شكت السلطات في داغستان من محاولات مستهدفة لزعزعة الاستقرار في الجمهورية الروسية ذات الأغلبية المسلمة، بعد تنظيم احتجاجات عنيفة مناهضة لليهود هناك، بينما وجه الكرملين أصابع الاتهام بقوة إلى الغرب.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف قوله، إنه على خلفية الصور التلفزيونية لحالة الرعب التي شهدها قطاع غزة، من السهل جدا استغلال الوضع، وإثارة ذلك لإزعاج الأفراد.
ومن جانبها، قالت لجنة التحقيق المركزية الروسية في موسكو، إنه قد تم استدعاء الأشخاص لتنظيم الاحتجاجات العنيفة، عبر قنوات تليجرام، ثم ارتكبوا مذابح. وبحسب السلطات، فقد دخل حشد من الغاضبين إلى المطار في العاصمة الداغستانية محج قلعة، أول أمس الأحد، وهاجموا بعنف الأشخاص الذين وصلوا على متن طائرة قادمة من إسرائيل. ووفقا للسلطات، فقد أصيب 20 شخصا في أعمال العنف، بينهم عدد من أفراد الشرطة. وذكر الركاب أنهم تعرضوا للرشق بالحجارة. وأطلقت الشرطة نيران تحذيرية. وأثارت الهجمات حالة من الذعر على المستوى الدولي. وبحسب وزارة الداخلية، فقد تم احتجاز نحو 60 شخصا بصورة مؤقتة.
وتحدث رئيس الجمهورية الواقعة في شمال القوقاز، سيرجي مليكوف، خلال زيارة قام بها للمطار، عن محاولة متعمدة لزعزعة استقرار داغستان. يذكر أن الجزء الدولي من المطار تم إغلاقه مؤقتا بسبب الدمار الذي لحق بالبنية التحتية. وقال مليكوف إنه لا يوجد مبرر للعنف، على الرغم من أن معاناة الضحايا تزعج الناس بسبب العنف في الأراضي الفلسطينية. وأضاف: جميع الداغستانيين يصلون من أجل السلام في فلسطين.
وشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الاثنين في اجتماع حضرته الحكومة وممثلون عن جهاز الأمن الروسي. وخلال الجلسة المتلفزة حول الوضع الأمني في روسيا قال بوتين إن العنف الموجه ضد اليهود في محج قلعة تم التحريض عليه على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة من أوكرانيا من قبل عملاء الاستخبارات الغربية. ولم يقدم بوتين أدلة على مزاعمه. ورفضت أوكرانيا الاتهام وقالت بدلا من ذلك إن معاداة السامية عميقة الجذور في روسيا.
وأعرب القادة الروس خلال الأشهر الأخيرة عن مشاعر معادية للسامية، بعضها موجه إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهو يهودي. وخلال خطابه، برر بوتين مرة أخرى غزو أوكرانيا، قائلا إن القوات الروسية تقاتل من أجل الحقيقة والعدالة.
وكان بيسكوف قد أشار في وقت سابق إلى أن بوتين جمع الزعماء الدينيين في روسيا الأسبوع الماضي على خلفية التوترات المحتملة بين أتباع مختلف الأديان. وفي إشارة إلى الوضع في الشرق الأوسط، دعا بوتين إلى التعايش السلمي. ولم يذكر المتحدث باسم الكرملين أنه بعد اندلاع حرب غزة، أثار العديد من المدونين العسكريين في موسكو، الذين كانوا يقرعون طبول حرب روسيا ضد أوكرانيا لمدة 20 شهرا، مشاعر معادية لإسرائيل.
وكانت القيادة الروسية قد أعلنت تضامنها مع الشعب في غزة، ودعت إسرائيل إلى التخلي عن الهجوم البري، وطالبت بشدة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفي الوقت نفسه، شددت روسيا على وجوب ضمان حق إسرائيل في الوجود.
وأشار بوتين إلى العديد من الروس في إسرائيل وقال إن هناك أيضا حياة يهودية نابضة بالحياة في موسكو. كما أن وزارة الخارجية الروسية، التي استقبلت مؤخرا ممثلين عن حركة حماس الإسلامية في موسكو، تقدم نفسها أيضا كوسيط في الصراع. وبحسب السلطات ،هناك أيضا أعمال موجهة ضد اليهود في أقاليم أخرى ذات أغلبية مسلمة في شمال القوقاز. وتم الآن تحويل الرحلات الجوية القادمة من تل أبيب إلى مطارات روسية أخرى في أقاليم آمنة.
واتهم ميليكوف جهات في أوكرانيا بتحريض المواطنين على الكراهية الدينية والعنف عبر قنوات تليجرام. وشهدت المنطقة في الماضي احتجاجات متكررة ضد التجنيد الإجباري للمواطنين من أجل الحرب الروسية على أوكرانيا. كما اتهم ميليكوف أعداء روسيا بالرغبة في إثارة التوترات في الجمهورية.
يذكر أن القيادة في داغستان أعلنت عن التضامن مع الفلسطينيين في ضوء الوضع في الشرق الأوسط. وفي الوقت ذاته، انتقدت السلطات المحلية وكذلك منظمات المسلمين والعديد من المنظمات الأخرى الاحتجاجات العنيفة. وأعلن رجال الدين الاسلامي بكل وضوح: معاداة السامية ليس لها أي مكان في منطقة شمال القوقاز متعددة الأعراق.