قانون الانتخابات وتكريس أزمة الدولة مرة أخرى في العراق

تحليلات 21:00 13.12.2019

تحول قانون الانتخابات إلى نموذج آخر لأزمة الدولة في العراق، فبعد محاولة السلطة تقزيم حركة الاحتجاج التي قتل فيها 500 محتج و أصيب ما يقرب من 20 ألف آخرين، لتنتهي عن استقالة الوزارة دون تغيير الطبقة السياسية التي أنتجتها بالأساس! وعند تقديم قانون للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات يعمد إلى مجرد تغيير مجلس أمناء المفوضية بقضاة منتدبين، بما يعني عمليا خضوع هؤلاء القضاة إلى إرادة رئيس مجلس القضاء الأعلى شخصيا (عبر الاختيار وعبر الهيمنة الإدارية على القضاة المنتدبين) من جهة، وبالتالي إلى إرادة الأطراف السياسية المتحالفة معه (رئيس مجلس النواب الحالي نموذجا)، وبما لا يضمن عدم تحويلها مرة أخرة إلى ممثلية للفاعلين السياسيين/ للأحزاب! وأخيرا يراد غلق الدائرة/ الفخ بتشريع قانون انتخابات مجلس النواب، بطريقة السلق نفسها التي مر بها قانون المفوضية.

على مدى أربعة انتخابات برلمانية بعد 2003، كان كل قانون انتخابات يختلف عن سابقه، وتديره مفوضية انتخابات مختلفة، وفي كل مرة كان التزوير، والتلاعب بالأصوات، حاضرا بقوة. وقد تكرس مع ذلك ان فكرة القانون بالنسبة لكارتل الدولة/ السلطة في العراق لا تمثل قاعدة عامة مجردة، كما هو تعريف القانون، بل هو لديهم اتفاق سياسي يعكس علاقات القوة في مجلس النواب لحظة إقراره، ويعكس طبيعة التفاهمات الضمنية بين الفاعلين السياسيين، والأهم من ذلك كله أن غايته الأساسية ليس ضمان العدالة او النزاهة أو الشفافية، بل ضمان مصالح هؤلاء الفاعلين في المقام الأول.
وإذا كان البعض ما زال يجادل بأن عدم النضج السياسي والقانوني الذي حكم لحظة كتابة الدستور عام 2005 قد تم تجاوزها اليوم، فان الطريقة التي تصاغ بها القوانين، والصفقات التي تعقد لتمريرها، تؤكد دائما أننا ما زلنا نراوح في لحظة عدم النضج نفسها!
إن اختيار النظام الانتخابي، لا يمكن أن يكون مجرد «خيارات»، أو «رغبات»، إنما هو الترجمة الحقيقية للنظام السياسي نفسه، ولطبيعة الفلسفة التي تحكم ذلك النظام. تماما كما أن مسألة توزيع المقاعد ليست مجرد عملية رياضية، بل هلي انعكاس فعلي لخيارات جمهور الناخبين من جهة، ولضمان تمثيل أكثر عدالة من جهة أخرى. ولكن «التجريب» الذي حكم الانتخابات الأربعة الماضية، والتجريب الذي يراد أن نشهده في قانون الانتخابات القادم، يفضي إلى خلاصة جوهرية؛ وهي أن كل ما تقدم غير مفكر فيه أصلا!

عندما يترك للتصويت وحده، حسم المسألة، مع معرفة الجميع بطبيعة المشكلة الحقيقية التي ينطوي عليها أعضاء مجلس النواب على مستوى الوعي والمعرفة، لمجرد الإيهام بأن ثمة «إصلاحات»، وبأن ثمة «استجابة» للمحتجين، عبر هذا السلق للقوانين الذي سنصطدم جميعًا بتبعاته الكارثية عاجلا وليس آجلا!

إن قراءة مشروع القانون الذي يناقش حاليا في مجلس النواب، يكشف وجود خمسة «خيارات»،. لطبيعة النظام الانتخابي ويفترض واضعوه أن يتم الاختيار واحدا من بينها؛ وقد جاء أحدها في مشروع القانون المقدم من مجلس الوزراء، و قدمت القوى السياسية النماذج الأربعة الاخرى. تتدرج بين عد العراق بأكمله دائرة انتخابية واحدة، أو الإبقاء على المحافظة كدائرة انتخابية، وبين اعتماد القضاء كدائرة انتخابية. كما تتراوح بين الإبقاء على نظام التمثيل النسبي، أو اعتماد النظام المختلط (كما في اقتراح مجلس الوزراء)، أو اللجوء إلى نظام الفائز الأول (الفردي). وهو ما يعكس عدم الوعي الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة.
ففي حالة اعتماد نظام الفائز الأول، على مستوى الأقضية مثلا، كيف يمكن ضمان ان لا يتم توزيع الدوائر الانتخابية بطريقة تضمن مصالح الفاعلين السياسيين القومية، والمذهبية، والجهوية، والحزبية؟ خاصة وأن الانتخابات الماضية أثبتت أن الصراع الهوياتي كان عاملا جوهريا في صياغة قوانين الانتخابات المختلفة، ففي قانون الانتخابات الذي سبق انتخابات عام 2010، كان ثمة اعتراض سني على عدد المقاعد التعويضية التي تم رصدها لتصويت الخارج، التي عدوها أقل من المطلوب، لأنهم كانوا يعتقدون أن العدد الأكبر من اللاجئين/ المهاجرين بعد أحداث سامراء كانوا من السنة، وبالفعل قام نائب رئيس الجمهورية (السني) حينها بنقض القانون، مما أدى إلى تغيير القانون، عبر إلغاء المقاعد التعويضية، وأن يكون تصويت ناخبي الخارج وفقا لمحافظاتهم! كما أن الخلاف على كركوك مع إقامة أي انتخابات محلية على مدى السنوات الماضية!
وبالتالي لو تم اللجوء إلى هذا النظام، فهذا سيعني صراعا على رسم الدوائر الانتخابية بطريقة «متعمدة» تضمن النتائج مقدما، وهو ما جعل أحد الباحثين يصف هذا النظام بانه يتيح للسياسيين اختيار ناخبيهم بدلا من اختيار الناخبين للسياسيين! خاصة وأن هذا الصراع لن يقتصر على المناطق «المختلطة» قوميا ومذهبيا فقط، بل يتجاوز ذلك لأن يكون صراعا يشمل الجميع، بما فيها المناطق الصافية هوياتيا، لأنه سيتحول إلى صراع جهوي، حزبي، عشائري على تقسيم هذه الدوائر أيضا!
وهذا النوع من التقسيم السياسي للدوائر الانتخابية والذي يعرف بمصطلح Greeymanderin نسبة إلى واضعه، البرج غيري، الذي كان حاكما لولاية ماساتشوستس الأمريكية بداية القرن التاسع عشر، والذي قام بتقسيم الدوائر الانتخابية في منطقة بوسطن بطريقة تمنع الأقلية السوداء من الفوز بأي مقعد أولا، كما تضمن فوز الحزب الذي ينتمي اليه بغالبية المقاعد!
عندما يتم وضع «خيارات» بين نظم انتخابية مختلفة، بناء على «رغبات»، و«ارتجالات»، و«افتراضات»، و«أوهام»، و «مصالح»، وليس بناء على دراسات جدية، ونقاشات مستفيضة، وتحليل دقيق لطبيعة هذه الأنظمة، ومدى ملاءمتها للحالة العراقية. وعندما يترك للتصويت وحده، حسم المسألة، مع معرفة الجميع بطبيعة المشكلة الحقيقية التي ينطوي عليها أعضاء مجلس النواب على مستوى الوعي والمعرفة، لمجرد الإيهام بأن ثمة «إصلاحات»، وبأن ثمة «استجابة» للمحتجين، عبر هذا السلق للقوانين الذي سنصطدم جميعًا بتبعاته الكارثية عاجلا وليس آجلا!

كاتب عراقي

 

خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل

أحدث الأخبار

سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
أسعار النفط تتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية
10:30 08.05.2024
السفيرة أذربيجانية في بريطانيا : أذربيجان وأرمينيا تسيران نحو السلام الدائم
10:15 08.05.2024
ما هي تداعيات اجتياح رفح علي المنطقة؟
10:00 08.05.2024
تيك توك ترفع دعوى لوقف بيع التطبيق أو حظره في أمريكا
09:15 08.05.2024
أنباء عن تولي شركة أمريكية إدارة معبر رفح بعد الحرب
09:00 08.05.2024
الشرطة الهولندية تفض احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة أمستردام
17:00 07.05.2024
الرئيس البلغاري يصل اذربيجان في زيارة رسمية
16:30 07.05.2024
تراب رضاييف: دعوة أذربيجان يمكن أن تكون فرصة ذهبية لإحلال السلام في المنطقة
16:00 07.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس وزراء سلوفاكيا
13:45 07.05.2024
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
13:30 07.05.2024
الولايات المتحدة ... اعتقال 2500 خلال المظاهرات المؤيدة لفلسطين
13:15 07.05.2024
قطر: حديقة القرآن تحصل على الاعتماد الدولي في صون الموارد النباتية
13:00 07.05.2024
شي يحث ماكرون على مساعدة الصين في تجنب حرب باردة جديدة
12:45 07.05.2024
حماس توافق على مقترح مصري- قطري لوقف النار
12:30 07.05.2024
مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء
12:15 07.05.2024
شولتس يعلن الاتفاق على استخدام عائدات الأموال الروسية المجمدة لشراء أسلحة لأوكرانيا
12:00 07.05.2024
روسيا: سنتعامل مع مقاتلات إف- 16 في أوكرانيا على أنها تحمل أسلحة نووية
11:45 07.05.2024
حماس تحذر إخلاء رفح تطور خطير وسيكون له تداعيات
11:30 07.05.2024
حرب غزة تلقي بظلالها على العلاقات بين إيران وسوريا
11:15 07.05.2024
جهود مصرية لاحتواء التصعيد بين حماس وإسرائيل
11:00 07.05.2024
تركيا.. ضبط 3 آلاف و380 قطعة أثرية في إزمير
10:45 07.05.2024
أردوغان يرحب بإعلان حماس قبولها وقف إطلاق النار
10:30 07.05.2024
جميع الأخبار