تبدي باكستان وروسيا رغبة نحو تعزيز العلاقات على ضوء تدهور العلاقات بين إسلام آباد وواشنطن تدريجياً. إذا صدقنا الشائعات حول إمكانية شراء باكستان أنظمة الصواريخ S-400من روسيا، فإن هذا التدهو سيزداد فقط.
هناك قول مشهور مفاده: "لا حلفاء ولا أعداء دائمون، هناك فقط المصالح الدائمة". هذه القناعة التي توصلت القيادة الباكستانية إليها بعد 71 عاماً من الاستقلال.
يمكن وصف تاريخ العلاقات الباكستانية الروسية بأنها متوترة. ودليل على ذلك هو زيارة المواطنين الباكستانيين للسفارة الروسية في إسلام أباد. بعد هذه الزيارات، كانت الجهات الأمنية الباكستانية، كالعادة، تلاحق هؤلاء الأشخاص لعدة أشهر، لمعرفة أسباب هذه الزيارات.
للأسف، أفسدت باكستان علاقاتها مع العديد من الدول، بما فيها روسيا، أقرب جارة لها، لكونها حليفة للولايات المتحدة.
توصف العلاقة بين باكستان والولايات المتحدة كغريبة جداً في طبيعتها. كانت باكستان حليفاً صديقاً رئيسياً للولايات المتحدة في المنطقة منذ عام 1947. بعد هجمات 11 سبتمبر أصبحت باكستان شريكاً وثيقاً لها في الحرب على الإرهاب. على الرغم من هذه الشراكة، فإن العلاقات بين إسلام آباد وواشنطن مبنية على الحب والكراهية. تقوم العلاقات المتبادلة على الولاء الشخصي للأفراد، وليس على التعاون المؤسسي. يعمل اللوبي القوي في باكستان في مصلحة الولايات المتحدة، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية.
حادث إسقاط الطائرة U-2 في عام 1960
في 1 مايو 1960، في ذروة حقبة الحرب الباردة، أسقط الاتحاد السوفييتي طائرة التجسس انطلقت من قاعدة أمريكية سرية في باكستان. كشفت هذه الحادثة عن الدور السري لباكستان في تقديم المساعدة إلى الولايات المتحدة في مكافحة الاتحاد السوفييتي.
أرسل السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت نيكيتا خروتشوف رسالة شديدة اللهجة إلى السلطات الباكستانية قائلاً: " أيها السادة، لا تلعبوا بنار".
دخلت العلاقات بين باكستان وروسيا مرحلة بالغة الخطورة بعد هذا الحادث التاريخي. بلغ مستوى انعدام الثقة في كلا الجانبين ذروته ، والتي استمرت على مدى العقود السبعة الماضية. كما كانت الهند بشراكتها الاستراتيجية مع روسيا، عقبة أمام إقامة العلاقات بين إسلام أباد وموسكو على الدوام.
ولكن بعد أن أصبحت باكستان عضواً في منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) بدعم قوي من الصين، بدأ الجليد بين روسيا وباكستان في الذوبان.
تعتبر حادثة إسقاط U-2 في عام 1960 لحظة مريرة في تاريخ العلاقات بين باكستان وروسيا وشهادة على استغلال باكستان من قبل الولايات المتحدة لانهيار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. بالنسبة لروسيا، كان تفكك الاتحاد السوفييتي بمثابة درساً، لذا فإنها تتعامل بحذر مع إقامة علاقات مع باكستان.
اهتمام باكستان لنظام الدفاع S-400
أكد السفير الروسي في باكستان فلاديمير بريزيوك أن وفداً روسياً مولفاً من رجال الأعمال المحترفين على المستوي الرفيع سيزور باكستان. سيوقع هذا الوفد عدة اتفاقيات في مختلف المجالات.
تشارك روسيا حالياً في العديد من المشاريع في باكستان، مثل شركة كراتشي للحديد والصلب ومحط Gudhu للطاقة الكهربائية. وقد تهتم أيضاً بالتعاون في مجال البنوك وتكرير النفط وتكنولوجيا الفضاء.
كما أن روسيا مهتمة للغاية وتنتظر دعوة رسمية للاستثمار في الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني (CPEC) ، وهو جزء من مبادرة "حزام واحد وطريق واحد".
كما تجري المفاوضات وراء الأبواب المغلقة بشأن شراء نظام400-S الصاروخي الروسي. كانت الهند تنوي شراء هذا النظام، لكن الصفقة لم تنجح، حيث تعزز الهند علاقاتها الدفاعية مع الولايات المتحدة.
تواصل الولايات المتحدة محاولة التأثيرعلى سياسة باكستان من خلال جماعات اللوبي الأمريكية في إسلام أباد التي أعاقت في الوقت السابق زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى البلاد.
على الرغم من أن مستقبل العلاقات بين روسيا وباكستان يثير التفاؤل، إلا أنه لا تزال هناك حاجة قوية للغاية لسد فجوة عدم الثقة القائمة. يجب على باكستان ضمان وحل جميع المشاكل المحتملة التي تزعج الجانب الروسي، وخاصة فيما يتعلق بالتأثير الأمريكي.
مالك أيوب سمبال، الكاتب والمحلل السياسي الباكستاني
CGTN
الترجمة من الروسية :د.ذاكر قاسموف