الأكراد والخلاف التركي – الإسرائيلي

إلا أن المخاوف الإسرائيلية من إمكانية حدوث اتفاق تركي–روسي–إيراني يسمح لقوات الأخيرة والقوات الموالية لحزب الله بالدخول إلى سوريا ، وهو ما يعني ضمنيا إمكانية حدوث مواجهة مباشرة.

تحليلات 12:00 02.01.2019

فجأة وبدون مقدمات اندلعت حرب كلامية، وتراشق بالألفاظ بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم الإسرائيليين في أعقاب تغريدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتهم فيها الجيش التركي باستهداف الأكراد داخل وخارج تركيا، وباحتلال الشطر الشمالي لجزيرة قبرص، مطالبا تركيا بالانسحاب من الجزيرة وتركها لأهلها.

أزمة دبلوماسية جديدة

تصريحات نتنياهو تلك فتحت الباب على مصراعيه لأزمة سياسية ودبلوماسية جديدة بين البلدين اللذين ما إن تنتهي بينهما أزمة حتى تندلع أخرى ..  الرئيس أردوغان بنفسه كان أول من قام بالرد بكل قسوة وحزم على تلك التصريحات، مخاطبا نتنياهو مباشرة في مؤتمر جماهيري، وواصفا إياه بأنه صوت الظالمين الذي يمارس إرهاب الدولة، وأنه لا يحق لإسرائيل توجيه الاتهامات لأي طرف قبل أن تُحاسب على خطاياها وجرائمها ضد الإنسانية، وأن تدفع ثمن المذابح التي ارتكبتها والدمار الذي تسببت فيه.
أردوغان ، استهزأ من تصريحات نتنياهو بالقول :"  يتهمنا هذا الذي اسمه بنيامين نتنياهو، باحتلال شمالي جزيرة قبرص، وبقتل النساء والأطفال، وأظن أن اتهاماته لنا عبارة عن خلط في الأوراق، ولعله كان يقصد بلاده وممارسات جنوده ضد الأبرياء في الأراضي الفلسطينية".  

شاووش أوغلو وكشف الحقيقة

لتتوالى التصريحات من جانب المسؤولين الأتراك الذين صعدوا من حدة اتهاماتهم، إذ ربط وزير الخارجية مولود شاووش أوغلو بين فشل نتنياهو في سوريا وتهجمه على تركيا، مشيرا إلى أن السمة المشتركة التي تجمع بين نتنياهو ومنظمة حزب العمال الكردستاني التي يدافع عنها هي قتلهم للأطفال. 
شاووش أوغلو كشف في تصريحاته عن السبب الحقيقي الذي يقف وراء التعاطف الكبير الذي يبديه نتنياهو تجاه أكراد العمال الكردستاني مؤخرا، ألا وهو رغبته في تقسيم الأراضي السورية، واستخدام الحزب بكافة إمكاناته العسكرية واللوجيستية في تنفيذ مخططه ذلك، إلا أن تصدي تركيا له ووقوفها حجر عثرة في طريق ذلك المخطط، عسكريا ودبلوماسيا، جعل نتنياهو يستشيط غضبا، ويهاجم تركيا ورئيسها، ويتلفظ بألفاظ لا يدرك معناها.  
وأكد شاووش أوغلو أن أنقرة تدرك تماما المخطط الإسرائيلي الذي يهدف إلى تقسيم المنطقة بما في ذلك العراق، والأداة الطيعة التي يستخدمها نتنياهو لتحقيق ذلك الغرض هي حزب العمال الكردستاني، مشيرا إلى أنهم لن يسمحوا له بذلك أبدا.

أسئلة بدون إجابات

إبراهيم كالن المتحدث باسم الرئاسة التركية تساءل من جانبه عما إذا كان نتنياهو يتعاطف بشكل سري مع تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي، مشيرا إلى أنه كلما استخدمت تركيا حقها المشروع في الدفاع عن نفسها،  بإطلاق عملية عسكرية ضد الإرهابيين، تعرب رئاسة الوزراء الاسرائيلية عن انزعاجها الشديد من ذلك . 
وتابع كالن تساؤلاته عما إذا كان هناك علاقة خفية بين العمال الكردستاني والحكومة الإسرائيلية ورئيسها؟ مطالبا المسؤولين في تل أبيب بضرورة الإجابة بوضوح عن تلك الأسئلة لوضع الأمور في نصابها وكشف الحقائق أمام أعين العالم أجمع . 
بدورها، أكدت تغريدة المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر شليك ما ذهب إليه باقي المسؤولين الأتراك، حينما قال: "إن انزعاج نتنياهو من العمليات التي يشنها الجيش التركي، وقوات الأمن ضد أهداف منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية الانفصالية أمر ذو دلالة". 

خطط التقسيم الإسرائلية

لم تعد المسألة إذن شكوك ، بل هي حقائق، يجب الانتباه إليها، فحديث المسؤولين ووسائل الإعلام التركية عن وجود علاقة ما تربط بين حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب مع إسرائيل كشف عن الكثير مما يحالك لدول المنطقة في الظلام، من مؤامرات تستهدف إزالة كيانات موجودة وإحلال أخرى محلها، تكون مهمتها الاساسية الحفاظ على أمن وسلامة إسرائيل، وإن أكثر دول المنطقة عرضة لتلك المؤامرات العراق وسوريا.  
وأوضحت تلك التصريحات أيضا صحة ماقيل عن أن قرار الولايات المتحدة بسحب القوات الامريكية الموجودة في سوريا وبدء العمل فعليا على إعادتها إلى بلادها لم يكن بعلم إسرائيل، الذي أوضح عنف رد فعلها عليه مدى تضررها منه . 

الانتقام من أردوغان

 إلى جانب حقيقة ما أعلنته وسائل الإعلام التركية والغربية من أن الرئيس أردوغان هو من أقنع الرئيس الامريكي وحثه على القيام بتلك الخطوة، بعد محادثة هاتفيه بينهما تعهد فيها أردوغان بالقضاء على من بقي من عناصر تنظيم داعش في المنطقة، مما تسبب في انهيار مخطط التقسيم الذي تعكف إسرائيل على تنفيذه منذ فترة ليست بالقليلة، متخذه من التنظيمات الكردية التي تتهمها تركيا بالإرهابية رأس حربة، وواجه تتخفى وراءها، الأمر الذي وضع نتنياهو في موقف لا يحسد عليه، مما أفقده اتزانه وجعله يتطاول على تركيا جيشا ورئيساً. 

المواجهة مع إيران

فانسحاب القوات الأمريكية من سوريا ، لن يكون في صالح إسرائيل التي ستجد نفسها رغما عنها في مواجهة مباشرة مع إيران ..
مواجهة لاتريدها ولم تسع إليها أو تستعد لها، مما سيضطرها إلى تغيير مخططها بهدف" الحفاظ على أمنها والدفاع عن نفسها في الحلبة السورية، حتى وإن طمـأنتها الإدارة الأمريكية بأن لديها وسائل أخرى للتأثير في سوريا، بجسب ما صرح نتنياهو، الذي يخشى من أن الفراغ الذي ستخلفه الولايات المتحدة من شأنه إفساح المجال أمام تقدم القوات الإيرانية وقوات حزب الله والتحامها مباشرة مع القوات السورية دون عائق أو مانع ، وهو مايعني أن إسرائيل باتت فعليا في مرمى نيران القوات الإيرانية التي أصبحت على حدودها مباشرة . 

ضياع الحليف الكردي

وإذا كانت إسرائيل هي الخاسر الأول من الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية،  فإن الخاسر الثاني هي التنظيمات الكردية الموالية للولايات المتحدة ، والتي كانت اسرائيل تراهن عليها لتنفيذ مخططها الخاص بتمزيق المنطقة، وتقسيمها إلى كيانات صغيرة تسهل السيطرة عليها من ناحية ، وتكون حائط صد يمنع عنها أية تهديدات محتملة من جانب باقي دول المنطقة من الناحية الأخرى، وذلك من خلال تحقيق حلمها بإقامة دولة كردية لها على باقي  انقاض الدولتين السورية والعراقية . 
 إلا أن الانسحاب الأمريكي ترك تلك التنظيمات الكردية لقمة صائغة في فم الدولة التركية، التي أعلنت صراحة على لسان الرئيس أردوغان استعدادها للقيام بعملية عسكرية موسعة في الشمال السوري للقضاء على  تلك المنظمات التي تصنفها كتنظيمات إرهابية ، وتنظيف المنطقة تماما من عناصرها. 
 وهو أمر إذا ماحدث لن يكون في صالح إسرائيل ، التي وجدت نفسها فجأة بين سندان القوات الإيرانية التي تقترب من حدودها، ومطرقة انهيار التنظيمات الكردية الموالية لها على أيدي الأتراك.  

تحذير من الفراغ

رعب إسرائيل مما هو قادم دعا حلفاءها في الكونغرس إلى التحذير من أن انسحاب القوات الامريكية من سوريا سيكون له تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة التي ستواجه فراغا سياسيا وعسكريا وأمنيا وسيضع شعوبها بين مخالب قوي معادية لها، في إشارة إلى إيران .
ورغم التطمينات التي تلقتها إسرائيل من الولايات المتحدة، خصوصا من ناحية عدم تأثير الانسحاب من سوريا على الاأكراد عموما، وأن عملية نشر صواريخ (أس 300) الروسية سيكون في شرق سوريا بما لا يهدد أمن اسرائيل، إلى جانب قيام الإدارة الامريكية بتدشين قاعده عسكرية جديدة على حدود مدينة الأنبار العراقية بالقرب من الحدود العراقية السورية بما يمكنها من التحرك في أي وقت إذا لزم الأمر . 
 إلا أن المخاوف الإسرائيلية من إمكانية حدوث اتفاق تركي – روسي – إيراني  يسمح لقوات الأخيرة والقوات الموالية لحزب الله بالدخول إلى سوريا ، وهو ما يعني ضمنيا إمكانية حدوث مواجهة مباشرة بينها وبين إيران على الحدود الإسرائيلية – السورية ، الأمر الذي  تخشاه وتحطات له ، لذا كان سعيها لفتح حرب كلامية مع تركيا من جهة ، والضغط على واشنطن لزيادة حجم عقوباتها المفروضة على إيران لعرقلة خطط تمددها داخل الأراضي السورية من الجهة الأخرى .

 
عن الكاتب
صالحة علام
صحفية واعلامية مصرية.عملت مراسلة للعديد من الصحف والإذاعات والفضائيات العربية من تركيا

 

تواصل جلسات الاستماع بشأن الدعوي  التي رفعتها أرمينيا ضد أذربيجان" في محكمة العدل الدولية - مباشر

أحدث الأخبار

تفعيل نظام مير الروسي في مصر.. انعكاسات مهمة على السياحة والتبادل التجاري
18:00 23.04.2024
مشروع مسام ينتزع 857 لغماً في اليمن خلال أسبوع
17:30 23.04.2024
علي موسي إبراهيموف : الحرب العالمية الثالثة بدأت بالفعل
17:07 23.04.2024
شنجن للخليجيين لمدة 5 سنوات من أول طلب
17:00 23.04.2024
مسجد باريس يعرب عن قلقه بشأن تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي حول التسلل الإسلامي
16:00 23.04.2024
مصر تؤكد السيطرة على حدودها مع غزة
15:30 23.04.2024
وصول المعتمرين الإيرانيين المدينة المنورة بعد توقف 9 سنوات
15:00 23.04.2024
ميرزاييف: "السياسات الأرمينية العدائية قادتها إلى الهاوية"
14:00 23.04.2024
تورال إسماعيلوف : إيران تري أن أذربيجان تمثل تهديدًا لها
13:00 23.04.2024
تواصل جلسات الاستماع بشأن الدعوي التي رفعتها أرمينيا ضد أذربيجان" في محكمة العدل الدولية - مباشر
12:15 23.04.2024
وفد من البنتاجون يزور النيجر لمناقشة انسحاب القوات الأمريكية
12:00 23.04.2024
بدأ عملية تحديد إحداثيات الحدود الأذربيجانية الأرمينية
11:50 23.04.2024
سلطان عُمان يزور الإمارات ويبحث مع محمد بن زايد التعاون والعمل المشترك
11:45 23.04.2024
زيارة أردوغان للعراق. دلالات على مرحلة جديدة من التعاون
11:30 23.04.2024
إيران وباكستان تبحثان إصلاح العلاقات بعد توترات حدودية
11:16 23.04.2024
أمير قطر يبدأ اليوم زيارة لبنجلاديش لتعزيز التعاون الاقتصادي
11:00 23.04.2024
القمة الثلاثية في تونس تناقش تحديات أمنية واقتصادية مشتركة
10:46 23.04.2024
الشيخ مشعل الأحمد يبدأ زيارة دولة للأردن
10:30 23.04.2024
الرئيس الألماني يزور تركيا حاملاً 60 كيلوجراماً من الشاورما
10:16 23.04.2024
الإنفاق الدفاعي العالمي بلغ 2443 مليار دولار عام 2023 وسط 55 نزاعاً
10:00 23.04.2024
إطلاق صواريخ من العراق باتجاه قاعدة للتحالف الدولي بسوريا
09:45 23.04.2024
استقالة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية
09:17 23.04.2024
بغداد وأنقرة تتجهان لطيّ صفحة الخلافات السياسية
09:00 23.04.2024
سيول تحتج على إرسال الزعماء اليابانيين قرابين لضريح ياسوكوني
18:00 22.04.2024
مشاهد قاسية لجثامين انتُشلت من مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي
17:30 22.04.2024
هل حان وقت احلال السلام في القوقاز؟
17:00 22.04.2024
مشتريات الصين من الذهب تعزز ارتفاع أسعاره وتحطيمه أرقاماً قياسية
16:30 22.04.2024
منتدى خليجي- أوروبي يبحث الأمن والتعاون الإقليمي
16:00 22.04.2024
باسل الحاج جاسم : ترسيم الحدود بين اذربيجان وأرمينيا خطوة لتجاوز عقبات السلام الدائم في القوقاز
15:09 22.04.2024
هنية إدارة غزة يجب أن تتم بإرادة فلسطينية
15:00 22.04.2024
فكرت صادقوف: " جنوب القوقاز اقترب من السلام الدائم
13:51 22.04.2024
شابنام حسنوفا : زيارة الرئيس إلهام علييف إلي روسيا ليست صدفة
13:00 22.04.2024
تحديد 29 يونيو موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية في موريتانيا
12:00 22.04.2024
انتخابات تشريعية في المالديف على خلفية منافسة بين الهند والصين
11:00 22.04.2024
أمير الكويت يعين الشيخ أحمد العبد الله نائباً للأمير
10:30 22.04.2024
أمير قطر يصل إلى الفلبين في مستهل جولة آسيوية تشمل بنجلاديش ونيبال
10:15 22.04.2024
الغارات الإسرائيلية تقتل 48 شخصاً في غزة خلال 24 ساعة
10:00 22.04.2024
العراق يتباحث مع أردوغان بشأن حصة عادلة من المياه لنهري دجلة والفرات
09:45 22.04.2024
الرئيس الإيراني يزور باكستان
09:30 22.04.2024
الأردن: نتنياهو يريد جر الولايات المتحدة لمواجهة مع إيران
09:15 22.04.2024
جميع الأخبار