صراع اللغة في المغرب العربي (مقال رأي)

تحليلات 11:11 08.12.2016

كانت بلدان المغرب العربي فريسة الاستعمار الفرنسي طيلة عقد من الزمن ، وعملت المؤسسة الاستعمارية على محو اللغة العربية من خلال عدة إجراءات تعسفية كفرض التعليم بلغتها والتعامل الإداري بلغة المستعمر،كما كانت فرص العمل متاحة للذين يجيدون اللغة الفرنسية وغيرها من الآليات التي تمكنها من فرض منطقها الاستعماري ، انطلاقا من المبدأ مفاده "إذا أردت أن تقضي على هوية شعب فاقض على لغته" وربما نجحت في ذلك إلى حد ما.

حاولت السلطات السياسية القائمة في بلدان المغرب العربي الكبير بعد الاستقلال إعادة بعث اللغة العربية في وسط مجتمعاتها وفي أوساط النشء بصفة خاصة مع محاولة إدماج العمال في المنظومة اللغوية التي ارتأتها هذه السلطات ،وعليه فرضت اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد والعباد وحاولت بلدان مثل الجزائر تعميم التعريب فجلبت لذلك أساتذة من المشرق العربي ومن مصر بالتحديد،محاولة تعريب الإدارات بل وفرض اللغة العربية كلغة رسمية وحيدة في البلاد ،الأمر الذي حتم على بعض الموظفين ممن كانت ثقافتهم فرنسية العودة لمقاعد الدراسة لتعلم اللغة الوطنية.

استمرت سياسة التعريب إلى وقت قريب ، وتؤكد السلطات الرسمية في المناسبات الوطنية على الطابع الرسمي للغة العربية و تتعهد بحمايتها و تطويرها، و تنمية استعمالها، هي بذلك تؤكد على تعميق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية الإسلامية، و توطيد وشائج الأخوة و التضامن مع شعوبها الشقيقة، حتى تنبه البعض من المثقفين أن الشباب الذين حضنتهم المدرسة المعربة لا يحسنون استعمال اللغة العربية،ولا يفقهون أصولها بل ويسعون إلى خلق لغة جديدة لا هي بالفرنسية ولا هي بالعربية مزيجا بين الاثنين وأكبر مثالا عن ذلك لغة الرسائل الالكترونية التي تكتب بالحروف الفرنسية ولكنها عربية المعنى ،وربما كان هذا الإبداع نتيجة تأثر الشباب بحضارة الغرب وبفرنسا تحديدا .

إذا كانت الدولة تسعى جاهدة لتعليم أبناء الشعب اللغة العربية فهي لم تنجح إلى حد كبير في جعلها عملية أو لنقل لم توفق في زرعها في المجتمع الذي كان يحبذوا استعمال العامية بدل الفصحى لأنها أسهل في الفهم وأنجع في توصيل المعلومة.

إن تعريب الإدارات والمدارس والجامعات لا يدل على تبني الشعب لهذا الخيار الذي ارتضته سياسة الدولة، لأن التعامل اليومي هو البوصلة الحقيقية التي تدل على نجاح مشروع التعريب في بلدان المغرب العربي ، لأن أغلبية المجتمع والفئة الشبابية منها تسعى جاهدة إلى استعمال اللغة الفرنسية الممزوجة باللهجة العامية كلغة التواصل اليومي لأنها أكثر وظيفية وأكثر مرونة من اللغة العربية الفصحى التي ابتعدت عن ساحة الاستعمال .

وعليه فالسّوق اللّغوية السّائدة في مجتمعات المغرب العربي الكبير مزيجا من الفسيفساء اللغوية لا تستطيع فهمها أو التحكم في صيرورتها (المتغيرة) فالطابع الرسمي للغة العربية لا يجسده الواقع لأسباب ربما تكون محل دراسة سوسيو ثقافية.

تؤكد الدّراسات التي أجريت في هذا المجال أن السبب الرئيس في نكبة اللغة العربية في شمال القارة الإفريقية يعود إلى العادات التي يتأثر بها الطفل في المنزل فالأبوين يتعاملان بلغة مزدوجة أو مزيجا من اللغة العامية واللغة الفرنسية مما يحدث تشويشا في قدرات الاستيعاب لدى الطفل الذي هو مقلدا بطبعه ،وهي ظاهرة مقلقة جدا، لأن اللغة مرتبطة دوما بالهوية والتراث والأصالة وحضارة البلدان، فالتخلي عن لغة قوم سيؤدي حتما إلى اندثار ثقافته وعاداته على المدى البعيد،باعتبار اللغة حاضنة للحضارة والهوية .

وقد يعزى عزوف الشباب عن تداول اللغة العربية بشكل صحيح إلى الأسباب التالية: 

*ربما يرجع العامل الأكبر إلى الغزو الثقافي الغربي لبلادنا ..ولا يعني هذا أننا ضد الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى، لكن إذا كان هذا الانفتاح ينعكس سلبا على المردود الثقافي فيصبح خطرا على مرجعياتنا الثقافية وللأسف أخذ شبابنا من الغرب سوى الظواهر التي يحاربها المختصون في بيئتهم لعلمهم أنها بداية الانهيار لحضارتهم

*يمكن أن نقول أن التطور التكنولوجي أو الثورة التكنولوجية كان لها دورها الفاعل في تحفيز المجتمع على الابتعاد عن كل ما له صلة باللغة العربية، فاستخدام وسائل الاتصال الاجتماعية ساعد على انتشار هذه الظاهرة بين الشباب وذلك من خلال الانفتاح على المجتمعات المتعددة التي جعلت من استخدام اللغة الإنجليزية متطلبا ضروريا، وقد يكون الأمر صحيا هنا بشرط أن لا يكون ذلك على حساب اللغة العربية والحد من استعمالها ثم إن جل علوم التكنولوجية تدرس في الجامعات باللغة الفرنسية أو الانجليزية مما جعل اللغة العربية تتعثر في هذا المجال.

من العوامل التي ساعدت على تبني لغة الغير ابتعاد اللغة العربية عن العصرنة والاستحداث مما يبعد مستعمليها عن استخدامها وتوظيفها بشكل مستمر وفعّال ،ثم إن التهمة التي ألصقت باللغة العربية الفصحى والمتمثلة في كونها لغة الشعر لا لغة العلم وفرت الأرضية الخصبة لهجرها واستبدالها باللغات أخرى هي أكثر مرونة منها

*لا يمكن أن نتجاهل تقلص دور الأسرة الذي كان يعتبر المؤثر الأول في سلوك الأبناء،وحل محلها شبكات التواصل الاجتماعي(الفايس بوك ،التوتير...) التي مهدت لتفكك الأسرة من خلال الوقت الذي يقضيه كل فرد في متابعة جديد الشبكات، والتواصل مع العالم بلغة هي بعيدة كل البعد عن لغته الرسمية وبعيدا عن العلاقات الأسرية المباشرة،مما أدى إلى غياب كلي للمراقب الذي يدق ناقوس الخطر.

كما أن الحقيقة القائلة "المغلوب مولع بإتباع الغالب"في ثقافته ولغته وطريقة لباسه وربما طريقة تفكيره أيضا،من العوامل التي هيئت الشباب للعزوف عن لغة لا تملأ فراغه ولا تستجيب لتطلعاته المستقبلية وهذا ما جعل اللغة العربية غائبة عن أو مغيبة .

ثم إن متطلبات سوق العمل تفرض التمكن من استعمال اللغة الفرنسية أو الانجليزية وهذا الأمر ولد الرغبة في تعلم اللغات التي تسمح بالفوز بمنصب عمل يحتاجه الشاب لتغطية مستلزمات الحياة رغم ما سبق فإن اللغة العربية ستتبوأ مكانتها الطبيعية اللائقة بها في المستقبل وتصبح لغة عالمية ، ونرتكز في قولنا هذا على أساسين اثنين: أولهما أنها لغة الدين الذي سيظهره الله على الدين كله "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله" وثانيهما أنها مهيأة ذاتيا لحمل هذه الرسالة الدينية الحضارية الإنسانية العالمية..

وهذه الحقيقة عبّر عنها العلماء والمفكرون ولأنها كذلك فقد أصبحت في نظر من ابتدعوا "الإسلاموفوبيا" خطرا على الغرب وحضارة الغرب، لأن منطق "العولمة الممنهجة" يرى أن من تميّز عن الغرب حضاريا وثقافيا ولغويا يعدّ خطرا على الحضارة الغربية ولما كان الكيان الإسلامي هو الأكثر تميزا عن الغرب وحضارة الغرب أصبح هو "العائق الأكبر" أمام أهداف العولمة، والمستهدف في الدرجة الأولى هي اللغة العربية باعتبارها لغة هذا الدين.

خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل

أحدث الأخبار

سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
أسعار النفط تتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية
10:30 08.05.2024
السفيرة أذربيجانية في بريطانيا : أذربيجان وأرمينيا تسيران نحو السلام الدائم
10:15 08.05.2024
ما هي تداعيات اجتياح رفح علي المنطقة؟
10:00 08.05.2024
تيك توك ترفع دعوى لوقف بيع التطبيق أو حظره في أمريكا
09:15 08.05.2024
أنباء عن تولي شركة أمريكية إدارة معبر رفح بعد الحرب
09:00 08.05.2024
الشرطة الهولندية تفض احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة أمستردام
17:00 07.05.2024
الرئيس البلغاري يصل اذربيجان في زيارة رسمية
16:30 07.05.2024
تراب رضاييف: دعوة أذربيجان يمكن أن تكون فرصة ذهبية لإحلال السلام في المنطقة
16:00 07.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس وزراء سلوفاكيا
13:45 07.05.2024
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
13:30 07.05.2024
الولايات المتحدة ... اعتقال 2500 خلال المظاهرات المؤيدة لفلسطين
13:15 07.05.2024
قطر: حديقة القرآن تحصل على الاعتماد الدولي في صون الموارد النباتية
13:00 07.05.2024
شي يحث ماكرون على مساعدة الصين في تجنب حرب باردة جديدة
12:45 07.05.2024
حماس توافق على مقترح مصري- قطري لوقف النار
12:30 07.05.2024
مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء
12:15 07.05.2024
شولتس يعلن الاتفاق على استخدام عائدات الأموال الروسية المجمدة لشراء أسلحة لأوكرانيا
12:00 07.05.2024
روسيا: سنتعامل مع مقاتلات إف- 16 في أوكرانيا على أنها تحمل أسلحة نووية
11:45 07.05.2024
حماس تحذر إخلاء رفح تطور خطير وسيكون له تداعيات
11:30 07.05.2024
حرب غزة تلقي بظلالها على العلاقات بين إيران وسوريا
11:15 07.05.2024
جهود مصرية لاحتواء التصعيد بين حماس وإسرائيل
11:00 07.05.2024
تركيا.. ضبط 3 آلاف و380 قطعة أثرية في إزمير
10:45 07.05.2024
أردوغان يرحب بإعلان حماس قبولها وقف إطلاق النار
10:30 07.05.2024
جميع الأخبار