العربية "ليست مسجدا، بل هي دار للسياسة والعمل بالسياسة، وسنتخذ قرارات تعبر عن حقائق الأمر في ذات الوقت الذي تسعد أشقاءنا في ساحات المظاهرات"، في إشارة إلى احتجاجات الفلسطينيين على القرار الأمريكي بشأن القدس.

وفي 6 ديسمبر، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار القدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة.

وبدا إعلان ترامب، نقطة افتراق في نظرة عموم العرب إلى زيارة فلسطين والأماكن المقدسة في القدس، وتحولهم باتجاه أكثر مرونة نحو انفتاح أوسع لتجاهل سياسة مقاطعة زيارة سكان القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، والتضامن معهم في رفض سياسات التهويد واستلاب الهوية.

ولا تبتعد زيارة الوزير العماني عن التوجه العام لدى العرب والمسلمين بعد القرار الأمريكي، والاتجاه نحو نبذ مقاطعة العرب والمسلمين لزيارة القدس وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ففي 13 ديسمبر، عقدت منظمة المؤتمر الإسلامي اجتماعا لها في إسطنبول ردا على قرار ترامب، دعا خلاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأمة الإسلامية، للسفر إلى القدس والمسجد الأقصى تحديدا.

بعدها بخمسة أيام، أوجب مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين، على جميع الدول العربية والإسلامية ضرورة الذهاب للقدس وزيارة المسجد الأقصى لإعلان التضامن ومواجهة قرار الرئيس الأمريكي، وعدّ زيارة العرب والمسلمين للمسجد الأقصى "واجبة".

كما أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، دعا في مؤتمر الأزهر الخاص بنصرة القدس، العرب والمسلمين إلى زيارة الأقصى، وذلك "لإعلان التضامن من أرض المعركة، ولمواجهة القرار الأمريكي".

ويومي 17 و18 يناير / كانون الثاني الماضي، استضافت القاهرة بحضور عباس، مؤتمرا تمخض عن "إعلان الأزهر العالمي لنصرة القدس" أكد عروبة المدينة وقدسيتها لدى المسلمين والمسيحيين.

وتعتبر إسرائيل مدينة القدس بكاملها عاصمة "أبدية"، فيما يتمسك العرب والفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.

وتحتل إسرائيل القطاع الشرقي من القدس منذ حرب يونيو / حزيران 1967، ثم ضمتها عام 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

ويمكن فهم دلالات زيارات المسؤولين العرب إلى الأماكن المقدسة من ردود أفعال الفلسطينيين والعرب الذين راوحت مواقفهم بين فريق يرى أنها تأتي في سياق التطبيع بين العرب وإسرائيل، وتبعاته على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وهي بالتالي اعتراف ضمني بإسرائيل طالما أن زيارة كهذه لا يمكن أن تتم دون موافقة السلطات الإسرائيلية.

فيما يرى فريق آخر أن زيارات كهذه تدعم الشعب الفلسطيني وصموده وفك عزلته عن محيطه العربي.

وتأتي أهمية زيارة الوزير العماني ودلالاتها من توقيتها الذي جاء بعد أسابيع من إعلان ترامب بشأن القدس.

ومن مدينة القدس، دعا بن علوي إلى "تشجيع العرب أينما كانوا للقدوم إلى فلسطين، لأن من يسمع ليس كمن يرى".

وقوبلت الزيارة التي استمرت 3 أيام، بترحيب السلطة الفلسطينية ومسؤولين آخرين سياسيين ودينيين على أعلى المستويات.

وتضمنت الزيارة لقاءات مع الرئيس عباس ورئيس الحكومة رامي الحمد الله ومسؤولين آخرين، كما زار بن علوي المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة وكنيسة القيامة وجامعة القدس ومرافق فلسطينية أخرى.

هناك ثمة إجماع فلسطيني على أن زيارة الوزير العماني بمثابة رفض إعلان ترامب بشأن القدس، ورفض الإجراءات الإسرائيلية الممنهجة لتهويد المدينة المقدسة التي ينطلق الفلسطينيون المرحبون بالزيارة من كونها دعما لحقهم التاريخي الثابت وكفاحهم ضد الاحتلال.

وتشهد العلاقات بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية توترا حادا منذ القرار الأمريكي.

وعلى ما يبدو، فإن زيارة الوزير بن علوي تحمل في طياتها مبادرة عمانية لإعادة علاقات الإدارة الأمريكية مع السلطة الفلسطينية.

وتلعب مسقط أدوارا في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، ولها تجارب وساطة ناجحة بين الولايات المتحدة وأطراف إقليمية، كان أبرزها استضافة السلطنة لمباحثات على مستوى الخبراء، أفضت إلى توقيع اتفاق حول الملف النووي الإيراني عام 2015.

وتؤكد عمان دعمها الثابت للشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه حتى نيل حريته واستقلاله.

وترى السلطنة أن قيام دولة فلسطينية ليست هبة من أحد، إنما ضرورة تاريخية وحضارية وجغرافية لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار وبناء ثقافة التسامح من دون قيام هذه الدولة بكامل أركانها.

ومع أن عمان لا ترتبط مع إسرائيل بعلاقات رسمية، إلا أنها لم تشارك في الحروب العربية الإسرائيلية، وترى أن بمقدورها أن تلعب دورا في تقريب وجهات النظر بين الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يرحبون بأي مسعى عربي يصب في هذا الاتجاه.

ويمكن أن تكون زيارة الوزير بن علوي للقدس رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية، بإمكانية أن تلعب دولته دور الوسيط في مباحثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، الذين فقدوا الثقة بحيادية الدور الأمريكي بعد قرار ترامب بشأن القدس.

 

ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
كيف تتعامل مصر مع تداعيات استمرار التوتر في البحر الأحمر؟
11:45 17.04.2024
سلطنة عمان: سيول تودي بحياة أكثر من 16 شخصا جلهم من التلاميذ
11:30 17.04.2024
رئيسي يتوعد برد واسع وموجع على أدنى عمل يستهدف مصالح طهران
11:15 17.04.2024
رئيس وزراء باكستان يستقبل وزير الخارجية السعودي
11:00 17.04.2024
تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأمريكا بحذر
10:45 17.04.2024
فريق التوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة يجري دورات للتوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة
10:36 17.04.2024
بوتين يبحث هاتفيا مع الرئيس الإيراني الأزمة في الشرق الأوسط
10:30 17.04.2024
العمانية للغاز توقع اتفاقية توريد مع جيرا اليابانية لمدة 10 أعوام
10:15 17.04.2024
السعودية وباكستان تبحثان تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي
10:00 17.04.2024
الأمم المتحدة تعثر على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل في مدارس بغزة
09:45 17.04.2024
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للتوقف عن المشاركة في عنف المستوطنين
09:30 17.04.2024
استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي
09:15 17.04.2024
جميع الأخبار