عسكرة أمريكية في الغرب الإفريقي لمواجهة الزحف الصيني

مؤشرات ترجح أن تشكّل القارة الإفريقية رقعة أساسية للصراع تتوالى، خصوصًا بين واشنطن وبكين.

تحليلات 09:30 07.01.2018

في غمرة التحذيرات من عودة المشهد الدولي إلى حالة الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى، تتوالى مؤشرات ترجح أن تشكّل القارة الإفريقية رقعة أساسية للصراع، خصوصًا بين واشنطن وبكين. 

وفي نسخة تحاكي أحداث النصف الثاني من القرن العشرين في أوروبا، تتوقع تقارير بأن يؤول التنافس المحموم على النفوذ بين الجانبين إلى استقطاب في القارة السمراء، ينتهي بتمزيقها، بين معسكر شرقي يحسب على الصين، وغربي يحسب على الولايات المتحدة. 

وبالرغم من ضعف النفوذ الأمريكي في المنطقة، اقتصاديًا مقارنة بالصين، وسياسيًا وعسكريًا مقارنة بفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي، فإن واشنطن لا تخفِ اهتمامها بتدارك هذا الوضع، فالقارة تضم أكبر تجمع للدول النامية في العالم، ذات الأسواق المتعطشة للاستثمارات، والنمو السكاني الأسرع عالميًا، والثروات الهائلة، والحكومات المفتقرة لأدوات فرض الأمن والاستقرار وتحديث البنى التحتية وتوفير الخدمات الأساسية. 

ومما يزيد من أهمية القارة في هذه المرحلة، حاجة الصين الملحة لتنويع مصادر واردات الطاقة، وهي التي احتلت، عام 2016، صدارة قائمة مستوردي النفط عالميًا، لأول مرة في تاريخها، بعد تخلي الولايات المتحدة عن ذلك الموقع، إضافة إلى حاجة بكين لأسواق جديدة لمنتجاتها، تساهم من خلالها في تنويع شركائها التجاريين. 

كما تطل إفريقيا على عدد من النقاط ذات الأهمية الكبيرة اقتصاديًا واستراتيجيًا، ومنها رأس الرجاء الصالح أقصى جنوبها، وقناة السويس، ومضيقي باب المندب وجبل طارق، وهي التي تشكل، إلى جانب الساحل الشرقي، أهم المحطات على الحزام التجاري الصيني، الذي يعد، مع طريق الحرير البري، العمود الفقري لاستراتيجة بكين نحو فرض مكانتها على الساحة الدولية، التي كشف عنها الرئيس شي جينبينغ، عام 2013. 

لا أحد يعلم على وجه الدقة ما إذا كانت واشنطن قد بلورت بالفعل استراتيجية جديدة تجاه إفريقيا، أو ما هي تفاصيل حساباتها هناك في ضوء تلك المعطيات، إلّا أن عددًا من التقارير، تم تسريبها مؤخرًا، تلقي الضوء على تحركات غير مسبوقة، وخصوصًا في غربي وشمال غربي القارة، بخلاف تركيز واشنطن السابق على منطقة القرن الإفريقي، حيث توجد قاعدتها العسكرية، الوحيدة المعلنة، في جيبوتي، لقربها من منطقة الشرق الأوسط. 

وبالتزامن مع تفجر قضية مقتل 4 جنود أمريكيين بالنيجر، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشرت مجلة "ذي إنترسبت" وثائق مسربة من البنتاغون، حول تدريبات نظرية واسعة النطاق، تشمل القوات البرية والبحرية والجوية، تحاكي عملية عسكرية كبيرة في الغرب الإفريقي، عام 2023، للقضاء على "إرهابيين" نفذوا هجمات في الولايات المتحدة وعدد من دول المنطقة، هي الأكثر دموية منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. 

قد تبدو تلك مجرد تدريبات روتينية تستخدم سياقًا متخيلًا، كما قد يكون مقتل الجنود الأمريكيين في النيجر مجرد حادث عرضي، بالرغم من استمرار البنتاغون والبيت الأبيض في التكتم على طبيعة المهمة التي كانوا يؤدونها هناك وظروف مقتلهم، إلا أن العديد من المعطيات الأخرى تعزز نظرية وجود توجه جديد للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة. 

ففي غمرة تلك التسريبات والتقارير، كشفت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن ضغوط أمريكية تمارس على الجزائر لدفعها التدخل عسكريًا في ليبيا، والتعاون معها في عمل عسكري بالنيجر لمواجهة مجموعات مسلحة، وسط تمنُّع جزائري، لتجنّب الانزلاق في فخ الاستنزاف في حروب خارجية، وهي القوة العسكرية الأهم على مستوى شمال غرب القارة السمراء، والمحطة المهمة لنفوذ الشركات الصينية في المنطقة. 

ونهاية سبتمبر/أيلول 2016، نشرت "ذي إنترسبت" وثيقة سرية لقيادة القوات الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، تشير إلى عملها على إنشاء قاعدة للطائرات بدون طيار في النيجر، على أن يشمل نطاق عملها دول المنطقة، وذلك بتكلفة تناهز 100 مليون دولار. 

ونقلت المجلة في تقريرها عن الخبير الأمريكي في الوجود العسكري لواشنطن بإفريقيا، آدم مور، قوله إن ذلك ليس نشاطًا معزولًا، بل جزءًا من "توجه نحو تدخل أكبر، ووجود دائم في غرب إفريقيا، بما في ذلك أجزاء من المغرب (العربي) والساحل"، وذلك لتدارك الضعف في النفوذ الأمريكي بالمنطقة مقارنة بالنفوذ الفرنسي، ولاستباق التغلغل الصيني القادم من شرقي القارة. 

وفي إطار نظرة أشمل لاستراتيجية "احتواء الصين" الأمريكية، فإن التوجه نحو تثبيت الأقدام في الغرب الإفريقي قد يُقرأ في سياق سياسات واشنطن الجديدة في الشرق الأوسط، التي بدأها الرئيس السابق، باراك أوباما، وظهرت عمليًا في أزمات ما بعد تفجر "الربيع العربي". 

فقد انسحبت "القوة العظمى" من المنطقة عسكريًا، واكتفت بمتابعة مجريات الأحداث، كما استغنت، إلى حد كبير، عن نفط المنطقة، للمرة الأولى منذ عقود، وسط مخاوف من أن تضمن تلك السياسة الجديدة ترك المنطقة ضحية للصراعات لعرقلة استغلال الصين لنفطها وأسواقها ومعابرها البحرية ومواقعها الاستراتيجية، إن لم يكن تأجيج تلك الصراعات. 

وفي هذا السياق، فإن وجودًا عسكريًا كبيرًا ودائمًا في الغرب الإفريقي كفيل بتوفير برج مراقبة آمن وقريب من الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، ومركزٍ للتدخل السريع في حال تغيرت الحسابات، ونقطة انطلاق لمواجهة التمدد الصيني في القارة، وقاعدة تأسيسية لنفوذ أمريكي حقيقي فيها، يحل محل السطوة الأوروبية. 

من جانب آخر، فإن الخطوة الأمريكية "التاريخية"، برفع العقوبات عن السودان، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قد تفسَّر جزئيًا في إطار مساعي خلق جدار يحجز النفوذ الصيني في الجنوب الشرقي، وهو الذي أخذ بالتغلغل في مفاصل دول المنطقة بشكل لابد أنه "مقلق" لواشنطن والعواصم الغربية. 

وقد ظهرت على السطح مؤخرًا مؤشرات بتجاوز النفوذ الصيني دائرة الاستثمارات والتجارة إلى التأثير المباشر في السياسة الداخلية، وذلك بعد تأكيد عدة تقارير صحفية، من بينها ما نشرته "الغارديان" البريطانية، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بوجود تدخل صيني في إزاحة رئيس زيمبابوي السابق، روبرت موغابي، عن كرسي الحكم، الذي تشبث به لعقود. 

وأوضحت التقارير أن قائد جيش زيمبابوي، كونستانتينو تشيونغا، الذي قاد الانقلاب "الخاطف" على موغابي، كان في زيارة لبكين، قبيل الانقلاب، حيث تلقى ضوءًا أخضر للقيام بتلك الخطوة، الأمر الذي وصفته الصحيفة البريطانية بالسابقة في تاريخ النفوذ الصيني حول العالم، وما خفي لدى أجهزة الاستخبارات الغربية، وخصوصًا الأمريكية، هو بالتأكيد أعظم. 

 
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل

أحدث الأخبار

سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
أسعار النفط تتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية
10:30 08.05.2024
السفيرة أذربيجانية في بريطانيا : أذربيجان وأرمينيا تسيران نحو السلام الدائم
10:15 08.05.2024
ما هي تداعيات اجتياح رفح علي المنطقة؟
10:00 08.05.2024
تيك توك ترفع دعوى لوقف بيع التطبيق أو حظره في أمريكا
09:15 08.05.2024
أنباء عن تولي شركة أمريكية إدارة معبر رفح بعد الحرب
09:00 08.05.2024
الشرطة الهولندية تفض احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة أمستردام
17:00 07.05.2024
الرئيس البلغاري يصل اذربيجان في زيارة رسمية
16:30 07.05.2024
تراب رضاييف: دعوة أذربيجان يمكن أن تكون فرصة ذهبية لإحلال السلام في المنطقة
16:00 07.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس وزراء سلوفاكيا
13:45 07.05.2024
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
13:30 07.05.2024
الولايات المتحدة ... اعتقال 2500 خلال المظاهرات المؤيدة لفلسطين
13:15 07.05.2024
قطر: حديقة القرآن تحصل على الاعتماد الدولي في صون الموارد النباتية
13:00 07.05.2024
شي يحث ماكرون على مساعدة الصين في تجنب حرب باردة جديدة
12:45 07.05.2024
حماس توافق على مقترح مصري- قطري لوقف النار
12:30 07.05.2024
مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء
12:15 07.05.2024
شولتس يعلن الاتفاق على استخدام عائدات الأموال الروسية المجمدة لشراء أسلحة لأوكرانيا
12:00 07.05.2024
روسيا: سنتعامل مع مقاتلات إف- 16 في أوكرانيا على أنها تحمل أسلحة نووية
11:45 07.05.2024
حماس تحذر إخلاء رفح تطور خطير وسيكون له تداعيات
11:30 07.05.2024
حرب غزة تلقي بظلالها على العلاقات بين إيران وسوريا
11:15 07.05.2024
جهود مصرية لاحتواء التصعيد بين حماس وإسرائيل
11:00 07.05.2024
تركيا.. ضبط 3 آلاف و380 قطعة أثرية في إزمير
10:45 07.05.2024
أردوغان يرحب بإعلان حماس قبولها وقف إطلاق النار
10:30 07.05.2024
جميع الأخبار