إلخان شاهين إوغلو، المحلل السياسي ورئيس مركز أطلس للدراسات السياسية حصرياً ليوميات أوراسيا
وفي 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، التقى رؤساء روسيا وإيران وتركيا في مدينة سوتشي الروسية لمناقشة القضية السورية.
لقد حقق الرئيس الروسي هدفه. لقد عزز الانتصار على الإرهابيين موقفه في سوريا. إذا لم تدعم روسيا حكومة بشار الأسد قبل عدة سنوات، وكان الآن تسود الفوضى الشاملة في سوريا وإلى جانب استلاء الإرهابيين على البلاد كلها وحال بوتين دون ذلك. وكان رئيس روسيا في الوصع المعقد جداً. وقبل ذلك، استولت روسيا على شبه جزيرة القرم، وفرضت الدول الغربية عقوبات على روسيا. ولكن على الرغم من كل هذا قرر بوتين المشاركة في العمليات العسكرية في سوريا. لأن روسيا لديها قاعدة عسكرية في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، كانت سوريا في العالم العربي دولة وحيدة موالية لروسيا. أنجزت روسيا المهمة الأولى. وجنباً إلى جنب تركيا وإيران ألحقت الهزيمة للإرهاب في سوريا. الآن لا تزال هناك مهمة صعبة. وسيتعين على روسيا استعادة سوريا وخلق سلطة جديدة في هذا البلد. وبطبيعة الحال، لن يتراجع بوتين عن دعم بشار الأسد. ولكن بوتين يدرك حقيقة أن سوريا بحاجة إلى بناء حكومة جديدة بمشاركة معارضة معتدلة.
يريد بوتين مشاركة جميع الأطراف في الحوار السوري، باستثناء الإرهابيين. قبل عدة سنوات كانت لموسكو علاقات جيدة مع قادة الأكراد السوريين. لكن موسكو لم تمنحهم الكثير من الأسلحة، لانها أقامت علاقات جيدة مع أنقرة. ولم يرغب بوتين فى إزعاج اردوغان مرة اخرى. من ناحية أخرى، قرر الأمريكيون مساعدة الأكراد السوريين المسلحين والأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. كما حال دعم الأمريكيين للأكراد السوريين دون حصولهم على دعم موسكو. ومهما كان الأمر يصر بوتين على دعوة الأكراد ايضاً للمشاركة في مؤتمر سوتشي. ولكن أردوغان يعارض هذا. ولكن تشير المعلومات الواردة إلى نية بوتين في دعوة الأكراد غير المتورطين في التعامل مع حزب العمال الكردستاني. في هذه الحالة قد يوافق أردوغان على مقترح بوتين.
وقدرت الحكومة والدوائر السياسية والخبراء في تركيا نتائج اجتماع الرؤساء الثلاثة في سوتشي بشكل إيجابي. لكن لدى أنقرة تحفظات بالنسبة لأولئك الذين سيدعوهم بوتين الى مؤتمر سوتشي الموسع حول القضية السورية. يعتبر الأكراد الخط الأحمر لأردوغان. لكن رئيس تركيا لا يريد أن يزعج بوتين كثيراً. إذا قدم الرئيس الروسي اقتراحاً مقبولاً للمشاركة الكردية في مؤتمر سوتشي، يمكن أن يوافق أردوغان عليه.
السؤال الرئيسي اليوم: هل أردوغان لا يزال يتطلب رحيل بشار الأسد من الساحة السياسية؟
لا، أردوغان لا يطالب بذلك. على العكس من ذلك، فإن الدوائر الحكومية في تركيا تبحث عن سبل الاتصال الممكنة مع محيط الأسد. قال وزير الخارجية التركي السابق بعد اندلاع الأعمال العدائية في سوريا إن بشار الأسد لن يدوم في السلطة أكثر من 6 أشهر. كان هذا خطأ. بعد اندلاع الأعمال العدائية، لا يزال الأسد رئيساً لبلده منذ ست سنوات. أدركت أنقرة أن الأسد لن يغادر ويجب عليها إقامة اتصالات معه. على سبيل المثال، قبل اجتماع رؤساء روسيا وتركيا وإيران، زار بشار الأسد سوتشي والتقى بوتين. وبهذا أفهم بوتين أردوغان أنه لن يتخلى عن دعم الأسد. حقيقة هامة أخرى: طائرة الأسد حلقت فوق المجال الجوي لتركيا. وهذا يعني أن أنقرة منحت الترخيص لتحليق طائرة الأسد فوق أراضي تركيا.
تم اجتياز المرحلة الأولى. ألحقت روسيا وإيران وتركيا هزيمة للإرهابيين في أراضي سوريا. الآن هناك مرحلة ثانية، أكثر تعقيدا. ويجب على هذه الدول الثلاث أن تعيد بناء سوريا ولا تسمح بإطلاق العنان للحرب الأهلية بين االحكومة والمعارضة المسلحة. وستكون هذه مهمة صعبة جداً. إذا لم يرغب الرئيس الأسد في تقاسم سلطاته مع المعارضة، فستبدأ الاشتباكات بين القوى المختلفة. وستدعم روسيا وإيران الأسد، وتركيا المعارضة المسلحة. ولمنع حدوث ذلك، يعتمد بوتين على العلاقات مع تركيا. الآن سيتعين على بوتين إقناع بشار الأسد بتقاسم السلطة مع المعارضة المعتدلة. وهناك مشكلة أخرى هي علاقات تركيا مع الحكومة في سوريا. لا يريد الجيش التركي مغادرة سوريا. إذا انسحب الجيش التركي من غرب سوريا فيتوحد الأكراد المسلحون. لذلك، لدى بوتين والأسد مخرجان من الوضع. المخرج الأول هو السماح للجيش التركي بالبقاء في سوريا لفترة طويلة. والخيار الثاني هو مطالبة أنقرة بسحب الجيش من أراضي سوريا. يريد الرئيس الأسد اختيار المخرج الثاني. لكن بوتين لايريد الدخول إلى الصراع مع تركيا. لذلك، سيتعين على بوتين إقناع الأسد بتواجد الجيش التركي في غرب سوريا.