موسكو أمام امتحان المصداقية في تطبيق اتفاق سوتشي

بقلم الكاتب والمحلل السياسي محمود عثمان

تحليلات 10:00 07.10.2018

أضاف اتفاق سوتشي نجاحا سياسيا آخر إلى سجل العلاقات التركية الروسية التي شهدت في السنوات الأخيرة تطورا لافتا فاق جميع التوقعات.

ويعتبر اتفاق سوتشي بخصوص الأزمة السورية، الذي نجح في تجنيب إدلب كارثة إنسانية كبيرة، تتويجا للنمو المضطرد للعلاقات بين البلدين، وثمرة للثقة المتبادلة بين الرئيسين أردوغان وبوتين.

فقد تنفس الجميع الصعداء، وتوالت رسائل الترحيب والتأييد لهذا الاتفاق، ابتداء من الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة، وليس انتهاء عند دول الاتحاد الأوربي، حيث كان من المتوقع حدوث موجات نزوح بشري لا يمكن أن تقف في وجهها حدود الجغرافيا.

موجة النزوح هذه فيما لو حدثت، كانت كفيلة بالإطاحة بأكثر من حكومة أوربية، ولربما كانت ستضع الاتحاد الأوربي نفسه على كف عفريت.

ينص الاتفاق الروسي التركي الذي تم التوصل إليه في مدينة سوتشي الروسية على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومترا على خطوط التماس بين قوات النظام وفصائل المعارضة عند أطراف إدلب، وأجزاء من ريف حماة الشمالي، وريف حلب الغربي، وريف اللاذقية الشمالي.

وهنا لا بد من التذكير مرة أخرى بأن اتفاق سوتشي جاء بناء على رغبة وإلحاح من أنقرة، فيما كان بالنسبة إلى موسكو حالة شبه اضطرارية، حيث حرمها الفيتو الأمريكي والتركي من فرصة الحسم العسكري في إدلب، وإعلان النصر في عموم سورية.

** تصريحات وزير خارجية نظام الأسد

في لقائه مع قناة روسيا اليوم في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال وزير خارجية نظام الأسد وليد المعلم: "من حق سوريا أن تستخدم كافة السبل لاستعادة إدلب سواء بالمصالحة أو غيرها.. اتفاق المنطقة العازلة في إدلب بدأ تنفيذه في سوريا، وما زلنا نفضل الحل سلميا... الحل في إدلب ممكن، وتركيا تعرف جيدا هوية المسلحين المتواجدين هناك".

تصريحات المعلم تدل دلالة واضحة بأنه ونظامه لا يعترفان باتفاق سوتشي ولا بمخرجاته. لأن اتفاق سوتشي كان بين طرفين، وليس أحاديا كما يوحي بذلك وليد المعلم. وكون الاتفاق بين طرفين يقتضي حكما أن ينفذ كل طرف بما تعهد به والتزم بتطبيقه. أي أن انسحاب قوات المعارضة الوطنية السورية يجب أن يوازيه ويزامنه انسحاب مماثل لقوات النظام والمليشيات الداعمة لها.

يدعي وليد المعلم أن الاتفاق بدأ تنفيذه، يقصد بذلك بدء انسحاب فصائل الجيش الحر من بعض المناطق المحددة، وسحب السلاح الثقيل منها. لكنه لا يرى نفسه ملزما بتنفيذ الانسحاب من طرفه. فيما ينص الاتفاق على قيام الطرفين بإخلاء تلك المنطقة، على أن تتولى الإشراف عليها وحدات من الجيش التركي، والشرطة العسكرية الروسية.

يرى وليد المعلم أن مدة تنفيذ اتفاق سوتشي لا تتعدى الشهرين، حيث سيكون بعدها عملية تحرير إدلب من الإرهابيين، ويرى أنه من حق الدولة، يقصد بها نظامه، استعادتها.

من الواضح أن المعلم يراهن على تمرد بعض عناصر تنظيم القاعدة الذين وظفهم نظامه أكثر من مرة، لكي يعطوه ذريعة التنصل من تنفيذ بنود اتفاق سوتشي.

ليس خافيا على أحد أن الإيرانيين ومعهم نظام الأسد، يراهنون على فشل تركيا في تفكيك جبهة النصرة، وإخراج عناصرها الأجانب من غير السوريين من إدلب. وبالتالي سوف تبقى ذريعة التدخل العسكري والحسم العسكري قائمة.

ما هو معلوم بالضرورة، أن عملية إخراج المقاتلين الأجانب من إدلب تحتاج نوايا صادقة من الدول المعنية أولا، ثم تعاون تلك الدول بتحملها المسؤولية في إيجاد مخرج لهؤلاء، لأن قضيتهم تمس أمن دول كثيرة بشكل مباشر.

إن إلقاء المسؤولية والحمل كاملا على تركيا، فضلا عن كونه غير أخلاقي، فإنه يقوض الاتفاقات والتفاهمات برمتها.

** انعكاسات حادثة إسقاط الطائرة الروسية على اتفاق سوتشي

القبول / الإجماع الدولي الذي حظي به اتفاق سوتشي ـ حتى إيران ونظام الأسد عبرا عن ترحيبهما بهذا الاتفاق ـ لا يعني أن جميع الأطراف سوف تقوم بما يلزم من أجل إنجاحه. فهناك دول وأطراف، رغم ترحيبها بالاتفاق قولا، فقد سعت إلى تعطيل تطبيقه أو / وتفريغه من مضمونه.

لا يمكن بحال فصل حادثة إسقاط الطائرة الروسية قبالة السواحل السورية عن اتفاق سوتشي. إذ حمل إسقاطها بهذا التوقيت تحديدا، وتزامنا مع الاتفاق تقريبا، رسائل متعددة، سواء باختيار الهدف نفسه، طائرة قيادة واستطلاع، فيها طاقم قيادة عسكري، وليس مجرد طائرة حربية، أو بالطريقة التي تمت بها إسقاط الطائرة.

كان المطلوب / المتوقع من بوتين، ردة فعل غاضبة تقلب الأمور رأسا على عقب. لكن ذلك لم يحدث، لأن خيارات موسكو محدودة إلى حد كبير.

** انعكاس التنافس الأمريكي الروسي في سورية على تطبيق اتفاق سوتشي

ذكرنا سابقا أن الفيتو الذي وضعه الأمريكيون ضد الحسم العسكري في إدلب، والجهود التركية لجهة نزع فتيل الحرب، آتت أكلها على شكل اتفاق سوتشي. لكن هذا الاتفاق وإن كان صناعة تركية روسية مشتركة، فإنه ساهم إلى حد كبير في إعادة الدفء للعلاقات التركية الأمريكية، ما أثار مخاوف موسكو من عودة التحالف الاستراتيجي بين أنقرة وواشنطن.

صحيح أن الرئيس أردوغان نجح إلى حد كبير في انتهاج سياسة التوازنات المبنية على القيم والمصالح بآن واحد، إلا أن حدة الصراع والتنافس تجعل تقاربه من أي طرف مدعاة لشكوك الطرف الآخر.

** موسكو وجها لوجه أمام امتحان المصداقية

لم يكن دخول تركيا على خط مسار أستانا بسبب تطابق الرؤى ووجهات النظر بين أنقرة وموسكو حول طريقة الحل في سورية، ولا لقناعة أنقرة بأن موسكو لديها مفاتيح الحل في سورية. لكن ذلك لم يمنع الطرفين من التنسيق والتعاون في الملفات العسكرية والسياسية على حد سواء. هذا التنسيق والتعاون نتج عنه نجاح كبير بحجم اتفاق سوتشي.

صحيح أن اتفاق سوتشي جاء ثمرة للعلاقات الشخصية الحميمة بين الرئيسين أردوغان وبوتين، والتواصل والتنسيق المستمر بين موسكو وأنقرة، إلا أن تطبيقه على الأرض ما زال يشكل الامتحان الأصعب لكلا الطرفين.

في الفترات السابقة، عودنا الطرف الروسي ومن خلفه نظام الأسد والإيرانيون، على الالتفاف على غالبية ما تم التوصل إليه من تفاهمات واتفاقات في اجتماعات أستانا. تارة من خلال اختلاق تفسيرات مختلفة ومخالفة، عن طريق تحميل النصوص ما لا يمكنها أن تحتمله، وتارة أخرى من خلال إغراق الأطراف بالتفاصيل التي تنسيهم الأصل. كل ذلك من أجل التملص من الوفاء باستحقاقات تلك الاتفاقات.

حتى هذه اللحظة، لا يمكن القول بأن الطرف الروسي أدى دوره ووفى بالتزاماته... خير دليل على ذلك تصريحات وليد المعلم، التي أعلنت المعلوم، وفضحت عدم التزام نظام الأسد ببنود اتفاق سوتشي.

مسؤولية عدم قبول نظام الأسد بمخرجات اتفاق سوتشي، ومحاولاته التملص من تطبيقها، تقع على عاتق الروس بشكل كامل. إذ يجب عليهم القيام بدورهم كضامن لهذا الاتفاق الذي تبناه مجلس الأمن والأمم المتحدة، بإلزام نظام الأسد بتطبيق مخرجات اتفاق سوتشي، وخصوصا فيما يتعلق بالشق العسكري، بالانسحاب من المناطق المتفق عليها... وإلا... فإن ظلال الشك سوف تلاحق جدية موسكو، ومصداقية الرئيس فلاديمير بوتين تحديدا.

 
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

وزير الخارجية المصري يبحث الملفات الإقليمية والدولية مع نظيرته الجنوب أفريقية
14:00 20.04.2024
مباحثات تركية- مصرية تتناول جهود وقف النار في غزة
13:30 20.04.2024
دولة فلسطين نحو اعترافات إضافية غداة الحجب الأمريكي لعضويتها الأممية
13:00 20.04.2024
ثوران جديد لبركان روانغ في إندونيسيا. وخطر تسونامي لا يزال قائماً
12:30 20.04.2024
انفجارات أصفهان.. القصة الكاملة للهجوم الإسرائيلي على إيران
12:00 20.04.2024
انطلاق الانتخابات العامة في الهند... وحزب مودي الأوفر حظاً
11:30 20.04.2024
الأمم المتحدة تستنكر التحطيم المتعمد للأجهزة الطبية بمستشفيات غزة
11:00 20.04.2024
أسطول الحرية مستعد للإبحار من تركيا لغزة. وتحذير لإسرائيل من أي هجوم
10:30 20.04.2024
إسرائيل تسعى إلى منع صدور أمر اعتقال بحق نتنياهو
10:00 20.04.2024
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و12 شهيدا
09:30 20.04.2024
ميرزايف : نشهد أحداثًا تاريخية
09:00 20.04.2024
أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
جميع الأخبار