أحمد مصطفى: قبل قمة العشرين – أجواء مواتية لروسيا والصين أزمة اغتيال خاشقجي:
كما توقعت سابقا خلال اللقاء الذي اجريته منذ اسبوعين تقريبا على فضائية روسيا اليوم – ان حادث خاشقجي لن يمر مرور الكرام، في حال خسر الجمهوريون مجلس النواب – لأن الرأى العام في امريكا يري تواطؤ من الحزب الجمهوري وعلى رأسه ترامب في مقتل خاشقجي لدعمه اشخاص بعينهم مدانين في الحادث واعني هنا محمد بن سلمان – لان كما رأينا من نفذوا، هم رجاله من المخابرات والأمن السعودي.
وهنا يشعر المواطن والمثقف الأمريكي، والذي حتى لا زال مخدوعا في أن بلده هي أم الحريات، أن هذا الحادث الشنيع يضرب حرية التعبير والحريات بشكل عام في مقتل.
وسنرجع إلى إلى السيناريو (ب) علاقات سعودية اقوى مع الصين وروسيا وربما تلطيف أجواء مع ايران، وربما مصالحة مع قطر – هذا ما ننتظره من قرارات شجاعة من صناع القرار في المملكة – ام سنظل على نفس سيناريو (أ) المضي والإمساك بذيل الثور الهائج الولايات المتحدة مهما حدث لمصالح بعض الأفراد للأسف.
بوتين وجنوب شرق آسيا:
في وجهة نظري، تأخرت كثيرا زيارة الرئيس الروسي بوتين الى جنوب شرق أسيا، والتى أستأنفها مؤخرا منذ عدة أيام بزيارة الى دولة سنغافورة – تلك الدولة التى اصبحت من اقوى 10 اقتصاديات فى العالم في تجربة فريدة، وفي اقل من 40 عاما فقط – وهى من اهم الدول استراتيجيا في جنوب شرق آسيا لا تنافسها الى إندونيسيا وكلاهما اهم عضوين في منظمة آسيان.
ربما العقوبات الغربية وفقدان الأمل مع الولايات المتحدة هو السبب الرئيسي – وهنا ارجع بالذاكرة الى حفل العيد الوطني لدولة اندونيسيا الموافق 30 سبتمبر 2018، حيث كنت احد المدعوين كأحد المختصين بالشأن الأسيوي وكانت لي محاضرة أمام طاقم السفارة برئاسة السيد السفير عن مستقبل إندونيسيا – والتقيت بسفير سنغافورة لدى مصر في الحفل – والذى ابدى امتعاضه من عدم وجود علاقات قوية ما بين منطقة اسيان وجنوب شرق اسيا مع روسيا.
وان السفير السنغافوري وهو يمثل الدبلوماسية السنغافورية – يرى ان روسيا للأسف تولي اهتمام للغرب بالرغم ان الغرب لم يعد مغري اقتصاديا ولم يعد سوقا واعدة أو مشترى جيد مثل منطقة جنوب شرق اسيا – ولكن ما لفت نظرى اليوم تصريحات المتحدث الروسي باسم الرئاسة الروسية بيسكوف عندما قال ان زيارة الرئيس الروسي لسنغافورة ليست توجه للشرق وإهمال للغرب – أعتقد انه كان غير موفق في هذه الكلمات لأن الرئيس الروسي ووزير الخارجية لافروف يعدان لزيارة ايضا الى فيتنام – وإن كان الشرق اكثر فائدة فالعالم مبني على المصالح لا الولاءات سيد بيسكوف، ولماذا الغرب يلعب في جنوب شرق آسيا سيد بيسكوف أيضا، وهو أقرب لروسيا.
جدير بالذكر أن من أهم الصفقات التى دعمت مؤخرا العلاقات مع جنوب شرق اسيا – الصفقة التى أجرتها كلا من الصين وروسيا لشراء زيت النخيل الإندونيسي بعد الحظر الأوروبي على شرائه، لإدعاءات من الغرب بمخالفات بيئية – طبعا هذه المخالفات البيئية لا نسمعها عن السلع الأمريكية التى تستوردها أوروبا – خام زيت النخيل من المواد الأساسية في صناعة الشكولاتة بشكل اساسي وايضا من اهم المواد التي تستخدم في صناعة زيوت الطعام وايضا مستحضرات التجميل العالمية فهو يعتبر خام استراتيجي.
جدير بالذكر أن إندونيسيا من أهم دول مجموعة العشرين، والتي ستشارك في قمة بونيس أيريس العاصمة الأرجنتينية، فى الفترة ما بين 30 نوفمبر نهاية هذا الشهر والأول من ديسمبر 2018.
ترامب وحمائيته الغبية:
لا زال الأهوج ترامب يستمر في غيه – والأمس يقوم بفرض رسوما جمركية جديدة على السيارات الالمانية بنسبة تتصل ال 25% متحديا كل االظروف الإقتصادية السيئة التي تمر بها بلاده، هذا الأمر والذي شرحناه ربما له تاثير جيد في المدى القصير جدا على البطالة، لإنصراف الطلب الى سيارات امريكية ارخص – ولكن اختلاف الجودة وحسن ترشيد استهلاك الوقود يصب في مصلحة السيارات الألمانية – ومع وجود ايضا جمارك على واردات الحديد والألومنيوم لأمريكا سيزداد سعر السيارات الأمريكية، وسيحجم المشتري عن الشراء، في المدى المتوسط والطويل، وسيحدث كساد في الصناعة، ويتم تسريح العمال وستزداد البطالة لأضعاف، وستغلق الصناعة – وحادثة اغلاق عدة مصانع في دترويت للسيارات في 2014 ليست ببعيدة.
نفس الموصوع الذي يحاول ترامب تنفيذه مع الصين – الا ان الصين تقدمت بشيء مكتوب غير مفصح عنه الى الآن الى الولايات المتحدة – وقد حاول ترامب تشويه صورة الصين، بقوله انها تتحايل على الملكية الفكرية وانها لا تفسح المجال امام الشركات الأمريكية داخل الصين – ونسى ان يتحدث ترامب عن فضيحة تجسس جوجل في 2004 على الصين، والتى على اثرها تم غلق مقرها هناك – اما بالنسبة للملكية الفكرية طالبته الصين والتي اشتكته هي ودول اخرى اكثر من مرة بالمثول امام منظمة التجارة العالمية وعدم التشدد في الحمائية التي لن تضر الا بأمريكا – ونسى ترامب حادثة طائرة التجسس الأمريكية في 2008 – وحادثة التجسس الفاضحة التي افصح عنها ضابط المخابرات السابق سنودن، ولن يفلح مبدأ الحمائية مع الصين – وهذا يحتاج العديد من المقالات.
جدير بالذكر ان المانيا والصين ايضا عضوين بمجموعة العشرين، وهما من اكبر الشركاء التجاريين في العالم حيث وصل التبادل التجاري هذا العام الى 235 مليار دولار بين البلدين بموجب احصائيات غرفة التجارة الألمانية – وهذه الأمور ستخلق توحد أكبر ما بين اعداء ترامب وستجعل امورا تحدثنا عنها سابقا يتم التفكير فيها جليا حاليا، وخصوصا استبدال الدولار بعملات اخرى للتداول وخصوصا اليوان واليورو، وكذلك عزل امريكا اقتصاديا.
أزمة انفصال بريطانيا/بريكزت:
النقطة الأخيرة – استقالة وزير بريكزت من حكومة تريزا مي – والسبب الخفي الغير معلن هو عدم قدرة المملكة المتحدة سداد قيمة مستحقات الإتحاد الأوروبي، والتي تقدر بحوالي 56 مليار يورو – ويتضح ان بريطانيا ستتجرع السم مع الإتحاد الأوروبي، وللأسف أو لحسن حظ روسيا والصين والمانيا، بريطانيا ليس لديها مفاوضين محترفين او خبراء – بالفعل لديهم خبراء في المكائد وضرب الأسافين – ثم اللجوء لأسباب واهية خارجية منها تدخل روسيا والصين فى استفتاء بريكزت وامور فاشلة أخرى والحرب الإعلامية – ثم قبول الضغوط الأمريكية بمحاولة اتمام صفقة بريكزت.
السبب الثاني والأهم حاليا – عدم قدرة دول الخليج (الإمارات والسعودية) حاليا على سداد هذه الفواتير لكل من بريطانيا وامريكا، بسبب حالة الإعسار المالي اللتان تمر بهما وهذا يتضح في قرض سعودي مؤخرا بحوالي 11 مليار دولار – وايضا قرض صيني إلى الإمارات بحوالي 20 مليار دولار – وايضا عدم قدرة لا بريطانيا ولا امريكا اعطاء صفقات جديدة من الأسلحة لهما لعدم الجدية في السداد من الطرف الخليجي، وجرائم الابادة البشرية من قبل ما يسمى تحالف سعودى اماراتي في اليمن، والتي اقرتها الامم المتحدة نفسها.
وقلناها سابقا ترامب يلجأ لإتاوات وعقوبات وزيادة انتاج النفط – وعدم افلاحه في الحظر على ايران لوجود 9 اعفاءات لتسعة دول – لأنه يواجه داخليا ازمة مالية كبيرة كما علق على ذلك خبراء اقتصاديين بريطانيين وامريكان لديهم رؤية ضبابية – وكذلك لديه ازمة استحواذ الديموقراطيين على مجلس النواب، وينطبق نفس الوضع على بريطانيا.
ومن هنا يمكننا قراءة ما سيتم مناقشته في قمة العشرين المقبلة، على ضوء المتغيرات الأربعة السابقة، وما سيشكل استراتيجية العالم فى 2019 على الأرجح في السياسة الدولية الإقتصادية والإستراتيجية التي تحكم العالم فعليا، ثم بعد ذلك الأمور السياسية.
يرجى العلم ان هناك ثلاث موضوعات اساسية على أجندة قمة العشرين هذا العام:
-
مستقبل مستدام للغذاء
-
البنية التحتية من اجل التنمية
-
مستقبل العمل
أحمد مصطفى
رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة
وعضو كودسريا، ومجموعة رؤية استراتيجية – روسيا والعالم الإسلامي