تحدى آلاف من الناشطين المدافعين عن الديموقراطية الأحد قوات الشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق مسيرتهم غير المرخصة في أرجاء المدينة، كجزء من احتجاجات دولية منّسقة تتزامن مع الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
وتعتزم الصين تنظيم احتفالات كبيرة تبدأ الثلاثاء لإحياء ذكرة مرور سبعة عقود على تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بما في ذلك بعرض عسكري ضخم في بكين لاستعراض تحوّل البلاد إلى قوة عظمى على الصعيد الدولي.
لكن الاضطرابات المتواصلة في هونغ كونغ تهدد بسرقة الأضواء من هذه الاحتفالات في وقت يتصاعد الغضب الشعبي في المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي على خلفية تراجع الحريّات الممنوحة لها في ظل هيمنة سلطة بكين المركزية.
وتعهّد الناشطون المدافعون عن الديموقراطية بتنظيم سلسلة مسيرات "مناهضة للشمولية" في ارجاء العالم على مدى الأيام التي تسبق احتفالات الصين الثلاثاء.
ونظمت مسيرات في استراليا وتايوان، مع مزيد من الاحتجاجات المقررة في أوروبا وأميركا الشمالية في وقت لاحق الأحد.
وحضّت منتديات عبر الإنترنت استخدمتها الحركة الاحتجاجية المتظاهرين على التجمّع بعد ظهر الأحد في "كوزواي باي" للمشاركة في مسيرة "مناهضة للشمولية" في إطار سلسلة احتجاجات ينظمها معارضو الصين حول العالم في عطلة نهاية الأسبوع.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل على المتظاهرين في "كوزواي باي" بعدما حاصرت الحشود الغاضبة التي تلاسنت مع أفراد الأمن الذين نفّذوا عمليات تفتيش أعقبتها اعتقالات.
وهرعت الشرطة إلى الموقع قبيل التجمّع حيث أوقفوا عددا من الناس وقاموا بتفتيشهم. وهتف المتظاهرون "شرطة فاسدة". وبعد إلقاء زجاجة على العناصر، سارعت الشرطة لإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وتفرّقت الحشود جرّاء الدخان لكن الناشطين سرعان ما أعادوا تشكيل صفوفهم ليسيروا بالآلاف في الطريق الرئيسي عبر المدينة.
وقام بعض المتظاهرين المتشددين بأعمال تخريبية في محطات للمترو ومزقوا لافتات علقت احتفالا بالذكرى.
وحمل متظاهرون علم الصين وقد وضعت فيه النجوم على شكل علامة الصليب المعقوف النازية.
وبعد الظهر، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في عدة مواقع في ارجاء وسط المدينة.
- "نتواصل بالعالم" -
وفي وسط المسيرات، لوّح شاب في العشرين من العمر وعرّف عن نفسه اسمه الأول فقط توني، بعلم أوكرانيا.
وألهمت الثورة الأوكرانية التي أطاحت الرئيس الموالي لروسيا في العام 2014 الكثير من المتظاهرين في هونغ كونغ.
وقال توني لوكالة فرانس برس "نأمل إذا تواصلنا بأجزاء مختلفة من العالم وحاربنا الشيوعية الصينية، أن تفوز هذه الحركة".
وأفاد متظاهر ستيني وعرّف عن نفسه باسم عائلته مان أنّه يشعر بان حيوات وحريات الناس تدهورت منذ أعاد الاستعمار البريطاني هونغ كونغ إلى الصين في 1997.
وقال "لا أريد أن اطيح بالنظام، لكنه يحتاج بالتأكيد إلى تغيير"، تابع أنه "يحتاج إلى السعي لعقد مصالحة مع الناس".
وفي تايوان، نظّم نحو الف متظاهر، ارتدى الكثير منهم ملابس سوداء، احتجاجا للتضامن مع متظاهري هونغ كونغ رغم الأمطار الغزيرة. ونظمت تظاهرة مماثلة في سيدني.
وعلى مدى الأسابيع الـ17 الماضية، شهدت هونغ كونغ أسوأ اضطرابات سياسية منذ اعادتها للصين عام 1997 وسط مسيرات ضخمة مدافعة عن الديموقراطية وصدامات ازدادت حدتها.
واندلعت احتجاجات الصيف رفضًا لقانون ألغي لاحقًا كان سيسمح بتسليم المطلوبين للسلطات في البر الصيني. لكنها تحوّلت لاحقًا إلى حراك أوسع يدعو إلى انتخابات حرّة ولتخفيف بكين تدخلها في المدينة.
- "يوم حداد" -
وتعهد الناشطون بتنظيم سلسلة مسيرات في الأيام السابقة للثلاثاء اليوم الوطني في البلاد والذي اعتبروه "يوم حداد".
وتجمّع عشرات الآلاف للمشاركة في مسيرتين سلميتين ليل الجمعة والسبت.
ووقعت صدامات ليل السبت على هامش تجمّع كبير لكنها اعتبرت بمثابة مؤشر على ما يمكن توقعه خلال الأيام المقبلة.
واستخدم عناصر الأمن الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل وخراطيم المياه لتفريق ناشطين متشددين ألقوا الحجارة وقنابل المولوتوف على مكاتب حكومية السبت.
ويعتزم الطلاب تنظيم يوم إضراب الاثنين فيما دعا الناشطون الناس لارتداء ملابس سوداء الثلاثاء.
وتملك بكين سيادة على منطقة هونغ كونغ، التي تتمتع بدرجة كبيرة من حريات التعبير والدخول للانترنت واستقلالية القضاء، مضمونة نظرياً لعام 2047 بموجب مبدأ "بلد واحد، نظامان". لكن مواطني هونغ كونغ يتهمون بكين بتقويض حرياتهم في السنوات الأخيرة.
ويطالب المحتجون بتحقيق مستقل في تعامل الشرطة مع الاحتجاجات وعفو للمعتقلين والحق في انتخاب قادة مدينتهم، وهي المطالب التي رفضتها مرارا حاكمة المدينة كاري ليم وبكين.