تردد صدى قصة لاعبي فريق نادي «تام تام» لكرة السلة في نابولي في أروقة البرلمان الإيطالي أخيراً. فقد ساعدت في التأثير في القانون الخاص بالأجانب، الذي أدخلت عليه تعديلات في مصلحتهم.
يقع ملعب كرة السلة «سانبرنيد» بين الشاطئ والمبنى السكني الضخم «رويال ريزيدانس فيلاجيو كوبولا» Royal Residence Villaggio Coppola، الذي يحمل اسماً ملكياً فقط. نحو 20 كيلومتراً شمال نابولي، على امتداد غابة الصنوبر البحرية، صمم حي باركو ساراسينو لرواد العطلات من الطبقة الوسطى، ولكن أيضاً للجنود الأميركيين من قاعدة حلف الأطلسي المجاورة.
في أواخر ستينات القرن الـ20، صبّت أطنان من الإسمنت على مساحة 30 ألف متر مربع لبناء هذه المناطق. كما شوّه 50 كلم من «فيا دوميتيانا»، واستيقظت السلطات المحلية متأخرة جداً لوقف هذه الكارثة البيئية والاجتماعية.
عندما غادر الجنود الأميركيون، استقر لاجئون نجوا من زلزال إربينيا في عام 1980 في المباني التي أصبحت قديمة ومتهالكة، على وشك الانهيار في أي لحظة. كانت هذه بداية تحوّل في المنطقة التي شهدت لاحقاً موجات من الهجرة الأفريقية لا سيما من غانا ونيجيريا، واكتظاظها بعمال لا يحملون تراخيص وانتشار شبكات بغاء وتهريب مخدرات (...).
وتضم المنطقة حوالى 20 ألف مهاجر، أي أكثر من السكان المحليين، منهم 15 ألف مهاجر غير شرعي و5 آلاف قاصر. المنطقة «منكوبة» عموماً لا تحظى إلا بمكتب إغاثة وطوارئ لإحدى المنظمات غير الحكومية التي تقدّم مساعدات طبية للفقراء.
لكن يداً «اجتماعية» مدّها المحسن ماسيمو أنطونيلي، لاعب كرة السلة الدولي السابق، مقدّمة إغاثة من نوع آخر. قبل عامين جال أنطونيلي على مدارس المنطقة طـــارحاً بادرة إطــلاق نــادٍ مـــجاني. وكانت المفاجأة أن معظم من لبوا النداء أبناء مهاجرين أرادوا التفلّت من مختلف القيود العنصرية والاجتماعية.
الوضع بدا سوريالياً وفق أنطونيلي، فالمنخرطون في التدريب والمتحمّسون للمشاركة لم تزاول غالبيتهم الرياضة من قبل نظراً إلى عدم توافر وسيلة لذلك. يذكر أنهم «كانوا يحضرون حفاة أو ينتعل بعضهم صنادل متهالكاً، ويعودون إلى منازلهم سيراً في ساعة متأخرة». ويضيف: «لاحقاً، استطعنا تأمين وسيلة نقل وجمعنا مساعدات وتكفلت شركة أدوات رياضية بالمعدات والتجهيزات الأخرى».
هكذا وفي صورة عفوية أبصر نادي «تام تام» النور، وتألّف حصرياً من لاعبين أفارقة من جنوب الصحراء الكبرى، تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة. صموئيل، فيكتور، ديفيد (...) ولدوا جميعاً في إيطاليا ويتكلمون لغة دانتي مع لكـــنة أفريقية ولهجة أهل نابولي. أحدهم، جيمس (14 سنة) من أبوين نيجيريين، لاعب موهوب وواعد (1,90م) يتابع التخصص الرياضي في نابولي، يعيش مع والدته وخمسة أشقاء، ويعمل والده في زيوريخ. يصر على أن الوطن الأصلي «هو الوطن الذي يوفّر لمواطنيه الآمان الاجتماعي. لذا، اختار إيطاليا وأحب بحرها وطعامها وناسها، أنا من هنا».
التجنيس (منح الجنسية) الخاص بالرياضيين في إيطاليا يستند كثيراً إلى «علاقة الدم»، وبالتالي تصبح الإفادة من مواهب مثل تلك التي يضمها «تام تام» صعبة، فيقتصر أمر مشاركة فرقها على الدورات الودية الإقليمية.
لكن النائب عن الحزب الديموقراطي ميشيل أنزالدي طرح مشروع قانون «إيوس سولي» (حق الأرض) بالتعاون مع رئيس اللجنة الأولمبية الإيطالية جيوفاني مالاغا، استناداً إلى تجربة «تام تام». وبعد مناقشات مضنية تحت قبة البرلمان، أقرت مادة تحت مسمّى «تعديل SalvaTamTam» (إنقاذ تام تام) تسمح للقصّر الأجانب على الأراضي الإيطالية منذ شهر ويتابعون الدراسة بأن تشملهم الإفادة من حقوق عدة يتمتع بها المواطنون، وقد انسحب الأمر على 800 ألف رياضي ناشئ.
والترجمة الميدانية كانت في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، استطاع فريقا «تام تام» لفئتي 13 و14 سنة خوض بطولات رسمية. كما انخرط فيها فريق دون الـ16 سنة هذا الموسم، ما عدّ خطوة إلى الأمام يعتدّ بها بعدما حركت مياهاً راكدة. وإن كان أنطونيلي يخـــشى من المستقبل، طالما أن الإنفاق على الفرق وتأمين متطلباتها لا يزال قائماً على الإعانات والمساعدات.