قد يكونُ هذا العنوانُ غريباً لدى القارئ للوهلةِ الأولى ولكنّه لن يكونَ كذلك حين ينتهي القارئُ من قراءةِ هذه المقالة .
إننا هنا في اليمن قد عشنا قبل أيام ذكرى ثورةٍ وذكرى انـقـلابٍ في الشهرِ ذاتِه..إنه شهر سبتمبر الذي انقضى .. أمّا الذكرى الأولى فهي ذكرى ثورةِ الشعبِ المجيدةِ التي اندلعت في السادسِ والعشرين من سبتمبر عام 1962 مُطِيـحـةً بالحُكمِ الإماميِّ السُّلاليِّ الطائفي .. وأمّا الذكرى الثانيةُ فهي ذكرى الانقلابِ المشؤومِ الذي كان في الواحدِ والعشرين من سبتمبر عام 2014 .. ذلك الانقلاب الذي قام به أحفادُ الإماميين السُّلاليين الطائفيين بتسهيلٍ من الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي خُلِع من الحُكمِ بعد ثورةِ الحادي عشر من فبراير عام 2011 . خمسـةُ أيامٍ فقط هي الفرقُ بين ذكرى الثورةِ وذكرى الانقلاب .. الانقلابيون يسيطرون على خمسةٍ وعشرين في المائةِ من المدن اليمنية من بينِها العاصمةُ صنعاء .. بينما تسيطر قواتُ الشرعيةِ على خمسةٍ وسبعين في المائة من المدن اليمنية وقد باتت هذه القواتُ على مشارفِ ِالعاصمةِ وتوشكُ أن تدخُلَها .
" التاريخُ يُعيد نفسَه " .. إنها مقولةٌ صائبة .. ها هم أحفادُ الملكيين الإماميين يعودون من جديد يدفعُهم الوهمُ إلى استعادةِ حـقِّهم المغصوب حسب زعمِهم .. وها هم أحفادُ الجمهوريين الديمقراطيين يُدافعون عن جمهوريتِهم .. وما تزال المعركةُ قائمةً حتى هذه اللحظة .
اُشتُهِر الانقلابيون باسمِ الحوثيين نسبةً إلى زعيمِهم عبدالملك الحوثي ولهم مليشيا مسلحة اسمها "المليشيات الحوثية" بينما تُسمَّى قواتُ الشرعية
"الجيش الوطني" والفرق واضح جداً بين التسميتين .
هذه المليشيات تعتقل كلَ صاحبِ قلمٍ حُر وتسومه أسوأ أنواع العذاب وراء القضبان ولهذا فقد نزح عشراتُ الآلاف من الناس من العاصمة ومن المدن التي تسيطر عليها المليشيات إلى المدن التي تم تحريرها وأنا واحد من هؤلاء النازحين .
لقد ظن المُنقلِبون أنَّ الأمر كلَّه صار إليهم وأنَّ الشعبَ سيرضخُ لسلطة الأمر الواقع ولكنهم نسُوا أو تناسوا أن الشعب قد تحرّر منذ زمن بعيد وما أشبه هؤلاء الواهمين بعنكبوت ظنت أنها بخيوطها قادرة على خلع جبل .
لقد أقام الشعبُ جمهوريتَه ورفع رايتَه وردّد نشيدَه ولن يستطيعَ ظلامُ الكهفِ أن يحجُبَ نورَ الآفاق .
عما قريب ستنهار مملكةُ الواهمين من أركانها لتبقى الجمهوريةُ شامخةً ممتدةً بامتداد الوطن الكبير ..
وستبقى ذكرى سبتمبر الثورة مصحوبةً بالرحمات ولن يكون لذكرى انقلاب سبتمبر إلا أكبرُ اللعنات .