هل أسقطت طالبان الطائرة الأمريكية بأوامر إيرانية؟

تحليلات 20:00 09.02.2020

 في الآونة الماضية، اتخذت قضية تحطم طائرة تابعة للجيش الأمريكي في مقاطعة غزنة الأفغانية بعداً جديداً. فبعد عدة ساعات من سقوط الطائرة العسكرية الأمريكية في مقاطعة غزنة الأفغانية، أعلن عدد من مسؤولي طالبان، من بينهم ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حركة طالبان، مسؤوليتهم عن إسقاط تلك الطائرة، كاشفين عن أن الطائرة الأمريكية كانت في مهمة تجسسية في المناطق الواقعة تحت سيطرة حركة طالبان، حتى تم إسقاطها من قبل قوات الحركة "بشكل تكتيكي". وعلى الرغم من أن حركة طالبان لم تكشف عن الآلية التي تم فيها إسقاط الطائرة الأمريكية، إلا أن البنتاغون أكد يوم الإثنين الماضي أنه لا يوجد ما يشير إلى أن الطائرة الأمريكية قد أسقطت بنيران العدو.

إذاً، كيف سقطت الطائرة الأمريكية؟!

الطائرة الأمريكية المتحطمة هي طائرة من طراز بومباردييه كانت تقوم بمهمة تقديم الدعم اللوجستي للطائرات بدون طيار، وهي مجهزة بمعدات للاتصالات المتطورة جداً. وتعتبر هذه الطائرة التابعة للقوات الأمريكية، المسؤولة عن تأمين الاتصال الأرضي والجوي بين القوات الأمريكية المتواجدة على مختلف الأراضي الأفغانية، وذلك نظراً للطبيعة الجبلية لتلك المناطق، والتي لا توفر الأرضية المناسبة للاتصال الجيد بين القوات الأمريكية في المناطق المختلفة. هذه الطائرة كانت متمركزة في إقليم قندهار في جنوب أفغانستان، بالقرب من الحدود مع باكستان، ومن هناك كانت تقوم بتنفيذ مهامها ونشاطاتها.

لكن ادعاء طالبان إسقاط هذه الطائرة، أضاف أبعاداً جديدة للقضية، في الوقت الذي رفضت في القوات الأمريكية احتمالية إسقاط تلك الطائرة على يد طالبان، وذلك لأن الطائرة الأمريكية تلك تطير على مستويات مرتفعة نسبياً، وطالبان لا تمتلك ذاك النوع من الأسلحة التي تمكنها من إسقاط مثل هذه الطائرات التي تطير على على علو مرتفع. على الرغم من ذلك كله، لا يمكننا أن نغفل وجود بعض الفرضيات التي تتحدث عن أن طالبان ربما قد أسقطت الطائرة الأمريكية.
 

صواريخ ستينغر الحرارية:

لعبت صواريخ ستينغر الأمريكية التي قدمت للمجاهدين الأفغان في منتصف الثمانينيات دوراً كبيراً في إسقاط طائرات الاتحاد السوفياتي السابق، وبالتالي هزيمة واندحار الجيش الأحمر، وفاقت فاعليتها الأسلحة الأخرى التي تلقاها الأفغانيون من الولايات المتحدة وباكستان والسعودية. في ذاك الوقت، قيل أن هناك حوالي ٢٠٠٠ صاروخ استينغر قد وصل لأيدي المجاهدين الأفغان، لكن بعد تشكيل حكومة المجاهدين، طالبت الولايات المتحدة استعادة الصواريخ المتبقية، لكن عدداً من تلك الصواريخ بقي مخفياً داخل أفغانستان، في حين أن تقديرات وكالة الاستخبارات الأمريكية تقول بأن حوالي ستمائة صاروخ من نفس الطراز بقي مفقوداً في أفغانستان عقب الانسحاب السوفياتي من الأراضي الأفغانية.

وعلى الرغم من أن بعض الخبراء قالوا إنه من المحتمل أن تكون صواريخ ستينغر في حالة سيئة بعد كل هذه السنوات، وذلك نظراً لأن أجهزة الاستشعار والبطاريات المخصصة لتلك الصواريخ تحتاج للتجديد، ومن المحتمل أنها لا تعمل، إلا ترسانة طالبان من السلاح التي شملت في السنوات الأخيرة أعداداً محدودة من الجيلين الأول والثاني من الأسلحة المضادة للطائرات، من بينها الصاروخ السوفياتي سام 7 والصاروخ الصيني إتش إن 5، وعدد قليل من صواريخ ستينغر قديمة الطراز، يبقى احتمال إسقاط الطائرة الأمريكية على يد حركة طالبان احتمالاً قائماً يفرض نفسه بقوة.
 

ما علاقة "الانتقام الإيراني الصعب"؟!

بعد مقتل قاسم سليماني على يد القوات الأمريكية في العراق، تحدث مسؤولو النظام الإيراني عن الانتقام الصعب من الولايات المتحدة. أحد الأدوات التي يمكن أن تكون إيران قد استخدمتها هي تحريك ورقة طالبان، وذلك بعد تحول العلاقة بين النظام الإيراني وحركة طالبان من صورة نمطية تتمثل في العداء المستحكم، الذي يعزى لعدة أسباب أهمها الاعتبارات الطائفية (إيران شيعية وطالبان سنية) إلى تقارب إيديولوجي اتخذ من عداء الولايات المتحدة منهجاً له، وتعاون امتد ليشمل مجالات اقتصادية وأمنية وسياسية.

فبعد سقوط حكومة طالبان في كابل، تغيرت الظروف الإقليمية والدولية بشكل كلي، ووجدت طهران في دعم حركة طالبان أمراً ضرورياً لكبح الولايات المتحدة على حدودها الشرقية، وخطوةً لا بد منها لتقييد نفوذ القوات الأمريكية في أفغانستان. لذلك من المحتمل في سياق ما يطلق عليه النظام الإيراني "انتقامه الصعب"، أن تكون إيران قد أرسلت صواريخ مضادة للطائرات إلى حركة طالبان لتمكينها من إسقاط الطائرة الأمريكية، الأمر الذي إن حدث فعلاً سيغير الكثير من موازين القوى على الأرض الأفغانية، في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لمغادرة الأرض التي خاضت فيها أطول حروبها. من ناحية أخرى، الخوف الحقيقي في أفغانستان يكمن في التقاء مصالح الإيرانيين والروس على غرار ما هو حاصل في سوريا الآن.

التجربة الحالية بينهما في سوريا قد تشجع طهران وموسكو على بناء شراكة تهدف إلى إيذاء أميركا وحلفائها داخل أفغانستان، الأمر الذي سيعيد الكرة بامتلاك طالبان لصواريخ مضادة للطائرات لكنها روسية الصنع، وموجهة ضد الولايات المتحدة هذه المرة. صحيح أن إيران وروسيا تدعمان طالبان بصورة غيرة مباشرة، لكن يمكن أن نصل إلى مرحلة يغدو فيها تدخلها علنياً، الأمر الذي سيجعل من أفغانستان ساحة لتنافس هاتين الدولتين. مع ذلك يبقى موضوع سقوط إحدى الطائرات التجسسية الأمريكية الأكثر تطوراً أمراً مثيراً للشكوك والاستغراب، حيث لا توجد وسيلة أخرى للتأكد من سبب سقوطها سوى انتظار ظهور السبب الحقيقي للتحطم، وذلك نظراً إلى حقيقة أن الطائرة عسكرية وسرية إلى حد ما، مما يجعل من الصعب الكشف عن حيثيات الموضوع.

ضياء قدور

نقيب مهندس   

كاتب وباحث في الشأن الإيراني

 
ضياء قدور
الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

مهمة الإتحاد الاوروبي في جنوب القوقاز من وجهة نظر أرمينية
16:42 29.03.2024
كيف ستؤثر زيارة وفد الإتحاد الأوروبي علي عملية السلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
15:58 29.03.2024
ميرزايف: زيارة وفد الإتحاد الأوروبي للمنطقة يهدف إلي الهيمنة عليها
15:00 29.03.2024
الولايات المتحدة الأمريكية تنشئ تحالفًا جديدًا... - تحليلات
14:00 29.03.2024
لماذا تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتسليح أرمينيا؟
13:00 29.03.2024
هولوكوست بدون يهود
12:00 29.03.2024
من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبنان؟
11:45 29.03.2024
أناتولي أنتونوف : العلاقات مع الولايات المتحدة لن تتحسن
11:40 29.03.2024
مصر تسجل أقل معدل نمو زيادة سكانية خلال نصف قرن
11:30 29.03.2024
ما لم يقال عن زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى جنوب القوقاز
11:25 29.03.2024
حكمت حاجييف: أذربيجان هي حلقة الوصل بين آسيا الوسطى وأوروبا
11:20 29.03.2024
محكمة العدل الدولية تمهل إسرائيل شهرا لإرسال تقريرها حول مجازر غزة
11:15 29.03.2024
روسيا تمنع التجديد لمراقبي العقوبات على كوريا الشمالية
11:00 29.03.2024
أرمينيا توقف بث برنامج سولوفيوف
10:57 29.03.2024
انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة
10:45 29.03.2024
أرمينيا : سيتم إعادة هذه القري إلي أذربيجان
10:44 29.03.2024
العدل الدولية تأمر إسرائيل بإجراءات لإيصال المساعدات إلى غزة
10:30 29.03.2024
السجن 25 عاماً لملك العملات المشفرة بتهمة سرقة 8 مليارات دولار
10:15 29.03.2024
الأمين العام لأوبك حاجة العالم للنفط ستستمر لسنوات وعقود
10:00 29.03.2024
إعصار في مدغشقر يودي بـ11 شخصاً
09:45 29.03.2024
إسرائيل تتخذ خطوات فعلية لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم التحذيرات الدولية
09:30 29.03.2024
إثيوبيا تتوقع الانتهاء من مشروع سد النهضة العام المقبل
09:15 29.03.2024
إبراهيم تراوري يمدد حربه على الإرهاب في بوركينا فاسو
09:00 29.03.2024
تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
جميع الأخبار