تحدث ديمتري كوسيريف، المشارك في منتدى "دور وسائل الإعلام في بناء الثقة في المنطقة" الاعلامي الدولي لجنوب القوقاز والمنعقد في تبليسي في الفترة 5-6 سبتمبر ليوميات أوراسيا حول الدور المتنامي للصين في خلفية فرض العقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة وحول رؤيته لدور القوى الكبرى في التعامل مع الدول الصغيرة بما في ذلك في القوقز الجنوبية.
أكد المستشرق أن الصين أول اقتصاد في العالم، وقد تعيد السياسة الناجحة لترامب الولايات المتحدة إلى المقام الأول إن كان مؤقتاً، ولكن في أي حال، فإن الصين والولايات المتحدة ستتبادان مقاميهما من وقت إلى آخر.
قال الخبير أيضاً: "وتتبلور هذه الفكرة التي كانت من المتوقع أن تسبب التنافس بين الدولتين في شكل حرب تجارية تشنها أمريكا على الصين. وتتضح أنها فكرة غبية تماماً، وأنها تدمر كلا المشاركين. وعلاوة على ذلك قد لا تعمل هذه الفكرة، ويمكن أن نعود إلى حالة من الاندماج الكامل في الاقتصاد العالمي، حيث لن تتمكن دولة ما أن تبعد دولة أخرى زحماً عن مقامها بطرق شرعية أو طرق أخرى وستحتل الصين المقام الأول في هذا الاقتصاد العالمي والهند في المقام الثاني وتليهما الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى.
وأشار دميتري كوسريف إلى أن المشروع الذي أطلقته جمهورية الصين الشعبية عام 2010 تحت عنوان "حزام واحد وطريقة واحدة" هو تعميم لامع لكل ما تعملها الصين في الخارج.
وقال الخبير: "إن سياسة الصين كلها والتي كانت في إطار أضيق في التسعينيات من القرن الماضي، أصبحت الآن مقتصرة على بناء مسارات للمشاريع الناجحة في المستقبل. والغريب في الأمر أن النموذح الأكثر إثارة للاهتمام هنا هي أفريقيا التي لم تتمكن الغرب التعامل معها، معتبراً أنها مشروع فاشل تماماً، بينما لدى الصين رؤية مختلفة تماماً. لديها الكثير من مشاريع الإنتاج هناك، حيث تنجز مشاريع الخدمات اللوجستية مثل الطرق، وتمكن لأفريقيا أن تصبح ورشة تالية للعمل في العالم بعد الصين. إذا نجحت في هذا، فستكون للصين سلطة أخلاقية كافية لتوجيه العالم نحو الصين. لن نتخيل ماذا يعني هذا، وإن، لأن الصين لا تحاول التأثير على أى من شركائها ، مثلما لا نطلب من الصين حل مشاكلنا ".
حاول دميتري كوسريف شرح على سبيل نموذج الصين ضرورة العمل مع الدول الصغيرة ، بما في ذلك دراسة مشاكل القوقاز.
ختم الخبير حديثه بقول أنه "بالنسبة لمشاكل منطقة ما وراء القوقاز، أعتقد أن الناس الذين يعيشون هنا يجب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم. وإذا كنت بحاجة إلى أي مساعدة، فيمكنك تقديم خياراتك وإلقاء نظرة فاحصة على من تتعامل معه. أتذكر الوضع في الثمانينات، عندما كان صدام حسين أفضل صديق للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. عارضت الولايات المتحدة إيران التي وقعت بها الثورة للتو وسلمت أسلحة إلى صدام للحرب مع إيران. في نهاية عهد ريغان، انكشفت الفضيحة أن الولايات المتحدة باعت أسلحة لإيران أيضاً، وتم التفاوض عليها معها. كل ذلك في حيرة تامة، وبعدها التقي صدام السفير الأمريكي وأبلغه بنيته وقف القتال مع إيران، وينوي حل مشكلة النفط بمساهمة الكويت. وسأله: "أنت لا تمانع؟". كان الجواب هو أن الولايات المتحدة ليست مهتمة بعلاقات العراق مع الكويت. هاجم صدام الكويت وبعد هذا شنت الولايات المتحدة الحرب على العراق. وخلص الخبير في أن مثل هذه التسوية في المنطقة تجربة محزنة، وأي دولة، سواء كانت الصين أو روسيا أو تركيا أو إيران وإلخ، يجب أن تنظر ببساطة في كيفية التعامل مع الدول الصغيرة التي تحتاج إلى المساعدة والدعم.
يشارك المستشرق والكاتب ديمتري كوسيريف في البرامج السياسية المعروفة في عدد من القنوات التلفزيونية مثل "الأولى" و"سارغراد" و" ОТР" وهو المعلق السياسي لقناة "روسيا اليوم".
من الجدير بالذكر أن منتدى "دور وسائل الإعلام في بناء الثقة في المنطقة الاعلامي الدولي لجنوب القوقاز" ستستمر في تبليسي حتى يوم الجمعة ضمنا. فإن الموضوع الرئيسي للنقاش سيكون ملامح الثقافة السياسية الإقليمية والتقاليد والاتجاهات الحالية في أنشطة وسائل الإعلام من دول جنوب القوقاز والأسس السياسية والقانونية لوضعها، فضلا عن إمكانات المجتمع الإعلامي في التغلب على الصراعات وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وفي إطار هذا الحدث، ستعقد النقاشات والمحاضرات التي يقدمها الصحفيون والعلماء السياسيون المعروفون للصحفيين والمراقبين الشبان.
حضر المنتدى، بالإضافة إلى ممثلين عن جورجيا، كبار الخبراء في مجال صناعة الإعلام والصحفيون والمسؤولون والمدونون في روسيا وأذربيجان وأرمينيا. أقيم هذا المنتدى من قبل مركز "الشمال والجنوب" الروسي للدراسات السياسية ونادي "Sodruzhestvo" للصحافة وصحيفة "جورجيا والعالم".
أجرت المقابلة اناستازيا لافرينا، مراسلة Eurasia Diary ومساعدة رئيس مؤسسة أورأسيا الدولية للصحافة
الترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف