تناقضات حركة الاحتجاج في إيران

تحليلات 18:10 04.01.2018

 ميخائيل ماجد، الكاتب الصحفي والخبير في شئون الشرق الأوسط،  حصرياً ليوميات أوراسيا 

حركة الاحتجاج الإيرانية الحالية متناقضة للغاية ومختلفة جداً في تكوينها وشعاراتها بمقارنة "الثورة الخضراء 2009-2010" غير الناجحة. في ذلك الوقت خرج الملايين من الناس إلى الشوارع في المدن الكبرى، احتجاجاً على تزوير الانتخابات. ونتيجة لذلك تولى المحافظ الديني أحمدي نجاد السلطة. يحتج الآن عشرات الآلاف من الناس في جميع أنحاء البلاد، اجتاحت الحركة العديد من المدن الصغيرة أيضا..

أما الشعارات فهناك خلافات فيها. فمن ناحية، يطالب المتظاهرون بتصفية الجمهورية الإسلامية (ولاية الفقيه). وبعبارة أخرى، يريد بعض المتظاهرون تفكيك النظام الذى يمكن فيه للمجتمع أن يختار رئيساً ذا صلاحيات محدودة جداً فقط (وحتى هذا غير مسموح بالناخبين دائماً، كما رأينا في انتخابات عام 2009). السلطة العليا هي في أيدي الزعيم الروحي غير المنتخب (رهبار) علي خامنئي ورجال الدين والحرس الثوري الإيراني. وبدلاً من قيام دولة إسلامية، يطالب المتظاهرون قيام الديمقراطية البرلمانية العادية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم يطالبون إلغاء نظام يجبر على ارتداء الملابس الدينية والسلوك من الناس وهيمنة رجال الدين والسلطات الدينية على سلطة الدولة.

ولكن بين المتظاهرين العديد من الناس من الطبقات الأكثر فقراً. ويشير بعض المراقبين إلى أن هذا الجزء من السكان محافظ نوعاً ما. وأنهم يهتمون بارتفاع الأسعار والبطالة (وتصل البطالة في إيران إلى 12%، في حين تصل البطالة في صفوف الشباب إلى 40%) أكثر من تغيير النظام السياسي أو إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب من قبل النساء. الآن هناك أدلة متزايدة على أن مبادرة الاحتجاجات جاءت في البلداية من الجناح المحافظ في النخبة الإيرانية. ويشار في هذه المناسبة إلى رايسي الذي كان منافساً للرئيس الليبرالي الحالي والمصلح روحاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وربما كان مؤيدو رايسي هم الذين بدأوا الاحتجاجات الأولى في مدينة مشهد المحافظة جداً. وأنها كانت موجهة ضد الرئيس الحالي، وكانت تحت الشعارات الاجتماعية، إلا أنه على الفور اجتازت الاحتجاجات نطاق السيطرة تقريبا واكتسبت نطاقاً أوسع وشاءت على أنحاء البلاد.

ومع ذلك، فإن عدم تجانس الحركة يشير إلى غموض هذه الثورة أو مستقبلها في إيران. ولعل مجموعات مختلفة من السكان ترى مستقبل إيران بطرق مختلفة تماماً. لذلك، لدي شكوك كبيرة حول فرص انتصار القوى الديمقراطية العلمانية الليبرالية البحتة.

لايحق أن نقول إن فقراء إيران يطالبون العلمانية والبرلمانية. وهانت الأولى عليهم، والثانية لا يوفر لهم أي شيء ببساطة. وفي إطار الديمقراطية التمثيلية، على عكس الديمقراطية المباشرة، فإن العديد من المجموعات النخبوية البيروقراطية (التي تدعمها القلة) أو الأحزاب التي تحل محل بعضها البعض. وأنها هي السلطة الحقيقية، وليست بسلطة للشعب، وهي التي يمكن أن تتخذ أي قرار في الفترة الفاصلة بين الانتخابات، وولا يملك الناخبون تقريبا أي إمكان لتبديلها. في الديمقراطية المباشرة، يتجمع الناخبون من وقت إلى آخرلمناقشة أعمال الممثلين المنتخبين، ولهم الحق في استدعائهم واستبدالهم في أي وقت، أو منحهم ولاية جديدة حول ما يجب أن يفعله. ولكن ليس هناك شيء من هذا القبيل. فهل يستحق النظام البرلماني الذي يختلف قليلاً عن الديكتاتورية  إراقة الدماء والنضال من أجله؟

وكان في حينه في إيران العديد من أتباع أفكار المفكر الشيعي الكبير علي شريعتي الذي وكان مؤيداً للديمقراطية المباشرة وللتجمعات الشعبية والاستفتاءات. وأيد فكرة الإدارة الذاتية للجمعيات العمالية في الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، دعا شريعتي التحول الداخلي التقليدي للشيعية. وعلم أنه من الضروري ضمان الحياة الأفضل للفقراء وإمكانية التعليم. وأن الجميع يجب أن يكون لهم الحق في تفسير النصوص المقدسة بشكل مستقل واتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن كيفية ترتيب حياتهم. وحلم بتحويل الشيعية إلى نظام أكثر حرية والقضاء على العمل المأجور والإدارة الذاتية في مكان العمل وخلق المجتمع الجديد من النسيج القديم، وبناء الاقتصاد التعاوني الجديد الذي يقوم على التعاونية الجماعية والتنظيم الذاتي، وليس على التنظيم البيروقراطي للمسؤولين - وكانت هذه هي المهمة. وفيما يتعلق بالأخلاق والثقافة الاجتماعية، يعني هذا التطور الروحي الجديد، والتجديد بدلاً من التدين المحافظ وبدلاً من الإلحاد. ولكن هذه المهمة الضخمة لم تحل بعد.

... على مدى العقود، يمكن ملاحظة نفس الصورة في إيران، وفي العديد من البلدان الأخرى في العالم. في البداية، التغييرات الليبرالية إلى حد ما تفرج عن مبادرة الحزب في السياسة وروح رب العمل في الاقتصاد. وهذا يمكن للمجتمع من التطور، يجعله أكثر نشاطاً، وديناميكياً. ولكن في الوقت نفسه، تخلق الإصلاحات الليبرالية تفاوتاً قاسياً بين الطبقات السفلى للناس و"النخبة" المتصاعدة في شخص الرجال الأغنياء الجدد وقادة الأحزاب السياسية، وما إلى ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، مثل هذه القيد تؤديعادة إلى واللاأدرية  والمادية ويرافقها الفراغ الداخلي والدمار الروحي والتراجع الاجتماعي والثقافي.

ثم يتم استبدال (في كثير من الأحيان تحت ضغط قوي من السكان الفقراء) عهود "الدولة الاجتماعية الكبرى". وفي مجال القانون والثقافة، يمكن أن تصبح هذه الإصلاحات وقتاً "للربط" ونزعة المحافظة والعودة إلى التقاليد (على الرغم من أن هذه الأمور لا تقترن بالضرورة بالسياسة الاجتماعية).

ويتزايد الدور التنظيمي للدولة. فهو يفرض على المجتمع ديناً تقليدياً وتحظيرات ​​ويحاول السيطرة على كل شيء. ويمكن أن يساعد الفقراء أو يخلق فرص العمل لهم في القطاع العام غير الفعال الذي تديره البيروقراطية البطيئة. ربما، في البداية، وهذا يخفف من معانات الطيقات السفلى من الشعب. ولكن بعد فترة من الوقت يبدأ الاقتصاد والنظام السياسي في الانزلاق. يصبح معظم المؤسسات المملوكة للدولة غير مربح. لأنها تعتمد على مبادئ سهولة الوصول إلى القروض الحكومية وطلبات الحكومة أي إلى أموال دافعي الضرائب. وتهيج قيود الدولة وتحظيراتها المفروضة من الفوق الجزء الكبير من السكان. فبعد كل شيء، يتفاقم الفقر و/ أو البطالة بتدمير الاقتصاد الوطني غير قابل للحياة. يسبب الفساد والنفاق لرجال الدين أو السياسيين الذين يستخدمون الدين في مصالحهم الخاصة الاستياء العام ضدهم أو ضد الدين على هذا النحو. وتهيئ الظروف لإصلاحات ليبرالية أو حتى لثورة ديمقراطية ليبرالية ...

لا تتوقف هذه التقلبات. وقد تراجعت إيران بالفعل من جانب إلى آخر عدة مرات. في وقت ما ترأس رجال الدين النضال ضد الشاه وضد إصلاحاته العلمانية والليبرالية. ثم انضمت  جماهير السكان من الطبقات السفلى والطبقات الوسطى والليبراليين وحتى بعض الأحزاب اليسارية إلى رجال الدين الذين ترأسهم خميني. الآن وعلى العكس من ذلك تحتج الطبقات السفلى والوسطى ضد رجال الدين وأحيانا تذكر الشاه بحرارة. ولكن فقط هذا هو تاريخ إيران الممثل هنا؟ وهل التاريخ محصوربهذين الاحتمالين فقط؟                                                                                             

حركة الاحتجاج الإيرانية الحالية متناقضة للغاية ومختلفة جداً في تكوينها وشعاراتها بمقارنة "الثورة الخضراء 2009-2010" غير الناجحة. في ذلك الوقت خرج الملايين من الناس إلى الشوارع في المدن الكبرى، احتجاجاً على تزوير الانتخابات. ونتيجة لذلك تولى المحافظ الديني أحمدي نجاد السلطة. يحتج الآن عشرات .الآلاف من الناس في جميع أنحاء البلاد، اجتاحت الحركة العديد من المدن الصغيرة أيضا

أما الشعارات فهناك خلافات فيها. فمن ناحية، يطالب المتظاهرون بتصفية الجمهورية الإسلامية (ولاية الفقيه). وبعبارة أخرى، يريد بعض المتظاهرون تفكيك النظام الذى يمكن فيه للمجتمع أن يختار رئيساً ذا صلاحيات محدودة جداً فقط (وحتى هذا غير مسموح بالناخبين دائماً، كما رأينا في انتخابات عام 2009). السلطة العليا هي في أيدي الزعيم الروحي غير المنتخب (رهبار) علي خامنئي ورجال الدين والحرس الثوري الإيراني. وبدلاً من قيام دولة إسلامية، يطالب المتظاهرون على الديمقراطية البرلمانية العادية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم يطالبون إلغاء نظام يجبر على ارتداء الملابس الدينية والسلوك من الناس وهيمنة رجال الدين والسلطات الدينية على سلطة الدولة.

ولكن بين المتظاهرين العديد من الناس من الطبقات الأكثر فقراً. ويشير بعض المراقبين إلى أن هذا الجزء من السكان محافظ نوعاً ما. وأنهم يهتمون بارتفاع الأسعار والبطالة (وتصل البطالة في إيران إلى 12%، في حين تصل البطالة في صفوف الشباب إلى 40%) أكثر من تغيير النظام السياسي أو إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب من قبل النساء. الآن هناك أدلة متزايدة على أن مبادرة الاحتجاجات جاءت في البداية من الجناح المحافظ في النخبة الإيرانية. ويشار في هذه المناسبة إلى رايسي الذي كان منافساً للرئيس الليبرالي الحالي والمصلح روحاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وربما كان مؤيدو رايسي هم الذين بدأوا الاحتجاج الأولى في مدينة مشهد المحافظة جداً. وأنها كانت موجهة ضد الرئيس الحالي، وكانت تحت الشعارات الاجتماعية، إلا أنه على الفور اجتازت الاحتجاجات نطاق السيطرة تقريبا واكتسبت نطاقاً أوسع وشاءت على أنحاء البلاد.

ومع ذلك، فإن عدم تجانس الحركة يشير إلى غموض هذه الثورة أو مستقبلها في إيران. ولعل مجموعات مختلفة من السكان ترى مستقبل إيران بطرق مختلفة تماماً. لذلك، لدي شكوك كبيرة حول فرص انتصار القوى الديمقراطية العلمانية الليبرالية البحتة.

لايحق أن نقول إن فقراء إيران يطالبون العلمانية والبرلمانية. وهانت الأولى عليهم، والثانية لا يوفر اهم أي شيء لهم ببساطة. وفي إطار الديمقراطية التمثيلية، على عكس الديمقراطية المباشرة، فإن العديد من المجموعات النخبوية البيروقراطية (التي تدعمها القلة) أو الأحزاب تحل محل بعضها البعض. وأنها هي السلطة الحقيقية، وليست بسلطة للشعب، وهي التي يمكن أن تتخذ أي قرار في الفترة الفاصلة بين الانتخابات، وولا يملك الناخبون تقريبا أي إمكان لتبديلها. في الديمقراطية المباشرة، يتجمع الناخبون من وقت إلى آخرلمناقشة أعمال الممثلين المنتخبين، ولهم الحق في استدعائهم واستبدالهم في أي وقت، أو منحهم ولاية جديدة حول ما يجب أن يفعله المنتخب. ولكن ليس هناك شيء من هذا القبيل. فهل يستحق النظام البرلماني الذي يختلف قليلاً عن الديكتاتورية  إراقة الدماء والنضال من أجله؟

وكان في حينه في إيران العديد من أتباع أفكار المفكر الشيعي الكبير علي شريعتي الذي وكان مؤيداً للديمقراطية المباشرة للتجمعات الشعبية والاستفتاءات. وأيد فكرة الإدارة الذاتية للجمعيات العمالية في الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، دعا شريعتي التحول الداخلي التقليدي للدين الإيراني، والشيعية. وعلم أنه من الضروري ضمان الحياة الأفضل للفقراء وإمكانية التعليم. وأن الجميع يجب أن يكون لهم الحق في تفسير النصوص المقدسة بشكل مستقل واتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن كيفية ترتيب حياتهم. وحلم بتحويل الشيعية إلى نظام أكثر حرية والقضاء على العمل المأجور والإدارة الذاتية في مكان العمل وخلق المجتمع الجديد من النسيج القديم، وبناء الاقتصاد التعاوني الجديدالذي  يقوم على التعاومية الجماعية والتنظيم الذاتي، وليس على التنظيم البيروقراطي للمسؤولين - وهذا ما كانت المهمة. وفيما يتعلق بالأخلاق والثقافة الاجتماعية، يعني هذا التطور الروحي الجديد، والتجديد بدلاً من التدين المحافظ وبدلاً من الإلحاد. ولكن هذه المهمة الضخمة لم تحل بعد.

... على مدى العقود، يمكن ملاحظة نفس الصورة في إيران، وفي العديد من البلدان الأخرى في العالم. في البداية، التغييرات الليبرالية إلى حد ما تفرج عن مبادرة الحزب في السياسة وروح المؤسس في الاقتصاد. وهذا يمكن للمجتمع من التطور، يجعله أكثر نشاطاً، وديناميكياً. ولكن في الوقت نفسه، تخلق الإصلاحات الليبرالية تفاوتاً قاسياً بين الطبقات السفلى للناس و"النخبة" المتصاعدة في شخص الرجال الأغنياء الجدد وقادة الأحزاب السياسية، وما إلى ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، مثل هذه لبعغود اولد عادة الإلحاد واللاأدرية  والمادية ويرافقها الفراغ الداخلي والدمار الروحي والتراجع الاجتماعي والثقافي.

ثم يتم استبدالهم (في كثير من الأحيان تحت ضغط قوي من السكان الفقراء) عهود "الدولة الاجتماعية الكبرى". وفي مجال القانون والثقافة، يمكن أن تصبح هذه الإصلاحات وقتاً "للربط" ونزعة المحافظة والعودة إلى التقاليد (على الرغم من أن هذه الأمور لا تقترن بالضرورة بالسياسة الاجتماعية).

ويتزايد الدور التنظيمي للدولة. فهو يفرض على المجتمع ديناً تقليدياً وتحظيرات ​​ويحاول السيطرة على كل شيء. ويمكن أن يساعد الفقراء أو يخلق فرص العمل لهم في القطاع العام غير الفعال الذي تديره البيروقراطية البطيئة. ربما، في البداية، وهذا يخفف من معانات الطيقات السفلى من الشعب. ولكن بعد فترة من الوقت يبدأ الاقتصاد والنظام السياسي في الانزلاق. يصبح معظم المؤسسات المملوكة للدولة غير مربح. لأنها تعتمد على مبادئ سهولة الوصول إلى القروض الحكومية وطلبات الحكومة أي إلى أموال دافعي الضرائب. تفرض تهيج قيود الدولة وتحظيراتها المفروضة من الفوق الجزء الكبير من السكان. فبعد كل شيء، يتفاقم الفقر و/ أو البطالة بتدمير الاقتصاد الوطني غير قابل للحياة. يسبب الفساد والنفاق لرجال الدين أو السياسيين الذين يستخدمون الدين في مصالحهم الخاصة الاستياء العام ضدهم أو ضد الدين على هذا النحو. وتهيئ الظروف لإصلاحات ليبرالية أو حتى لثورة ديمقراطية ليبرالية ...

لا تتوقف هذه التقلبات. وقد تراجعت إيران بالفعل من جانب إلى آخر عدة مرات. في وقت ما ترأس رجال الدين النضال ضد الشاه وضد إصلاحاته العلمانية والليبرالية. ثم انضمت  جماهير السكان من الطبقات السفلى والطبقات الوسطى والليبراليين وحتى بعض الأحزاب اليسارية إلى رجال الدين الذين يرأسهم خميني. الآن وعلى العكس من ذلك تحتج الطبقات السفلى والوسطى ضد رجال الدين وأحيانا تذكر الشاه بحرارة. ولكن فقط هذا هو تاريخ إيران الممثل هنا؟ وهل التاريخ محصوربهذين الاحتمالين فقط؟

                                                                                                    حركة الاحتجاج الإيرانية الحالية متناقضة للغاية ومختلفة جداً في تكوينها وشعاراتها بمقارنة "الثورة الخضراء 2009-2010" غير الناجحة. في ذلك الوقت خرج الملايين من الناس إلى الشوارع في المدن الكبرى، احتجاجاً على تزوير الانتخابات. ونتيجة لذلك تولى المحافظ الديني أحمدي نجاد السلطة. يحتج الآن عشرات الآلاف من الناس في جميع أنحاء البلاد، اجتاحت الحركة العديد من المدن الصغيرة أيضا.

أما الشعارات فهناك خلافات فيها. فمن ناحية، يطالب المتظاهرون بتصفية الجمهورية الإسلامية (ولاية الفقيه). وبعبارة أخرى، يريد بعض المتظاهرون تفكيك النظام الذى يمكن فيه للمجتمع أن يختار رئيساً ذا صلاحيات محدودة جداً فقط (وحتى هذا غير مسموح بالناخبين دائماً، كما رأينا في انتخابات عام 2009). السلطة العليا هي في أيدي الزعيم الروحي غير المنتخب (رهبار) علي خامنئي ورجال الدين والحرس الثوري الإيراني. وبدلاً من قيام دولة إسلامية، يطالب المتظاهرون على الديمقراطية البرلمانية العادية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم يطالبون إلغاء نظام يجبر على ارتداء الملابس الدينية والسلوك من الناس وهيمنة رجال الدين والسلطات الدينية على سلطة الدولة.

ولكن بين المتظاهرين العديد من الناس من الطبقات الأكثر فقراً. ويشير بعض المراقبين إلى أن هذا الجزء من السكان محافظ نوعاً ما. وأنهم يهتمون بارتفاع الأسعار والبطالة (وتصل البطالة في إيران إلى 12%، في حين تصل البطالة في صفوف الشباب إلى 40%) أكثر من تغيير النظام السياسي أو إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب من قبل النساء. الآن هناك أدلة متزايدة على أن مبادرة الاحتجاجات جاءت في البلداية من الجناح المحافظ في النخبة الإيرانية. زيشار في هذه المناسبة إلى رايسي الذي كان منافساً للرئيس الليبرالي الحالي والمصلح روحاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وربما كان مؤيدو رايسي هم الذين بدأوا الاحتجاج الأولى في مدينة مشهد المحافظة جداً. وأنها كانت موجهة ضد الرئيس الحالي، وكانت تحت الشعارات الاجتماعية، إلا أنه على الفور اجتازت الاحتجاجات نطاق السيطرة تقريبا واكتسبت نطاقاً أوسع وشاءت على أنحاء البلاد.

ومع ذلك، فإن عدم تجانس الحركة يشير إلى غموض هذه الثورة أو مستقبلها في إيران. ولعل مجموعات مختلفة من السكان ترى مستقبل إيران بطرق مختلفة تماماً. لذلك، لدي شكوك كبيرة حول فرص انتصار القوى الديمقراطية العلمانية الليبرالية البحتة.

لايحق أن نقول إن فقراء إيران يطالبون العلمانية والبرلمانية. وهانت الأولى عليهم، والثانية لا يوفر اهم أي شيء ببساطة. وفي إطار الديمقراطية التمثيلية، على عكس الديمقراطية المباشرة، فإن العديد من المجموعات النخبوية البيروقراطية (التي يدعمها القلة) أو الأحزاب تحل محل بعضها البعض. وأنها هي السلطة الحقيقية، وليس الشعب، وهي التي يمكن أن تتخذ أي قرار في الفترة الفاصلة بين الانتخابات، وولا يملك الناخبون تقريبا أي إمكان لتبديلها. في الديمقراطية المباشرة، يتجمع الناخبون من وقت إلى آخرلمناقشة أعمال الممثلين المنتخبين، ولهم الحق في استدعائهم واستبدالهم في أي وقت، أو منحهم ولاية جديدة حول ما يجب أن يفعله المنتخب. ولكن ليس هناك شيء من هذا القبيل. فهل يستحق النظام البرلماني الذي يختلف قليلاً عن الديكتاتورية  إراقة الدماء والنضال؟

وكان فس حسنه في إيران العديد من أتباع أفكار المفكر الشيعي الكبير علي شريعتي الذي وكان مؤيداً للديمقراطية المباشرة للتجمعات الشعبية والاستفتاءات. وأيد فكرة الإدارة الذاتية للجمعيات العمالية في الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، دعا شريعتي التحول الداخلي التقليدي للدين الإيراني، والشيعية. وعلم أنه من الضروري ضمان الحياة الأفضل للفقراء وإمكانية التعليم. وأن الجميع يجب أن يكون لهم الحق في تفسير النصوص المقدسة بشكل مستقل واتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن كيفية ترتيب حياتهم. وحلم بتحويل الشيعية إلى نظام أكثر حرية والقضاء على العمل المأجور والإدارة الذاتية في مكان العمل وخلق المجتمع الجديد من النسيج القديم، وبناء الاقتصاد التعاوني الجديدالذي  يقوم على التعاومية الجماعية والتنظيم الذاتي، وليس على التنظيم البيروقراطي للمسؤولين - وهذا ما كانت المهمة. وفيما يتعلق بالأخلاق والثقافة الاجتماعية، يعني هذا التطور الروحي الجديد، والتجديد بدلاً من التدين المحافظ وبدلاً من الإلحاد. ولكن هذه المهمة الضخمة لم تحل بعد.

... على مدى العقود، يمكن ملاحظة نفس الصورة في إيران، وفي العديد من البلدان الأخرى في العالم. في البداية، التغيرات الليبرالية إلى حد ما تفرج عن مبادرة الحزب في السياسة وروح ممارسة الأعمال في الاقتصاد. وهذا يمكن للمجتمع من التطور، يجعله أكثر نشاطاً، وديناميكياً. ولكن في الوقت نفسه، تخلق الإصلاحات الليبرالية تفاوتاً قاسياً بين الطبقات السفلى للناس و"النخبة" المتصاعدة في شخص الرجال الأغنياء الجدد وقادة الأحزاب السياسية، وما إلى ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، مثل هذه القيود تولد عادة الإلحاد واللاأدرية  والمادية ويرافقها الفراغ الداخلي والدمار الروحي والتراجع الاجتماعي والثقافي.

ثم يتم استبدالهم (في كثير من الأحيان تحت ضغط قوي من السكان الفقراء) عهود "الدولة الاجتماعية الكبرى". وفي مجال القانون والثقافة، يمكن أن تصبح هذه الإصلاحات وقتاً "للربط" ونزعة المحافظة والعودة إلى التقاليد (على الرغم من أن هذه الأمور لا تقترن بالضرورة بالسياسة الاجتماعية).

ويتزايد الدور التنظيمي للدولة. فهو يفرض على المجتمع ديناً تقليدياً وتحظيرات ​​ويحاول السيطرة على كل شيء. ويمكن أن يساعد الفقراء أو يخلق فرص العمل لهم في القطاع العام غير الفعال الذي تديره البيروقراطية البطيئة. ربما، في البداية، وهذا يخفف من معانات الطبقات السفلى من الشعب. ولكن بعد فترة من الوقت يبدأ الاقتصاد والنظام السياسي في الانزلاق. يصبح معظم المؤسسات المملوكة للدولة غير مربح. لأنها تعتمد على مبادئ سهولة الوصول إلى القروض الحكومية وطلبات الحكومة أي إلى أموال دافعي الضرائب. تفرض تهيج قيود الدولة وتحظيراتها المفروضة من الفوق الجزء الكبير من السكان. فبعد كل شيء، يتفاقم الفقر و/ أو البطالة بتدمير الاقتصاد الوطني غير قابل للحياة. يسبب الفساد والنفاق لرجال الدين أو السياسيين الذين يستخدمون الدين في مصالحهم الخاصة الاستياء العام ضدهم أو ضد الدين على هذا النحو. وتهيئ الظروف لإصلاحات ليبرالية أو حتى لثورة ديمقراطية ليبرالية ...

لا تتوقف هذه التقلبات. وقد تراجعت إيران بالفعل من جانب إلى آخر عدة مرات. في وقت ما ترأس رجال الدين النضال ضد الشاه وضد إصلاحاته العلمانية والليبرالية. ثم انضمت  جماهير السكان من الطبقات السفلى والطبقات الوسطى والليبراليين وحتى بعض الأحزاب اليسارية إلى رجال الدين الذين يرأسهم خميني. الآن وعلى العكس من ذلك تحتج الطبقات السفلى والوسطى ضد رجال الدين وأحيانا تذكر الشاه بحرارة. ولكن فقط هذا هو تاريخ إيران الممثل هنا؟ وهل التاريخ محصوربهذين الاحتمالين فقط؟

                                                                                                    

 

خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل

أحدث الأخبار

الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
أسعار النفط تتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية
10:30 08.05.2024
السفيرة أذربيجانية في بريطانيا : أذربيجان وأرمينيا تسيران نحو السلام الدائم
10:15 08.05.2024
ما هي تداعيات اجتياح رفح علي المنطقة؟
10:00 08.05.2024
تيك توك ترفع دعوى لوقف بيع التطبيق أو حظره في أمريكا
09:15 08.05.2024
أنباء عن تولي شركة أمريكية إدارة معبر رفح بعد الحرب
09:00 08.05.2024
الشرطة الهولندية تفض احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة أمستردام
17:00 07.05.2024
الرئيس البلغاري يصل اذربيجان في زيارة رسمية
16:30 07.05.2024
تراب رضاييف: دعوة أذربيجان يمكن أن تكون فرصة ذهبية لإحلال السلام في المنطقة
16:00 07.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس وزراء سلوفاكيا
13:45 07.05.2024
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
13:30 07.05.2024
الولايات المتحدة ... اعتقال 2500 خلال المظاهرات المؤيدة لفلسطين
13:15 07.05.2024
قطر: حديقة القرآن تحصل على الاعتماد الدولي في صون الموارد النباتية
13:00 07.05.2024
شي يحث ماكرون على مساعدة الصين في تجنب حرب باردة جديدة
12:45 07.05.2024
حماس توافق على مقترح مصري- قطري لوقف النار
12:30 07.05.2024
مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء
12:15 07.05.2024
شولتس يعلن الاتفاق على استخدام عائدات الأموال الروسية المجمدة لشراء أسلحة لأوكرانيا
12:00 07.05.2024
روسيا: سنتعامل مع مقاتلات إف- 16 في أوكرانيا على أنها تحمل أسلحة نووية
11:45 07.05.2024
حماس تحذر إخلاء رفح تطور خطير وسيكون له تداعيات
11:30 07.05.2024
حرب غزة تلقي بظلالها على العلاقات بين إيران وسوريا
11:15 07.05.2024
جهود مصرية لاحتواء التصعيد بين حماس وإسرائيل
11:00 07.05.2024
تركيا.. ضبط 3 آلاف و380 قطعة أثرية في إزمير
10:45 07.05.2024
أردوغان يرحب بإعلان حماس قبولها وقف إطلاق النار
10:30 07.05.2024
بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على تهديدات غربية
10:15 07.05.2024
إندونيسيا: ثوران بركان جبل سيميرو من جديد
10:00 07.05.2024
أمير الكويت يبدأ زيارة إلى تركيا
09:45 07.05.2024
الكوريون الشماليون يقسمون على الولاء للزعيم في عيد ميلاده
09:30 07.05.2024
الاتحاد الأوروبي والصين يسعيان لتخطي خلافاتهما الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية
09:15 07.05.2024
جميع الأخبار