تحالف الأحزاب السياسية باليمن..هل ولد ميتًا؟

من أهم أهداف التحالف: تشكيل جبهة سياسية وطنية موحدة لدعم الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي، ومواجهة انقلاب جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)

تحليلات 13:00 04.10.2019

الأحزاب أعلنت في أبريل/ نيسان الماضي إنشاء ما أسمته "التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية" بهدف دعم الشرعية واستعادة الدولة 
مستقبل التحالف يثير شكوكا بين خبراء في ظل معاناته من انقسامات عميقة وغياب التأثير وارتهان بعض مكوناته لمؤثرات إقليمية

على هامش أول انعقاد لمجلس النواب اليمني (مؤيد للشرعية منذ عام 2014) في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت (جنوب شرق)، منتصف أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت الأحزاب السياسية عن إنشاء ما أسمته "التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية".

ومن أهم أهداف التحالف: تشكيل جبهة سياسية وطنية موحدة لدعم الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي، ومواجهة انقلاب جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وتوحيد جهود استعادة الدولة، وإعادة الحياة السياسية، وفق إعلان إنشاء التحالف، الذي استغرقت مشاورات إنشائه نحو ثلاثة أعوام.

ويضم التحالف 16 حزبًا بجانب المؤتمر الشعبي العام، ومنها حزب الإصلاح، وهو أكثرها تماسكًا حتى الآن، والحزب الاشتراكي، والتنظيم الوحدوي الناصري، وأحزاب حديثة النشأة تشكلت بعد ثورة 11 فبراير/ شباط 2011، التي أطاحت بالرئيس آنذاك، علي عبد الله صالح.

وأعاد التحالف الأمل في انعاش الحياة السياسية، التي أصيبت بانتكاسة منذ اجتياح الحوثيين (مدعومين من إيران) للعاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

لكن بعد مرور قرابة ستة أشهر على تأسيس التحالف، فإنه لا يزال يراوح مكانه، في ظل خلافات بين مكوناته.

وواجه الكيان الناشئ أول معضلة في اتخاذ موقف حاسم إزاء تدخل الإمارات (ثاني أبرز دول التحالف العربي لدعم للشرعية في اليمن) لصالح قوات المجلس الجنوبي الانتقالي (انفصالي) في الجنوب وقصفها للجيش الوطني.

لم يكن هذا هو أول تباينات الأحزاب السياسية اليمنية، فمنذ انقلاب الحوثيين أثرت خلافات الأحزاب على الوضع في اليمن، وكان أشدها تأثيرًا هو تحالف المؤتمر الشعبي العام (حزب صالح) مع الحوثيين، في مواجهة الشرعية والتحالف العربي.

وانفض هذا التحالف، في ديسمبر/ كانون أول 2017، إثر مقتل صالح، وهروب قيادات الحزب، وإعلان تأييدها للشرعية والتحالف، وبقاء جناح منه مع الحوثيين، فيما انقسمت قيادات بعض الأحزاب بين الولاء للشرعية والولاء للحوثي.

** انتهازية سياسية

قال رئيس مركز يمنيون للدراسات، د. فيصل علي، إنه لا يمكن تقييم أدوار تلك الأحزاب في إطار واحد، حيث تفاوتت في دعمها للشرعية الجديدة، منذ انتخاب هادي، وغلب على هذا الدعم طابع الانتهازية في تقاسم المناصب والوظيفة العامة ومصالح الأفراد.

وأضاف "علي" للأناضول أن دعم الأحزاب الشكلي للشرعية جعل الجماهير لا تثق فيها، وبعضها ارتمى في حضن الحوثي وغض الطرف عنه حتى سقطت صنعاء.

وتابع: "اتضح أن الأحزاب دعمت الشرعية التي يتصورها كل حزب بعيدًا عن الواقع، إلى أن ضعفت بعض الأحزاب وساندت الحوثي في انقلابه ضد الدولة والشعب، وجعل سقوط صورة هذه الأحزاب مجتمعة أكثر وضوحًا وعراها كأحزاب وهمية ومجرد أيدولوجيات مستوردة لا وطنية لديها".

** انقسامات عميقة

رأى مدير تحرير صحيفة "المصدر" اليمنية، علي الفقيه، أن معظم الأحزاب السياسية فقدت بوصلتها وفاعليتها وقدرتها على التأثير.

وأردف الفقيه للأناضول أن الأحزاب تاهت وشهدت انقسامات عميقة وذهبت قواعدها لتتوزع على المشاريع ما دون الوطنية التي انتعشت بعد انهيار الدولة التي تشكل حاضنة وأرضية للعمل السياسي، وفي القلب منه الأحزاب.

واعتبر ياسين التميمي، كاتب ومحلل سياسي، أن أداء الأحزاب كشف منذ بدء الحرب (2014) عن تباين كبير في المواقف والأجندات والانشداد إلى التأثيرات الإقليمية والتورط في تبني مواقف عكست إلى حد كبير الارتهان إلى خصومات الماضي.

وأضاف التميمي للأناضول أن معظم الأحزاب تحولت إلى مجرد أصوات مُعَجزة وافتقدت الصلة الوثيقة بالشارع اليمني، وعجزت عن تأمين ثقل سياسي على مستوى الشارع.

وأرجع هذا الإخفاق في جانب منه إلى افتقاد الأحزاب القدرة على التجدد في البنى والقيادات والتحرر من الأيديولوجيا المتوترة التي تجاوزها الزمن.

واستطرد: "تشظت مواقف الأحزاب إزاء مواقف وتطورات مصيرية، ولم تتحد حتى حول الثوابت كالجمهورية والوحدة والموقف من الانقلاب والانفصال".

بينما وصف رئيس تحرير موقع "الموقع بوست"، عامر الدميني، دور الأحزاب اليمنية خلال السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ بدء الحرب، بالركود والتلاشي والذوبان.

وأردف قائلًا: الأحزاب فقدت خلال هذه الفترة المكتسبات التي كانت قد حققتها في المرحلة السابقة، ويتمثل ذلك في انهيار (تجمع أحزاب) اللقاء المشترك، الذي مثل تكتلًا سياسيًا ناجحًا في حينه.

** التخلي عن الأيدلوجيا

وصف فيصل علي برنامج التحالف السياسي بـ"الجيد"، لكنه قال إنه "نسخ ولصق" من مبادرات شعبية ونخبوية.

وتابع: الفكرة جيدة وتحتاج إلى إيمان بالقضية اليمنية والتمسك بالجمهورية والدولة، وكذا التخلي عن الأيدلوجيا.

واشترط لذلك الابتعاد عن الإفساد في الوظيفة العامة وكف يد الشرعية عن إفساد الوظيفة العامة وعن تقديم الانتهازيين على البيروقراطيين.

وقال الفقيه إن تحالف الأحزاب بقدر ما ظهر كمحاولة للملمة شتات تلك الأحزاب واستعادة فاعليتها وقدرتها على التأثير وإيجاد صوت وطني موحد مساند للشرعية في معركتها ضد الإنقلاب، إلا أن المعطيات تقول إنه، وبعد حوالي ثلاث سنوات من النقاش حوله والتحضير له، قد ولد ميتًا.

وعزا ذلك إلى أن الأحزاب المشاركة في تشكيله عجزت منذ اللحظة الأولى عن اتخاذ موقف وطني موحد تجاه أهم وأخطر القضايا الوطنية.

وشدد على أنه يفتقد الفاعلية الذاتية، والبيئة التي ولد فيها غير مساعدة لإيجاد عمل سياسي قوي ومؤثر، "وبقدر عدم إيمانهم بأنفسهم، فإن أصحاب القرار في السلطة الشرعية والتحالف (العربي بقيادة السعودية) أرادوا لهذا التحالف ألا يكون أكثر من ديكور".

ورأى التميمي أنه لا أثر لوجود هذا التحالف أو أنه فشل في ظل استمرار التحديات التي تعترض اجتماع الأحزاب في كتلة وطنية قوية قادرة على تبني وإنجاح المشروع الوطني.

واتهم التحالف العربي بلعب دور مؤثر في محاصرة الحياة الحزبية وتجريفها عبر حشر أحزاب مؤثرة في خانة الخيارات الصعبة واتهامها بالإرهاب، في وقت عمل فيه على إعادة توجيه مواقف أحزاب والدفع بها نحو تبني خيارات سيئة كدعم التنظيمات الإرهابية، مثل كتائب أبو العباس والأحزمة الأمنية والنخب، لتظهر هذه الأحزاب في موقف من يمارس المكايدة السياسية الرخيصة ويقامر بالوطن وبوحدته الاجتماعية.

** جماعات الحرب

قال الدميني إن الحرب غيبت الدور السياسي للأحزاب، وجعلتها متوارية وفاقدة للتأثير والفاعلية، لصالح بروز جماعات الحرب والسلاح والمليشيا، التي تسيدت المشهد وفرضت وجودها؛ ما أدى إلى انعدم التأثير الميداني والجماهيري للأحزاب وفقدان عوامل التأثير في الرأي العام.

وتابع: "ومع ذلك لم تتفق الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها في التوافق على كثير من القضايا، وشهدنا تباينًا في وجهات النظر، وشذوذ لأحزاب أخرى عن الإجماع السياسي، وخروجها ببيانات منفردة تمثل وجهة نظرها الخاصة".

واعتبر الدميني أن وجود أغلب قادة الأحزاب في العواصم، وخاصة الرياض، أدة إلى تغييب دورها وأصبح تأثيرها يدور وفق السياسة السعودية والتوجه العام للتحالف.

وتابع: لا يُغفل أثر أحقاد الماضي والضغائن السياسية على الحاضر، ما تسبب في انعدام الثقة بينها، وتربص بعضها بالبعض الآخر.

** مجلس رئاسي وحكومة

اشترط فيصل علي لنجاح التحالف السياسي في اليمن، تخالي الأحزاب عن الأيدلوجيا، ورأى أن الناصري والاشتراكي خارج التحالف فعليًا، وأن كيان التحالف الحقيقي هو الإصلاح والمؤتمر والسلفيين، الذين سيفشلون في حال بقائهم منقسمين.

وشدد على ضرورة تشكيل مجلس رئاسي وحكومة مصغرة لإنهاء الفساد والعبث لاستعادة الدولة، "ومن دون ذلك ستظل الشرعية مسخرة بكل تحالفاتها وأحزابها".

أما الفقيه فرأى أن تحالف الأحزاب لن يشكل إسنادًا حقيقيًا في المعركة القائمة؛ لأن الأحزاب بحاجة إلى إعادة إنعاش ومغادرة حالة الارتهان والتبعية لجهات متعددة.

ومضى قائلًا إن المحيط الإقليمي "المعادي للحزبية والعمل السياسي" أصبح يتحكم بمجريات الأحداث في اليمن، ويرى مصلحته في التعامل مع كيانات قبلية وجماعات دينية معادية للحزبية ولكل مظاهر الديموقراطية.

وذهب التميمي إلى أن الأحداث الكبرى في اليمن تسير خارج إرادة المنظومة الحزبية، التي باتت هامشية، لذا لم يكن للإعلان عن تشكيل تحالف وطني من أثر على الأرض، وأصبح حدثًا تجاوزه الزمن.

واستشهد بأن التطورات تسير بعكس ما يعبر عنه التحالف، حيث جرى إنتاج انقلاب جديد في عدن (جنوب) هدفه فصل الجنوب عن الشمال، وهو تطور يشير إلى تفكك واستهداف للمنظومة الحزبية وإطلاق العنان للمجاميع الفوضوية، التي تتبنى، وبإيعاز من التحالف، استراتيجية تهميش الأحزاب وتجريفها.

** احتياج للتحالف السياسي

بينما توقع الدميني أن يظهر هذا التحالف للنور؛ لأن مقتضيات الواقع في اليمن تحتاج له كرافعة جديدة تسهم في كبح الحرب، والوصول إلى واقع جديد يقوم على السلام والتشاركية السياسية الجمعية.

واعتبر أن من شأن نجاح التحالف السياسي أن يمد جسور النجاح للعملية السياسية، أما في حال فشله، فسيؤدي إلى اليأس من الأداء الحزبي، وتعميق الفجوة بين الأحزاب والواقع، وبالتالي تعزيز جماعات العنف والسلاح، وبقائها متحكمة بالمشهد برمته.

الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

هولوكوست بدون يهود
12:00 29.03.2024
من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبنان؟
11:45 29.03.2024
أناتولي أنتونوف : العلاقات مع الولايات المتحدة لن تتحسن
11:40 29.03.2024
مصر تسجل أقل معدل نمو زيادة سكانية خلال نصف قرن
11:30 29.03.2024
ما لم يقال عن زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى جنوب القوقاز
11:25 29.03.2024
حكمت حاجييف: أذربيجان هي حلقة الوصل بين آسيا الوسطى وأوروبا
11:20 29.03.2024
محكمة العدل الدولية تمهل إسرائيل شهرا لإرسال تقريرها حول مجازر غزة
11:15 29.03.2024
روسيا تمنع التجديد لمراقبي العقوبات على كوريا الشمالية
11:00 29.03.2024
أرمينيا توقف بث برنامج سولوفيوف
10:57 29.03.2024
انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة
10:45 29.03.2024
أرمينيا : سيتم إعادة هذه القري إلي أذربيجان
10:44 29.03.2024
العدل الدولية تأمر إسرائيل بإجراءات لإيصال المساعدات إلى غزة
10:30 29.03.2024
السجن 25 عاماً لملك العملات المشفرة بتهمة سرقة 8 مليارات دولار
10:15 29.03.2024
الأمين العام لأوبك حاجة العالم للنفط ستستمر لسنوات وعقود
10:00 29.03.2024
إعصار في مدغشقر يودي بـ11 شخصاً
09:45 29.03.2024
إسرائيل تتخذ خطوات فعلية لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم التحذيرات الدولية
09:30 29.03.2024
إثيوبيا تتوقع الانتهاء من مشروع سد النهضة العام المقبل
09:15 29.03.2024
إبراهيم تراوري يمدد حربه على الإرهاب في بوركينا فاسو
09:00 29.03.2024
تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
نشر معلومات جديدة عن الهجوم الإرهابي في روسيا
10:34 28.03.2024
رياح الجنوب تحمل الرمال الساخنة إلى جنوب شرق أوروبا
10:30 28.03.2024
آيرلندا تعتزم التدخل في قضية الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل
10:15 28.03.2024
الفلبين تؤكد الإفراج عن طاقم ناقلة نفط محتجزة في إيران
10:00 28.03.2024
العراق يبرم اتفاقا لتوريد الغاز مع إيران لمدة 5 سنوات
09:45 28.03.2024
جميع الأخبار