يتميز المنتدى العالمي للحوار بين الحضارات والذي يعقد تقليدياً في باكو، من قبل الأمم المتحدة كمنصة عالمية رئيسية لتعزيز التعاون بين الحضارات. أشار رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية بين روسيا وأذربيجان وعضو مجلس دوما الدولة (البرلمان) لروسيا دميتري سافيليف ، في مقابلة مع وكالة أذرتاج الأذربيجانية ، إلى أن 105 دولة وأكثر من 35 منظمة دولية شاركت في المنتدى وهذا يشهد على سمعتها وفعاليتها المتزايدة.
- اعتبر المنتدى السابق جزءاً لا يتجزأ من "عملية باكو" التي تم إطلاقها بمبادرة من الرئيس الأذربايجاني الهام علييف. كيف تقيمون تطور هذه العملية في الوقت الحالي؟
- يرتبط مصير البشرية ارتباطاً وثيقاً بالتعاون الدولي على مستوى الحضارات المختلفة، ولا حاجة لإثبات هذه البديهية مرة أخرى.
لتجنب تكرار العديد من الأحداث المأساوية الواقعة في تاريخ البشرية ومنع الحروب، من الضروري أن نطور ثقافة الحوار بفعالية. ومن الجدير بالذكر أن صيغة باكو للتعاون ولدت في الوقت المناسب، ولقي استجابة من النخبة الفكرية العالمية. في أعقاب مؤتمر وزراء الثقافة في الدول الأعضاء في مجلس أوروبا والذي انعقد في عام 2008، تم اعتماد بيان باكو الذي دعا إلى توسيع نطاق الحوار بين الحضارات، وليتحول هذا التعهد البسيط على مر السنين إلى شكل عالمي. يتم إكمال قائمة المشاركين في "عملية باكو" من قبل بسياسيين وعلماء معروفين وحائزين على جائزة نوبل للسلام وممثلين عن المنظمات غير الحكومية، وجميعهم مهتمون بأقصى قدر في تركيز عقولهم عند مناقشة القضايا الملحة. يضم منبر لتبادل وجهات النظر بين مختلف الناس الذين يعيشون في قارات مختلفة والمنتمين إلى مجموعات عرقية وثقافية ودينية ولغوية مختلفة، أكثر فأكثر من مؤيدي الحوار بين الحضارات في صفه.
- هل تعتقد أنه ليس من باب الصدفة أن أذربيجان بالذات طرحت مبادرة "عملية باكو" في وقت ما؟
- بالتأكيد. إن مثل هذه المبادرة الناجحة لا يمكن ألا تطرح في بلد ذي تقاليد قديمة من التسامح. من الأمثلة الصارخة على البيئة متعددة الحضارات في أذربيجان أن أكثر من 80 مجموعة عرقية تعيش اليوم في البلاد، والتي حافظت على تقاليدها وعاداتها وثقافتها ولغتها بفضل جو من حسن الجوار والتعيش السلمي. لا يُفرض هذا على الأشخاص من الأعلى؛ بل هناك رغبة الناس الطبيعية في العيش دون نزاع مع حاملي الحضارات الأخرى. تتناقض أذربيجان مع "النقاط الساخنة" للكوكب، حيث تتوفر صراعات جيوسياسية وزيادة مشاعر الكراهية للأجانب، حيث تقع النزاعات على أساس الانتماء الديني. يجب أن يُفهم أن الانقسام بين الأديان لا يزرعه المتدينون، بل أولئك الذين يتلاعبون بإيمانهم ومشاعرهم. واليوم، عندما يكون مستوى الكراهية في العالم عالياً، هناك حاجة ملحة لوضع استراتيجية واضحة للحوار بين الحضارات. يعد الحوار مكوناً مهماً جداً لتفاعل البلدان، والذي يمكن من محاربة العنف والتطرف في الوقت نفسه. لا يسعني إلا أن أتفق مع ألفريدو نيفيس بورتوندو، السفير الكوبي في أذربيجان، والذي قال إنه في وقت المنتدى، قد تحولت أن باكو إلى عاصمة العالم بأسره، وأرسلت إشارات الإنذار إلى الأشخاص من ذوي النوايا الحسنة والهادفين إلى الوحدة والسلام والحوار.
- تم إيلاء الكثير من الاهتمام في المنتدى لمشكلة عدم المساواة في العالم. هل تعتقد أنه يمكن حلها أيضاً من خلال الحوار بين الحضارات؟
- بدون حل المشاكل الاجتماعية، وأحدها الفقر، فإن التنمية المستدامة للدول مستحيلة. تبلغ الميزانية العسكرية المدمجة لجميع دول العالم 1.8 تريليون دولار، في حين أن الأموال المخصصة لحل المشكلات الاجتماعية تقل اضعافاً عن هذا الرقم. يوجد اليوم حوالي ثلاثة مليارات شخص يعيشون تحت خط الفقر في العالم، وإذا أمكننا إيقاف سباق التسلح عن طريق توجيه هذه الموارد لتنمية اقتصادياتنا، فيمكن حل مشكلة الفقر في أسرع وقت ممكن. يمكن اعتبار أذربيجان مرة أخرى، نموذجاً، حيث كان معدل الفقر في بداية الألفية 50 %، والآن انخفض هذا الرقم إلى 5 %. قبل أربع سنوات، حصلت الجمهورية على جائزة "الجنوب-الجنوب" لإنجازاتها في مكافحة الفقر والبطالة، وأصبحت أذربيجان الآن من بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، والتي تعهدت بحلول عام 2030 بالتزامات جديدة تجاه أهداف التنمية المستدامة. و يحدث هذا لأن أذربيجان لا تشارك في شن الحروب أو الترويج للصراعات بين الأديان. على العكس من ذلك: تهدف سياسة الدولة بأكملها إلى توسيع التعاون والشراكة مع دول العالم. تخدم خطوط أنابيب النفط والغاز الأذربيجانية أمن الطاقة في أوروبا، وتساعد ممرات النقل الدولية التي تم إنشاؤها بمبادرة من أذربيجان على تعزيز العلاقات بين البلدان والشعوب. لذلك، اسمحوا لي أن أؤكد مرة أخرى: يجب أن نتعلم كيف نعيش معا، وأن نتعامل بعضنا مع البعض باحترام وبناء حوار إيجابي. أرى في هذا الدرس الرئيسي للمنتدى العالمي الخامس للحوار بين الحضارات.
فريدة عبد الله ييفا، مراسلة أذرتاج، موسكو
الترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف
Zakir Qasımov