"الموافقة الضمنية" في مجال التبرع بالأعضاء.. هل هي الحل الأمثل؟

هل ستكون الموافقة المُفترضة - أو ما يُعبّر عنه بـ "أنموذج المعارضة" - الدواء الشافي لمعالجة النقص المزمن في التبرع بالأعضاء في سويسرا؟ تنقسم الآراء بشدة تجاه المسألة بل أصبح الموضوع في صميم المناقشا منذ إطلاق مبادرة شعبية بهذا الشأن.

صحة 13:20 28.01.2018

اعتبار كل شخص عند الوفاة متبرعا تلقائيا بأعضائه إلا إذا ما تقدم باعتراض في حياته، هي مجرد "حيلة مختصرة"، وفقا لاثنين من الأطباء يعملان منذ فتره طويلة في هذا المجال، ويذهبان إلى أن علاج النقص المسجل في عدد المتبرعين بالأعضاء في سويسرا يكمُن في التأهيل والتوعية، على حد قولهم. 

 

"لكن، أين تُوجد روحه الآن؟". "من حيث المبدأ، نحن نوافق على التبرع بأعضاء ابننا، لكن هكذا نجعله يُصبح في الحياة الأخرى زرافة، ولذلك لا يُمكننا الموافقة".

هذان مثالان على الأسئلة الأكثر تباينا، الموجهة إلى سيباستيانو مارتينولي وروبيرتو مالاكريدا، خلال الثلاثين عاما التي كان فيها الطبيبان، وأستاذا الجامعة سابقا، في طليعة المروجين والناشرين لثقافة التبرع بالأعضاء في كانتون تيتشينو.

ومع أن كلاهما ترك طب العناية المركزة والإسعاف منذ بضع سنوات، إلا أن بصمتهما لا تزال حاضرة في الكانتون الجنوبي، فخلال سنوات عملهم الرائد، انتقل الكانتون الناطق باللغة الإيطالية من أسفل قائمة التبرع بالأعضاء في سويسرا إلى أعلاها، ولا زالا يمثلان بالنسبة لوسائل الإعلام في المنطقة مرجعية في المجال.

تغيير قانوني

الموضوع الذي نحن بصدده، هو الآن في بؤرة النقاشات العمومية على الساحة السويسرية، حيث يجري جمع التوقيعات لفائدة المبادرة الشعبية "تشجيع التبرع بالأعضاء وإنقاذ الأرواح البشريةرابط خارجي"، التي تطالب بالعمل بمبدأ الموافقة الضمنية، والمسمى أيضا "نموذج المعارضة"، الذي يفترض أن كل شخص موافق على أخذ أعضائه وأنسجته وخلاياه لزرعها عند موته، إلا إذا أعرب عن معارضته لذلك حينما كان على قيد الحياة.

المعمول به حاليا في سويسرا بخلاف ذلك، وهو أن الشخص الذي يرغب في التبرع بأعضائه يصرّح بذلك من خلال تعبئة الإستمارةرابط خارجي الرسمية الخاصة أو إبلاغ أسرته بالأمر. أما بالنسبة لنزع الأعضاء، فإنه يتوجّب على الأطباء دائما طلب موافقة الأسرة، بمعنى التأكد من رغبة القريب المتوفى.

+ اقرأ المزيد عن الإشكاليات التي تُواجه عمليات زرع الأعضاء في سويسرا

في مداخلاتهم، يشير المُروّجون للمبادرة إلى أن أغلب البلدان المتاخمة لسويسرا اعتمدت مبدأ افتراض الموافقة وأن معدلات التبرع بالأعضاء فيها تبلغ ضعف معدلاتها في سويسرا.

هل هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستُخرج سويسرا من مجموعة الدول ذات المعدلات الأدنى في أوروبا؟

التأهيل والتوعية لبناء الثقة

"لا!"، يجيب سيباستيانو مارتينولي وروبيرتو مالاكريدا، دون تردد، استنادا إلى عقود من الخبرة، وبدليل أن كانتون تيتشينو، الذي يسود فيه مبدأ الموافقة المستنيرة، قد حقق معدل تبرع قريب من إسبانيا، الرائدة أوروبيا لما فيها من جهود توعية بالموافقة الضمنية.

التقينا الطبيبين كل على انفراد، غير أنهما يتحدثان فيما يبدو بلسان واحد، إذ لا يُوجد لديهما أدنى شك في أن علاقة الثقة بين أسرة المريض والمُباشرين على رعايته الصحية لها بالغ الأثر في التشجيع على التبرع بالأعضاء، ومنه يجب نسج هذه العلاقة بمهارة.

يقول سيباستيانو مارتينولي: "إن أكثر من 50٪ من نجاح طلبات التبرع بالأعضاء يرجع إلى ما يؤدى من جهد داخل المستشفى"، ومن الأهمية بمكان أن توجد: "في المستشفيات الثلاثة الرئيسية" للتبرع بالأعضاء - أو في وحدات العناية المركزة والإنعاش والإسعاف - فرق مدربة وقادرة على تشخيص موت الدماغ وعلى الأخذ بيد فراد الأسرة، كما أوضح الجراح، وأضاف بأن هذا يقتضي: "تأهيلا نفسيا وتواصليا وتقنيا جيدا".

احترام الوقت والصمت

وفقا للخبيرين، يتطلّب التواصل على أصوله حسن اختيار الكلمات والأوقات، ومن أكبر العقبات التي كثيرا ما تواجه الأطباء هي احتواء الضغوط الناجمة عن التحضيرات الطارئة والمعقدة والمستعجلة لعملية استئصال العضو المعني، فضلا عمّا تقتضيه طمأنة أسرة المريض من وقت كاف وتأنّ.

وبوجه خاص، فإنه من الصعب جدا "إدارة الصمت"، فعند تبليغ خبر الوفاة "دائما ما تكون هناك لحظة صمت أولى، إذ قد يُصدم الأهل فعندئذ على الطبيب أن يصمت، ويجب عليه أن يكون قادرا على التزام الصمت، الذي قد يبدو طويلا جدا"، يقول روبيرتو مالاكريدا مذكرا بأنه عاش تجربة كهذه مئات المرات.

ويعارض الطبيبان بشكل قاطع محاولات إجبار أفراد الأسرة الذين يرفضون التبرع، عن طريق الضغط والإبتزاز العاطفي، وكما يقول روبيرتو مالاكريدا، فإن هذا "لا يجوز أخلاقيا"، ويضيف سيباستيانو مارتينولي: "نحن مجتمع متعدد الثقافات بشكل كبير، ولا مطمع في موافقة الجميع".

المبادرة وتأجيج النقاش

من المؤكد أن القضية ستحتل حيزا واسعا من السجال في وسائل الإعلام السويسرية، التي تتابع منذ فترة طويلة المبادرة الشعبية المطالبة باعتماد الموافقة الضمنية بشأن التبرع بالأعضاء، فهل سيكون للمناقشات أثر ايجابي؟

على الرغم من أن روبيرتو مالاكريدا لا يتفق مع فكرة المبادرة، إلا أنه يعتبر أنه "من المهم جدا النقاش الديمقراطي الذي سينشأ، بغض النظر عن نتيجة جمع التوقيعات، وعن التصويت فيما لو حصل". وفي رأيه، ستكون هناك فرصة لتداول المعلومات والتفكير في الموضوع بشكل عام، "ولهذا السبب الأخير، بالأخص، فإنني قد أوقّع على المبادرة".

في المقابل، يُعارض سيباستيانو مارتينولي المبادرة بشدة خشية من "استغلال عواطف الناس"، على حد قوله.

المخاطر الكامنة

على صعيد آخر، يحذر الطبيبان من الأخطار التي من الممكن، برأيهما، أن يؤدي إليها تطبيق مبدأ الموافقة المفترضة أو الضمنية، وعلى رأسها جهل قطاع من السكان، خاصة من المهاجرين، بالمبادرة. ومن ثم، هناك خطر التمييز الإجتماعي، أي "استغلال الأسر من الشرائح الضعيفة في المجتمع، التي ستكون أكثر عرضة للضغوط، فضلا عن الأشخاص ممن ليس لديهم أسر أو المهمشين"، حسبما أوضح سيباستيانو مارتينولي.

علاوة على ما سبق، أعرب الخبيران عن تخوفهما من احتمالية استغلال الأطباء للموافقة المفترضة والإعتماد عليها كطريق مختصرة، لتجنب القيام بجهود التوعية والتواصل والمرافقة، التي تتيح "الموافقة السلمية من دون ندم"، على حد تعبير روبيرتو مالاكريدا.

وبالنظر إلى أن أنصار المبادرة كثيرا ما يستشهدون بإسبانيا كمثال، يذكر سيباستيانو مارتينولي وروبيرتو مالاكريدا بأن إسبانيا - وإن كانت قد اعتمدت في قانونها الموافقة المفترضة - إلا أن أطباءها في الواقع يسعون دائما للحصول على معلومات من الأهل تؤكد رغبة المتوفى. كما أنها أنشأت، في الوقت نفسه، فرقا مدربة من الأطباء والممرضات وعلماء النفس تدريبا جيدا، وتعمل بطريقة منسقة وتعنى برعاية المرضى وأهاليهم، وهو - في نظر الخبيرين - السبب الحقيقي فيما حصل من تغيير في البلاد، وهو ما وقع أيضا في كانتون تيتشينو. 

من الناحية الأخلاقية

ألبرتو بوندولفيرابط خارجي، أستاذ علم الأحياء الحيوية، كان عضوا سابقا في اللجنة الوطنية لأخلاقيات الطب البشريرابط خارجي، كما درّس في العديد من الجامعات في سويسرا وفي الخارج، وهو يهتم منذ عدّة سنوات بمسألة التبرع وزراعة الأعضاء البشرية، ولذلك يعتبر بشكل خاص مرجعا لوسائل الإعلام في المناقشات العامة المتعلقة بالمبادرة الشعبية بشأن التبرع بالأعضاء.

"أعتقد أن الموافقة المفترضة مقبولة أخلاقيا، وليست بالضرورة سلوكا متعارضا مع القيم الأخلاقية"، قال الأستاذ الفخري الحالي في جامعة جنيف، مقررا أنه من الناحية القانونية، فإن "الميت ليس شخصا، نعم هناك حقوق شخصية بعد الوفاة لا تسمح بحرية التصرف في جثته، غير أن الشخص نفسه في حياته لا يملك مطلق التصرف بجسده بعد وفاته".

في الموضوع أيضا، أوضح الأستاذ الأكاديمي أن أصحاب الإختصاص في الأخلاقيات لا يعتقدون جميعا نفس الرأي، وحتى داخل اللجنة الوطنية لأخلاقيات الطب البشري تتباين الآراء، وقد أعربت اللجنة عن شكوكها إزاء جدوى الإجراءات، فيما شاطرها ألبيرتو بوندولفي الرأي قائلا: "لا أعتقد أن هناك حلا سحريا". 

 

 

خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل

أحدث الأخبار

باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
أسعار النفط تتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية
10:30 08.05.2024
السفيرة أذربيجانية في بريطانيا : أذربيجان وأرمينيا تسيران نحو السلام الدائم
10:15 08.05.2024
ما هي تداعيات اجتياح رفح علي المنطقة؟
10:00 08.05.2024
تيك توك ترفع دعوى لوقف بيع التطبيق أو حظره في أمريكا
09:15 08.05.2024
أنباء عن تولي شركة أمريكية إدارة معبر رفح بعد الحرب
09:00 08.05.2024
الشرطة الهولندية تفض احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة أمستردام
17:00 07.05.2024
الرئيس البلغاري يصل اذربيجان في زيارة رسمية
16:30 07.05.2024
تراب رضاييف: دعوة أذربيجان يمكن أن تكون فرصة ذهبية لإحلال السلام في المنطقة
16:00 07.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس وزراء سلوفاكيا
13:45 07.05.2024
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
13:30 07.05.2024
الولايات المتحدة ... اعتقال 2500 خلال المظاهرات المؤيدة لفلسطين
13:15 07.05.2024
قطر: حديقة القرآن تحصل على الاعتماد الدولي في صون الموارد النباتية
13:00 07.05.2024
شي يحث ماكرون على مساعدة الصين في تجنب حرب باردة جديدة
12:45 07.05.2024
حماس توافق على مقترح مصري- قطري لوقف النار
12:30 07.05.2024
مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء
12:15 07.05.2024
شولتس يعلن الاتفاق على استخدام عائدات الأموال الروسية المجمدة لشراء أسلحة لأوكرانيا
12:00 07.05.2024
روسيا: سنتعامل مع مقاتلات إف- 16 في أوكرانيا على أنها تحمل أسلحة نووية
11:45 07.05.2024
حماس تحذر إخلاء رفح تطور خطير وسيكون له تداعيات
11:30 07.05.2024
حرب غزة تلقي بظلالها على العلاقات بين إيران وسوريا
11:15 07.05.2024
جهود مصرية لاحتواء التصعيد بين حماس وإسرائيل
11:00 07.05.2024
تركيا.. ضبط 3 آلاف و380 قطعة أثرية في إزمير
10:45 07.05.2024
أردوغان يرحب بإعلان حماس قبولها وقف إطلاق النار
10:30 07.05.2024
بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على تهديدات غربية
10:15 07.05.2024
إندونيسيا: ثوران بركان جبل سيميرو من جديد
10:00 07.05.2024
أمير الكويت يبدأ زيارة إلى تركيا
09:45 07.05.2024
جميع الأخبار