ادلى رئيس قسم شؤون السياسة الخارجية بالديوان الرئاسي الأذربيجاني حكمت حاجييف بتصريح لوكالة أذرتاج حول استضافة البلد اجتماع القمة الـ18 في باكو فترة 25-26 أكتوبر لرؤساء الدول والحكومات للبلاد الأعضاء لدى منظمة حركة عدم الانحياز وتسلم البلد رئاسة المنظمة للفترة ما بين 2019-2022م.
س: كيف تقدر مكان وزنة حركة عدم الانحياز في العالم الحالي وما رأيكم حول عضوية أذربيجان لدى المنظمة؟
ج: رغم أن منظمة حركة عدم الانحياز تأسست خلال الحرب الباردة فإنها لا تفقد من أهميتها في العالم الحالي اليوم بل تكتسي ببالغ الأهمية من حيث حل المشكلات العالمية والإجابة عن تحديات حقبتنا أيضا. وما هو تتألف منه هذه الأهمية؟ إن منظمة حركة عدم الانحياز أكبر مؤسسة سياسية تضم 120 بلد بعد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذا بوحده يدل على مدى أهمية هذه المنصة الدولية متعددة الجوانب التي تشارك في تسوية العلاقات الدولية الحديثة. فان المسائل المطروحة للبحث في اجتماعات هامة للمؤسسة تشمل على ثلثي دول العالم تؤثر دون شك في تشكل جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضا.
كما أشار إليه الرئيس إلهام علييف في كلمة ألقاها في المؤتمر الوزاري المنعقد في باكو نيسان عام 2018م أن "حركة عدم الانحياز مشغولة منذ اكثر من نصف القرن بدعاية القيم العالمية. حركة عدم الانحياز احدى اكبر منظمات العالم تلعب دورا مهما جدا في إحلال الاستقرار والسلام والامن في العالم. حركة عدم الانحياز ملتزمة بمعايير القانون الدولي وسلامة الأراضي وسيادة جميع الأعضاء واستقلالها".
أصبحت أذربيجان عضوا لدى حركة عدم الانحياز عام 2011م. وأود هنا أن اشير إلى أن أذربيجان تربطها عرى مختلفة بعدد كبير من البلاد المتمثلة لدى المنظمة تاريخيا بأي شكل من الأشكال ولنا روابط تاريخية ودينية ببلدان المنطقة والعربية والمسلمة. او كان آلاف من الناس من الجغرافيا العملاقة الممتدة من فيتنام إلى كوبا متعلمين في المعاهد العليا في أذربيجان في عهد الاتحاد السوفييتي البائد وعلى سبيل المثال يبلغ هذا الرقم من قارة افريقيا 15 ألف متعلم.
العضوية لدى حركة عدم الانحياز قد فتحت إمكانات ملائمة امام ضمان المصالح الوطنية للبلد والنفع القومي وتطوير علاقاته مع مختلف الدول على الصعيد الثنائي ومتعدد الأطراف أيضا. وقد ثبت ذلك في نفس العام 2011م بانتخاب أذربيجان عضوا غير دائم لمجلس الامن الدولي بدعم أصوات 155 بلد دورٌ لعبته أصوات بلدان حركة عدم الانحياز بجانب تصديقه على قرار سياسي متخذ بشأن الانضمام إلى هذه الحركة كونه خطوة بصيرة حكيمة بعيدة النظر ثبوتا واضحا.
وأود أن اشدد خاصة على أن عضوية أذربيجان لدى حركة عدم الانحياز قد ساهمت كذلك في الحصول على دعم اكثر لموقف البلد المحق من نزاع قراباغ الجبلي القائم بين أرمينيا وأذربيجان وليس من باب الصدفة أن جميع وثائق حركة عدم الانحياز الختامية يعبر تعبيرا لا مواربة فيه ولا لبس عن ضرورة حل نزاع قراباغ الجبلي القائم بين أرمينيا وأذربيجان في اطار سيادة جمهورية أذربيجان وسلامة أراضيها وداخل حدودها المعترف بها دوليا وعن وجوب تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي في هذا السياق.
وقد أحرزت أذربيجان بسياستها الخارجية المبدئية التي تعتمد على القانون الدولي والعدالة نفوذا كبيرا بين البلاد الأعضاء لدى الحركة خلال مدة قصيرة مضت على عضويتها. ونتيجة هذا النفوذ والثقة اتخذ قرار في اجتماع القمة الـ 17 لرؤساء الدول والحكومات للبلاد الأعضاء لدى الحركة عام 2016م نص على تنظيم اجتماع القمة التالي في باكو واحالة الرئاسة في المنظمة أذربيجان للفترة ما بين 2019-2022م قرارا بالاجماع.
س: كيف تجري اعمال تمهيدية لاجتماع قمة باكو لحركة عدم الانحياز؟
ج: ينظم اجتماع القمة الـ18 لرؤساء الدول والحكومات للبلدان الأعضاء لدى حركة عدم الانحياز في باكو فترة 25-26 أكتوبر القادم في موضوع "ضمان الإجابة معا وبالمثل عن تحديات العالم الحديث بالاسترشاد بمبادئ باندونغ". وأود أن أؤكد على أن اجتماع القمة يأتي احد أهم الفعاليات السياسية المنظمة في أذربيجان بعد إعادة الاستقلال. كما أن هذا يسجل تاريخا في الوقت ذاته بصفته اجتماع قمة اول ينظم في أوروبا بعد قمة بلغراد عام 1989م.
وتم تأسيس لجنة تنظيمية تتألف من رؤساء المؤسسات الحكومية ذات الصلة في فبراير العام الحالي بغية تنظيم اجتماع القمة بمرسوم الرئيس الأذربيجاني. وجاءت تفاصيل جميع الاعمال الواجب تنفيذها بشأن تنظيم اجتماع القمة في خطة الفعاليات المصدق عليها في مارس. وخطة الفعاليات وثيقة مفصلة عبارة عن 39 مادة. وقد استضاف البلد في السنوات الأخيرة عددا كبيرا من الفعاليات السياسية والاقتصادية والرياضية والموسيقية الكثيرة ونحن على يقين من أن اجتماع القمة يأتي "حكاية نجاح" بكل معنى للتعبير بدعم المؤسسات الحكومية ذات الصلة. ولا شك في أن اجتماع القمة وكذلك رئاسة الحركة يساهمان في تبليغ إنجازات احرزها البلد عبر العالم تبليغا اكثر وتشجيعها من جهة وزيادة نفوذ أذربيجان لدى المنظمة وعلى الصعيد العالمي عموما من جهة أخرى.
س: وما حول كيفية تنظيم أذربيجان فعالياتها خلال فترة رئاستها حركة عدم الانحياز واولويات البلد؟
ج: إن وتيرة اعداد أولويات رئاستنا حركة عدم الانحياز في المرحلة النهائية. وأود أن اذكر دون التوغل في تفاصيل أن "مبادئ باندونغ" التاريخية التي تشكل أسس فعاليات حركة عدم الانحياز تلك المبادئ التي تضم مبادئ الاحترام بسيادة جميع البلاد وسلامة أراضيها ولامتناع عن فعاليات معادية لسيادة البلاد الأخرى ووحدة أراضيها وتطبيق القوة ضدها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتشجيع المصالح والتعاون المتبادل والاحترام بالعدالة والالتزامات الدولية كلها تنطبق مع النهج الرئيسي لسياسة أذربيجان الخارجية وفعاليات أذربيجان خلال رئاستها حركة عدم الانحياز وتنظم فعاليات جمهورية أذربيجان وأولوياتها خلال رئاستها المنظمة على هذه المبادئ الأساسية. وغرضنا رفع دور ونفوذ المنظمة رفعا اكثر في نظام العلاقات الدولية وزيادة مساهمتنا في تعزيز السلام والأمن والتنمية المستدامة عبر العالم .
أن البلاد الأعضاء لدى حركة عدم الانحياز تختلف بعضها بعضا اختلافا كبيرا. وفيها بلدان نالت الاستقرار السياسي والإنجازات الاقتصادية بلاد ضحية النزاعات المزمنة وعدم الاستقرار والبلاد الأقل تنمية والبلاد دون الخروج إلى البحار او التي تعاني من عوائق التغيرات المناخية إلى بلاد الجزر الصغيرة التي يقع وجودها تحت الخطر حاليا. ولكل من هذه البلاد اهتمامات وأولويات وتوقعات ومن الواجد جدا إجابة عن هذه التوقعات. من الممكن التوصل إلى ذلك من خلال تفهم جميع بلاد العالم مشكلات بعضها بعضا وتبدي تضامنا عالميا وسيادة الدبلوماسية متعددة الجوانب. ونفكر في هذا السياق في انه يكون من المفيد والمثمر إقامة وتطوير الاتصالات والحوار وتوسيع جغرافيا التعاون مع سائر المؤسسات والاقاليم خلال رئاسة أذربيجان حركة عدم الانحياز بالاستفادة من ميزات قياسية تلمكها أذربيجان كونها بلدا عضوا لدى منظمة التعاون الإسلامي وكذلك مجلس أوروبا.
كما نعتقد أنه من اللازم تحديد مجالات جديدة للتعاون بين البلاد الأعضاء لدى حركة عدم الانحياز وعلى سبيل المثال مجال الشباب.
ومن المعلوم أن بلاد حركة عدم الانحياز خصصت تقليديا أهمية كبيرة للمسائل الاجتماعية الاقتصادية وبتبني جدول أعمال عام 2030م من اجل التنمية المستدامة بدأ مقياس التنمية في الأمم المتحدة يتعزز تعززا كبيرا. ونعتبر بوجهنا أذربيجان احدى البلاد الـ14 التي قدمت تقريرا متطوعا خلال مدة قصيرة بشأن تنفيذ أغراض التنمية المستدامة أن مسائل التنمية هي الأخرى يجب عليها أن تدرج في جدول اعمال حركة عدم الانحياز.
ونعد أن ثمة حاجة إلى اجراء تبادل الآراء ووجهات نظر بمشاركة البلاد الأعضاء خلال فترة رئاستنا المنظمة من اجل تكيف حركة عدم الانحياز بسرعة ممتازة اكثر مع متطلبات العالم المتغير السريع.
وفي الختام اود أن الفت إلى أن رئاستنا في الحركة التي تضم البلاد الخاصة بمختلف القارات واللغات والأديان والتقاليد والعرف والنظم السياسية تأتي على الأرجح انسب بالنسبة لجمهورية أذربيجان التي ابرزت في سياستها تسجيع الحوار بين اتباع مختلف الأديان والثقافات والتوصل إلى تفاهم ووئام بين مختلف الحضارات.
أن رئاسة المنظمة التي تضم 120 بلد تطلب إرادة سياسية كبرى ومسؤولية وقوة دبلوماسية وإمكانات وفرص وإن البلد جاهز وقادر على اخذ هذه المسؤولية على عاتقه خلال مدة 3 سنوات مقبلة بقيادة الرئيس إلهام علييف.