الحديث المقصود بالفكر الإسلامي هنا هو إنتاج علماء الإسلام للمعرفة والفكر الإسلامي، وهو بالطبع يختلف عن (الدين) كمعرفة إلهية مقدسة، فالإنتاج الفكري للعلماء والمفكرين والمثقفين الإسلاميين ما هو إلا اجتهادات وآراء لاترقى لمستوى العصمة أو أن لايطالها النقد العلمي.
وقد كان لظروف كل عصر وزمان أثره الفاعل في كيفية ونوعية المنتج الفكري والثقافي ، وقد ساهمت عصور التخلف والتقهقر الحضاري للأمة في انعزال الفكر الإسلامي في تلك الحقب التاريخية من واقع الحياة، وميل الإنتاج الفكري والثقافي إلى التجريد النظري البعيد عن واقع المسلمين مما أدى إلى نشوء فجوات عميقة بين ما يعيشه المسلمون من مشاكل وهموم وما ينتجه المفكرون والعلماء من أفكار مثالية وثقافة نظرية أبعد ما تكون عن دنيا الواقع وإن كانت مفيدة على المستوى النظري والعقلي.
وقد غلب على إنتاج المفكرين الإسلاميين في العقود التي رافقت عصور التخلف الاهتمام بقضايا تقليدية أشبعت بحثاً ودراسة بدل الاهتمام بقضايا الحاضر، كما أنه غلب عليه الجمود وعدم التطور، وعدم معالجة القضايا التي تهم المجتمع والأمة والاقتصار على قضايا الفرد ومسائله الشرعية. ولكن الفكر الإسلامي المعاصر بدأ يتطور بصورة مطردة وسريعة ـ وخصوصاً منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي ـ وأخذ يهتم بقضايا لم تكن مطروقة من قبل أو لم تشبع بحثاً ودراسة واستدلالاً.
ولعل من أبرز ملامح المنتج الفكري والثقافي الجديد هو التوجه لقضايا العصر والعمل على إيجاد الحلول المعرفية والفكرية لكثير من شواغل العصر.
ومن ملامحه أيضاً هو الانتقال من مرحلة الجمود إلى مرحلة الإبداع والتطوير والتجديد، والانتقال من مرحلة الانكفاء والعزلة إلى مرحلة الانفتاح والتفاعل مع العصر، والتحول من نقد الآخر إلى نقد الذات أيضاً، والتفكير في قضايا الواقع وعدم الاقتصار على قضايا الماضي ...... إلخ.