في الآونة الأخيرة، هيمنت المواضيع الدينية على وسائل الإعلام فيما يتعلق بالوضع في أوروبا. في العديد من البلدان، وقعت الاحتجاجات المناهضة للمسلمين. اتصلت Eurasia Diary بالبروفيسورة ناجيه سلين سينوجاك (Naciye Selin Senocak) ، رئيسة قسم الدبلوماسية الثقافية في جامعة الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية في اليونسكو بباريس لتوضيح هذه المسألة.
ناجيه سلين سينوجاك
والإسلاموفوبيا في أوروبا وأسبابها ؟
ليست الإسلاموفوبيا في أوروبا بمشكلة جديدة. على الرغم من أن الخبراء كثيرا ما يدعون أن المشكلة بدأت بعد أحداث 11 سبتمبر، ولكن خوف من الإسلام كمن في العقل الباطن للأوروبيين منذ عدة قرون. يعود السبب الرئيسي لهذا الخوف إلى الدعاية السوداء للكنيسة. في حين كانت الكنيسة الكاثوليكية تخوض الحروب الصليبية في العصور الوسطى، وتمارس العنف الطائفية وتجري محاكم التفتيش وتسوية الحسابات مع العلماء وبهذا تحول أوربا إلى حمام الدم وتجعل منها امبراطورية الخوف كانت الخلافة الإسلامية في قرطبة والامبراطورية العثمانية تعتمدان نهج التسامح والسلام تجاه الأوروبيين ليتمكوا من التعلم في كل مجالات العلوم والفنون وجعلتا أوروبا تعيش عصر التنوير وأدى هذا بدوره إلى انخفاض فعاليات الكنيسة في أوروبا. بدأت الكنيسة الكاثوليكية لتخويف الناس بخصوص الإسلام، وادعت أن الشر قادم من الشرق وحتى أغلقت أبواب ونوافذ البيوت لو كانت أنها تواجه الشرق. وخوفت الناس بالأتراك الذين وصلت جيوشهم إلى بوابة فيينا في القرن السادس عش بأنهم " آكلو لحم البشر". أثار مؤسس الكنيسة البروتستانتية الزعيم مارتن لوثر الخوف من الإسلام والأتراك، قائلاً إن قتل الأتراك هو بمثابة واجب إلهي. اليوم، ومع ذلك، في السنوات الأخيرة هناك حالات كثيرة لاعتناق الإسلام من قبل جيل الشباب المسيحيين في أوروبا والذين لا يجدون الروحانية في العالم الكاثوليكي، ولا سيما قبل أحداث 11 سبتمبر. اعتبرت المؤسسة البحثية التي مقرها الولايات المتحدة هذا الحادث بشكل خاص في عام 1990 خطراً كبيراً ووصفته بمثابة "صدام الحضارات" وخلقت صورة الإسلام بأنه دين الإرهاب. في العالم مليار وسبعمائة مليون مسلم، ومع تزايد عدد المسلمين ينخفض عدد المسيحيين ويسبب هذا إضعاف فعاليتهم.
أسباب زيادة عدد المسلمين الأوروبيين في أوروبا؟
السبب الرئيسي هو البحث عن الروحانية في مجتمع مادي نتيجة للنظام الرأسمالي. تم الكشف عن الفضائح العديدة في الفاتيكان مثل الاعتداء الجنسي على الأطفال في العام الماضي وجرائم القتل المجهولة وعثرت على مئات من جثث الأطفال في دار"توام" للأيتام وكما عثرت على جثث 800 طفل في حفرة للصرف الصحي في دار للأيتام كاثوليكي الآخر التابع للفاتيكان في أوروبا. وأدى التستر على كل هذه الأحداث إلى انهيار الإيمان للكاثوليكية في العالم. في جميع أنحاء العالم، وخاصة في أوروبا، تبتعد الأجيال الشابة من الكنيسة وتحول تتجه نحو ديانات بديلة. وهناك الحاجة الطبيعة الإنسانية للعقيدة والإيمان وطالما هناك الموت ستكون هناك الحاجة للإيمان إلى الأبد، والذين يعتبرون أنفسهم من الملحدين يخطئون وعندما يصلون إلى حالة يائسة عند المرض ويحسون الحاجة الى الإيمان. الإسلام هو دين للسلام، رغم أنه معرض للدعاية السوداء. على وجه الخصوص، كان الدين الذي وجدوا فيه الروحانية التي كانوا يبحثون عنها من خلال دراسة القرآن. على سبيل المثال، فإن مفهوم الجهاد لقتل غير المسلمين في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يخلق تصور الحرب والانتقام من الحضارة الغربية، وأصبح الخوف من الإسلام شعار جديد. لكن كلمة الجهاد ليست بأيديولوجية الموت أو القتل التعسفي باسم الدين. الجهاد هو جهد مستمر للعيش والعيش مع الأخلاق والعدالة والحكمة. سبب آخر هو الزيادة في عدد المهاجرين المسلمين الذين يعيشون في أوروبا.
ما هو تأثير تزايد موجات التعصب القومي والفاشية الجديدة في أوروبا في الآونة الأخيرة على المسلمين والإسلام عموماً؟
في الوقت الحاضر، لا تمس موجات التعصب القومي والفاشية الجديدة في أوروبا بالمسلمين فقط، وحسب بل بمستقبل الاتحاد الأوروبي. إن الاتحاد الأوروبي في طريقه إلى التفكك وهذا يدل على أن أوروبا تمر مرحلة خطيرة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، يتعرض المسلمون ومجتمع المهاجرين المسلمين في أوروبا لضغوط كبيرة. لقد سببت الكراهية للمسلمون وخاصة للأتراك وقوع مآسي كبيرة في السنوات الأخيرة، لا سيما تعرضت منازل العائلات التركية وأماكن عملهم في ألمانيا للاعتداءات وتوفى العدد منهم نتيجة هذه الهوادث. وبالإضافة إلى ذلك، بطبيعة الحال، يؤدي استبعاد المسلمين من فرص العمل وعدم دفع الأجور لهم وحرمانهم من التكامل للمجتمعات الأوروبية إلى انضمام الشباب المسلمين إلى منظمات إرهابية مثل داعش بقول " لم تقبلونا ولم تقدموا مآوىً وتعيدونا بحقارة وكراهية". يجبر مثل هذه الكراهية والعودة معها هؤلاء الشباب على اعتماد نقطة انطلاقهم في منظمات مثل داعش ويبينون هذه الضغائن والكراهية والانتقام في الهجمات الارهابية "ويحاولون إثبات وجودهم، وهذا الوضع غير مقبول ويلحق أضراراً كبيرة للمسلمين.
ما هي خصائص سياسة إضفاء الطابع المؤسسي على الإسلام التي تطبقها النمسا وفرنسا؟
وقعت أوروبا حالياً في أزمة اجتماعية كبيرة وصراعات، ومن ناحية يدعون تمسكهم بمبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية، في نفس الوقت يحاولون امتصاص المسلمين بوصف الأقلية المسلمة في أوروبا ك"أعداء داخليين" يقيدونهم في ممارسة المعتقدات الدينية، بدلا من دمج واحترام تقاليدهم واعتقاداتهم. وهذا يتعارض بشكل خاص مع نظام القيم الذي يحاول العالم الغربي فرضه على العالم الإسلامية. في فرنسا، قدمت الاقتراحات للتدخل في القرآن الكريم من قبل الصهاينة الذين يعيشون هناك. والهدف من هذا المقترح واضح وهو جر أوروبا إلى الفوضى والحرب الأهلية. وينبغي أن تكون الدول الأوروبية أكثر حذراً في هذا الصدد. إذا ينص التقرير الذي أصدره الاتحاد الأوروبي على أن أكبر تهديد للجرائم الإرهابية التي ترتكب باسم الإسلام ينجم عن تفسير زائف للقرآن الكريم واستخدام الأحكام والمبادئ الإسلامية من قبل الجماعات المتطرفة لمصالحها السياسية والأيديولوجية. والإسلام العلماني الذي يقصدونه هو الإسلام الذي في تركيا والذي يختلف عن الإسلام الذي تعتمد عليه تشريعات البلد مثلما في المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ما هو الإسلام العلماني الذي يقصده القادة الأوروبيون وما الفرق بينه وبين الإسلام الذي نعرفه؟
وبهذا المعنى، فإن إضفاء الطابع المؤسسي على الإسلام أمر مهم، وكانت أوروبا تبحث عن حل من أجل منع الإرهاب. الإسلام لديه مشكلة في التمثيل. في حالة غياب المؤسسات الدينية التي تمثل المسلمين في أوروبا، فتتخذ الدول الغربية قرارات حول مستقبل المسلمين.
كيف يؤثر الارتفاع في عدد المسلمين والتأثير الإسلامي في أوروبا على مستقبل أوروبا؟
يشير الارتفاع في عدد المسلمين في أوروبا إلى أن الدول الأوروبية، مثل إنجلترا وفرنسا، يجب أن تعيدا النظر في سياساتهما الداخلية. يجب أن يقوم الاتحاد الأوروبي بضمان غيش السكان المسلمين واندماجهم لأن الإسلام هو ثاني أكبر دين في أوروبا. وفقاً للأبحاث، من المفترض أن يكون أكبر دين في العالم في عام 2070 مع زيادة السكان المسلمين.
أعد الحوار الصحفي نجات إسماعيلوف
الترجمة من التركية: د. ذاكر قاسموف