قال الشاعر اليمني قيس عبد المغني إن الكثير من اليمنيين اكتشفوا زيف عناوين الحرب طيلة السنوات الماضية ودوافعها وأهدافها، وأنهم يرون أنفسهم خارج الصراع الذي تديره قوى دولية على الأرض اليمنية.
وقد أجرت "سبوتنيك" حوارا مع عبد المغني وجاء نص الحوار كالآتي:
بداية ما هي الصعوبات التي تواجهها في عملية الكتابة في ظل الحرب الحالية؟
الصعوبات كثيرة لكن يبقى الأبرز منها عدم القدرة على التركيز في موضوع الكتابة والانشغال بأمور المعيشة اليومية ومواجهة تداعيات الحرب والحصار.
تأثير الحرب على الإبداع كيف تنظر له وهل تعد الحرب إحدى الدوافع للكتابة؟
102- قيس عبد المغني,,, التجربة الإبداعية المخملية:
قيس عبدالمغني, يصفه الكثير من أصدقائه انه شفاف حد التجلي..عفوي كالبياض وبسيط كالرموز..متواضع..مرح وحزين للغاية لذلك يلجأ الى السخرية المبتورة, من مواليد 8 يناير 1980م, يسكب عطر نصوصه على مفترق طرق الايقاع الباذخ منتظرا نهاية موغلة في التوالد الدلالي والبوح المتعدد الانشطارات.
متزوج ولشجرة آماله الدافئة ثلاثة غصون, رغم انه يصنف كشاعر من شعراء الألفية إلا انه بدأ الكتابة مبكرا قبل الألفية بأعوام . عرفته ذمار قاصا مبدعا له أعمدة ثابتة في صحفها المحلية (المنقرضة)بدءا بـ " أشم " مرورا بـ"عهد" و"الجريدة" ثم "الشرق".
وكانت أول أمسية قصصية له في العام1999م, كان هذا العام انطلاقه وايذاناً بميلاد شاعر وقاص جديد, في تلك الأمسية لم تعرف ذمار آنذاك حضورا جماهيريا لكاتب, ولاحقا قبل أقل من عام حل ضيفا متميزا على مكتبة البردوني في صباحية شعرية وارفة العبق.
قيس, له تجربة مخملية كمونولوج مجهول وشاسع الانتشار, رجل لا يبحث عن الجوائز ولا يهمه غير البحث عن السلام واستدراج اللحظة الفاتنة بكل ما فيها من حقائق ومجاز,اجتماعي في حدود التزاماته المهنية.
بعد انتقاله إلى صنعاء مطلع الألفية وبحكم ظروف عمله المكثف في الإدارة العامة للإنشاءات والتركيبات الفنية التابعة لوزارة الاتصالات في تلك الفترة انقطع لسنوات عن الكتابة إلا انه عاد بنصوص نثرية فيسبوكية شاهقة وقيس (يسافر إلى الحنين) ويشكل حاليا إضافة بانورامية للنص الراهن والمشهد التفاعلي الجميل, وبالذات في كونه وعبر مواقع الاتصال الاجتماعي استطاع المساهمة برقي وأناقة في تكوين حلقة اتصال أثيرية رائعة محليا وعربيا تدور حولها مواكب الشعر والفن والدهشة والخيال.
أثرت الحرب بشكل كبير وحاسم على المشهد الأدبي في اليمن وبالتأكيد كانت دافعاً للكثير من المبدعين لأن يوجهوا كتاباتهم وأفكارهم نحوها كواقع لا يمكن تجاهله أو التهرب منه.
هل يسمع الناس الشعر في ظل سيطرة صوت البارود على المشهد؟
في كل الأحوال يظل جمهور الشعر والمهتمين بالمشهد الأدبي والثقافي يستمعون إلى الشعر ويتابعونه بشكل مستمر أما بالنسبة للناس الذين لا يسمعونه الآن خلال زمن الحرب، فلا أظن أصلاً أنهم كانواً يستمعون إليه خلال فترة السلم وما قبل الأزمة.
برأيك هل يعد تراجع الثقافة أحد أهم مسببات التمزق المجتمعي؟
تراجع الثقافة يعني بالضرورة تمدد الجهل وهذا الأخير يمثل البيئة الملائمة لنمو التطرف والاقتتال والصراعات المجتمعية بأشكالها.
أين ترى ذاتك أو تجدها في ظل هذا الصراع؟
أثرت الحرب بشكل كبير وحاسم على المشهد الأدبي في اليمن وبالتأكيد كانت دافعاً للكثير من المبدعين لأن يوجهوا كتاباتهم وأفكارهم نحوها كواقع لا يمكن تجاهله أو التهرب منه.
هل يسمع الناس الشعر في ظل سيطرة صوت البارود على المشهد؟
في كل الأحوال يظل جمهور الشعر والمهتمين بالمشهد الأدبي والثقافي يستمعون إلى الشعر ويتابعونه بشكل مستمر أما بالنسبة للناس الذين لا يسمعونه الآن خلال زمن الحرب، فلا أظن أصلاً أنهم كانواً يستمعون إليه خلال فترة السلم وما قبل الأزمة.
برأيك هل يعد تراجع الثقافة أحد أهم مسببات التمزق المجتمعي؟
تراجع الثقافة يعني بالضرورة تمدد الجهل وهذا الأخير يمثل البيئة الملائمة لنمو التطرف والاقتتال والصراعات المجتمعية بأشكالها.
أين ترى ذاتك أو تجدها في ظل هذا الصراع؟
بعد ثلاث سنوات من صراع تبين لنا زيف الكثير من عناوين هذه الحرب ودوافعها وأهدافها، لهذا ستجدني وكثير من اليمنيين نرى أنفسنا خارج هذا الصراع الذي تديره قوى دولية.
حدثنا عن طقوس الكتابة والقراءة لديك؟
لا طقوس لدي… الكتابة تحدث لي سواء أردت ذلك أم لم أرد، لحظة غريبة أجد نفسي أستيقظ من النوم أو أقاطع الأكل أو أتوقف عن المشي لكي أكتب، أو أسجل في هاتفي ما طرأ في رأسي لحظتها وما أظنه يستحق.
بالنسبة للقراءة فهي أسهل بكثير، يكفي أن يمتدح شخص أثق في ذائقته كتاباً ما فأسارع لتحميلة في صيغة "pdf" وألتهمه في أقرب مزاج مناسب.
كم أضاعت الحرب من فرص القراءة والثقافة في المجتمع اليمني؟
من أهداف القائمين على هذه الحرب هو إشغال الشباب عن القراءة والتعليم ودفعهم لحمل السلاح، هناك ما يبدو أنه هدف أساسي لرأسماليي هذه الحرب، ويتمثل في عسكرة و"ملشنة" المجتمع، لكن دعني أخبرك وأنا على ثقة من حديثي هذا، أنهم سيفشلون، الشاب اليمني قد يحمل السلاح لوقت ما، لكنه سرعان ما سيمل ويكتشف زيف هذه الحرب ليذهب بعدها للبحث عن فرصة عمل أو امرأة ليستقر.
كيف يتم استغلال أصحاب الأقلام في التجاذبات السياسية وكيف ترى دور المبدع في مثل تلك الفترات؟
قيس عبدالمغني محاطاً بالحب في ضيافة بيسمنت الثقافية
جميع الأطراف تطلب من المثقف أن يبدي موقفه بشأن الأحداث، شريطة ألا يكون مخالفاً لرأيها، لهذا ستجد المثقف على الدوام عرضة للتخوين والقدح والتكفير حتى، وعلى المبدع أن يكون حراً مهما كلفه الأمر هذا ما أؤمن به.
اليمن مر بفترات عصيبة ولكل فترة منتج ثقافي يعبر عنها هل ترى أن الفترة الراهنة يمكن التعبير عنها؟
بل إنه يتم التعبير عنها فعلاً، هناك الكثير من المبدعين في شتى مجالات الأدب والفنون يؤرخون ويوثقون تفاصيل هذه المرحلة السوداء في تاريخ اليمن
لدي مجموعة واحدة "أقول أنا وأعني لا شيء" عن مؤسسة فكرة للنشر وهي بالمناسبة لم تكن لتصدر لو أن الأمر كان منوطاً بي أنا رجل كسول للغاية وبلا طموح تقريباً.
كيف تقضي يومك وهل هناك أوقات بعينها للكتابة والقراءة؟
كشاعر أقضي يومي على "الفيسبوك" حتى انقضاء بطارية الهاتف، ونفاد رصيدي أو الشعور بالملل، حينها أعود كرجل عادي ورب أسرة مكافح لقضاء يومي في البحث عن طرق جديدة للبقاء حياً.
من أكثر الشعراء تراه متلاحماً مع الواقع اليمني؟
يمكنني أن أذكر بعض الأسماء الرائعة في حدود متابعتي لهم وهم من يوثق بكتاباتهم وقصائدهم ومتابعتهم مجريات ما يحدث للبلاد مثل عامر السعيدي وعبد المجيد التركي وصدام الزيدي وعبد السلام القيسي وزين العابدين الضبيبي ومها عبدالرحيم وإيمان السعيدي ويحيى الحمادي وإياد الحاج وأحمد العرامي، كثيرون لا يمكنني تذكرهم، ربما هناك من هم أفضل ممن ذكرت هنا لكن ظروف ما حالت دوت التعرف إليهم و الاطلاع على تجاربهم وملامسته.
أجرى الحوار: محمد حميدة