شهدت الشوارع الفرنسية الثلاثاء حشودا من المتظاهرين المنددين بإدخال الحكومة إصلاحات على نظام التقاعد في البلاد. ولأول مرة منذ بدء المظاهرات تتفق جميع النقابات على التظاهر في اليوم الثالث عشر للإضراب. وعلى الرغم من التدفق الملحوظ على الشارع إلا أن رئيس الوزراء إدوار فيليب أكد الثلاثاء أمام النواب تصميم الحكومة على المضي قدما في إدخال الإصلاحات.
للمرة الأولى منذ بدء الإضراب والمظاهرات، لبت كل النقابات الفرنسية نداء التظاهر في اليوم الـ13 من الإضراب الهادف إلى دفع الحكومة لتقديم تنازلات بشأن إدخال إصلاحات على نظام التقاعد.
وأحصي أكثر من 250 ألف متظاهر عصر الثلاثاء في نحو خمسين مدينة في فرنسا، وفق أرقام الشرطة ووكالة الأنباء الفرنسية.
وفيما كانت المظاهرات تعم فرنسا، أكد رئيس الوزراء إدوار فيليب "التصميم الكامل" على المضي في الإصلاح.
وقال أمام النواب إن "تصميمي وتصميم الحكومة وتصميم الغالبية كامل. إنه كامل لقيام هذا النظام الشامل ولضرورة إرساء توازن في النظام المقبل وإعادة التوازن إلى النظام الراهن".
ومن المقرر أن يلتقي فيليب النقابات ومنظمات أصحاب العمل الأربعاء والخميس.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبر أن النظام الحالي "مطبقا منذ العهد البيزنطي ويتضمن مزايا خاصة"، في محاولة منه لإقناع مواطنيه أنه لم يعد ينسجم مع الظرف الحالي. وأضاف أنه يريد استخدام "الحوافز لتشجيع الناس على العمل حتى سن 64 عاما بدلا من متوسط سن التقاعد الراهن عند 62 عاما".
مظاهرات حاشدة
وشارك في التحرك عمال السكك الحديد ومعلمون وموظفون ومحامون وقضاة في محاولة جديدة لدفع حكومة الرئيس ايمانويل ماكرون إلى التنازل عن مشروعها بعدما استقال الاثنين مهندس هذا الإصلاح جان بول دولوفوا على خلفية شبهة بتضارب المصالح.
وهو يوم التظاهر الثالث منذ بداية الشهر. وفي الخامس من كانون الأول/ديسمبر، اليوم الأول من الإضراب، تظاهر أكثر من 800 ألف شخص في البلاد. لكن العدد تراجع إلى أقل من النصف في الحادي عشر منه.
وللمرة الأولى الثلاثاء، تظاهرت كل النقابات.
وينص المشروع المثير للجدل على تحويل 42 نظاما للتقاعد إلى نظام شامل يقوم على النقاط مع مقياس للعمر، هدفه التوفير لضمان التوازن المالي للنظام.
ويحدد مشروع تعديل النظام التقاعدي "السن التوازني" عند 64 عاما، مع إتاحة خيار التقاعد قبل عامين أو بعد السن المحدد.
وهذا الأمر يتيح لأي شخص التقاعد في سن الثانية والستين لكنه يقلص راتبه التقاعدي، بينما يستفيد الذين ينسحبون بعد هذا السن من زيادة.
وقال الأمين العام للاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمل لوران بيرجيه "على جميع من يطالبون بإصلاح عادل ومنصف أن يكونوا في الشارع ليظهروا أننا نرفض هذا السن التوازني الظالم بشدة والذي سيشمل في الدرجة الأولى من باشروا العمل باكرا".
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال فيليب مارتينيز الذي يتصدر الحركة الاحتجاجية "إنه نجاح كبير". ويطالب مارتينيز مع أربع نقابات أخرى بالتراجع الكامل عن المشروع الإصلاحي. وستجتمع هذه المنظمات مساء لاتخاذ قرار في شأن المراحل المقبل للتحرك.
قطع الكهرباء
وأشار الاتحاد العام لنقابات العمال إلى انقطاع للكهرباء في الجنوب الغربي والوسط الشرقي طاول عشرات الاف المواطنين، مهددا بـ"انقطاعات أكبر".
وأغلقت تماما نصف خطوط المترو في باريس وضواحيها. وارتفعت نسبة المضربين في صفوف عمال الشركة المشغلة للسكك الحديد مقابل زيادة محدودة في صفوف المعلمين، لكن النسبة بقيت في الحالين أدنى من نظيرتها في اليوم الأول من الحراك.
ولا يتوقع تحسن الوضع مع اقتراب أعياد نهاية العام. وتساءلت صحيفة "لو فيغارو" اليمينية الثلاثاء "هل سيبقى الفرنسيون على رصيف المحطة خلال عيد الميلاد؟".