حسم الجدل والصراع فى قمة أكتاو لدول بحر قزوين، حيث تعد أكتاو أحد أهم موانى كازاخستان على بحر قزوين هذه القمة التى تعقد فى الفترة ما بين 11-12 أغسطس 2018 ما بين رؤساء الدول الخمس "روسيا وإيران وكازاخستان وآذربيجان وتركمانستان" المطلة على البحر الأغنى فى العالم بـ "النفط والغاز والأسماك" والذى يصلح لجميع اغراض الإستثمار المتعارف عليها عالميا، ويعتبر احد اهم مناطق أوراسيا الإستثمارية.
وبالفعل دخلت الصين فى منطقة أوراسيا كاحد أهم المستثمرين المرحب لكم البني التحتية الهائل الذى تقوم به تحديدا فى هذه المنطقة وذلك لربط اسيا بأوروبا نكاية فى امريكا وايضا لتأمين موارد الطاقة فى واحدة من اغنى نقاط العالم بهذه الموارد مع بلد يحقق اعلى معدلات التنمية والنمو الإقتصاديين فى العالم ويمشى بمبدأ "مكسب + مكسب" للشركاء، طبعا كون الدول الخمس دول مهمة فى كل من المبادرات الصينية الإقتصادية والثقافية العالمية الجديدة وهى "طريق الحرير – وقمة شنغهاى للتعاون – مجموعة بريكس"، المناوءة للمجموعات المالية الدولية المدارة أمريكيا – وطبعا وفقا للمفهوم الجيواستراتيجي من يسيطر على آسيا وأوروبا؛ المنهكة اقتصاديا، والتى دخلت فى حربا اقتصاديا مع امريكا، وفى حالة عطش للسيولة الصينية؛ يسيطر على العالم. مبروك للدول الخمس التوصل أخيرا لإتفاق يمنع وجود أى قواعد غربية أو غريبة على بحر قزوين بما يؤجج الفتنة ما بين اعضائه، ويتسبب فى إشاعة التوتر والإرهاب، وفى رأيي هذا امر مهم للغاية يحفظ أمن واستقرار منطقة وسط وغرب اسيا، وله أثرا ايجابيا فى الحرب على الإرهاب، وخصوصا أن بعض شباب هذه الدول ذهب للحرب فى سوريا بسبب الإعلام الغربي والخليجى، وأن هناك حرب إبادة للسنة فى سوريا من قبل نظام شيعي بالكذب، واستغل فيها للأسف الشيوخ والمال والأنظمة الخليجية للترويج لهذه النعرات الطائفية برعاية غربية، وصدقهم الشباب الصغير المسلم فى روسيا وتركمانستان وكازاخستان واذربيجان. فلا بد من منبر إعلامى موحد بين دول بحر قزوين يمنع مثل هذه الحماقات فى المستقبل، حيث توجد مبادرة وحيدة "روسيا والعالم الإسلامى" أنشأت لهذا الغرض، ولكنها للاسف مبادرة حكومية صرفة، نحتاج إلى مبادرات خليط ما بين المثقفين والمجتمع المدنى والحكومات، حتى يكون هناك تكامل فى الرؤية ونستفيد من الأفكار الجديدة وتبادل الخبرات فى هذا المجال وخصوصا مع من يتعاملون باحترافية مع الرقمنة التى تصل لمعظم الشباب فى العالم لإختلاف المفاهيم عن الماضى.
أيضا هذا الأمر له أثر إيجابي على تركيا، التى دخلت ايضا فى حرب تجارية مع الولايات المتحدة، وليس أمامها سبيل الى دول أوراسيا، وزيادة التحالف الاقتصادى والإستراتيجي معهما، نظرا لأن تركيا تتميز بأنها بلد زراعى وصناعى وسياحى، وله علاقات طيبة مع الدول الخمس، ويسعى لأن يكون له علاقات بنفس الجودة مع الصين، ويمكنه الدخول فى تحالف مالى ونقدى يسمح باستغلال العملات المحلية بينه، وبين دول بحر قزوين دون الدولار أو عقد إتفاقيات أو التحول لليوان الصينى وهي عملة مقبولة.
أيضا التوصل لنقطة حسن استغلال موارد بحر قزوين والتى اشار الرئيس روحانى انها تحتاج للمزيد من اللقاءات بين الخمس دول سواء على المستوى الرئاسي أو الوزاري للوصول لأفضل طرق استغلال وتقسيم ثروات قاع البحر، حيث كانت نقطة الخلاف الرئيسية هي كيفية تقسيم قاع البحر، كثيرون يفضلون التقسيم بخط متساوي المسافات من الخطوط الساحلية الخمسة، لكن إيران لديها أصغر خط ساحلي - فلا تقبل بذلك
. أما الخلاف الثانى، كانت روسيا مترددة في السماح لتركمانستان بمواصلة خط أنابيب الغاز الذي يبلغ طوله 300 كلم إلى أذربيجان، مما سيفتح احتياطياتها الضخمة الرخيصة من الغاز إلى السوق الأوروبية التي تهيمن عليها حالياً شركة غازبروم عملاق الغاز الروسي. يبدو أن الحل هو الحفاظ على صياغة ما وتأجيل القرارات الخلافية، واليوم الأحد، وافقت الدول الخمس على 15 ميلاً من المياه الإقتصادية السيادية الخالصة، بالإضافة إلى 10 أميال بحرية أخرى من مناطق الصيد، وبعد ذلك ستكون هناك مياه مشتركة وطبعا رجال القانون الدولى البحرى سيكون لهم الكلمة وليس الرؤساء بخصووص مسائل التقسيم عمليا
. أعتقد أنه على مصر والعالم العربي إعادة النظر فى منظومة علاقاتها بالخارج والغير، وخصوصا مع أوراسيا ودول بحر قزوين، وألا تكون مثل العبد الذى يحب جلاده "أمريكا واوروبا"، لأن هناك مناطق أكثر غنى وأقرب فى الثقافة والدين من أمريكا وأوروبا، نعلم أن مصر تقدمت بطلب شراكة فى المنطقة الإقتصادية الأوراسية مثلها مثل الصين وإيران وايضا للأسف الكيان الصهيونى، ولكن ما نأمله هو تفعيل مثل هذه الإتفاقيات بما ينعكس فى رخاء المواطن المصرى
. أحمد مصطفى رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة عضو كودسريا ومجموعة رؤية استراتيجية روسيا والعالم الإسلامى إعلاميون ضد التطرف