وصل نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، السبت، إلى القاهرة، في بداية جولة في الشرق الأوسط، يخيّم عليها قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وكانت الزيارة مقررة أصلا في نهاية كانون الأول / ديسمبر، لكنها تأجلت في ظل الغضب الذي أثاره قرار ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإلغاء العديد من الاجتماعات المقررة.
وفيما هدأت التظاهرات والمواجهات الدامية، التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، إلا أن هناك قلقاً بشأن مصير وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي جمّدت واشنطن نصف الأموال التي تخصصها لها، أي 65 مليون دولار سنوياً، ما يهدد بجعلها عاجزة عن الاستمرار، في تنفيذ قسم كبير من برامج تأمين الغذاء والتعليم والعلاج، التي يستفيد منها ملايين اللاجئين الفلسطينيين.
ونددت القيادة الفلسطينية، الغاضبة أساسا من القرار المتعلق بالقدس بالإدارة الأميركية، ورفضت لقاء بنس في كانون الأول / ديسمبر. وفي غزة، نددت حركة حماس بزيارة بنس "غير المرحب بها". وقال الناطق باسمها فوزي برهوم في تصريح صحافي، "إننا نعتبر زيارة نائب الرئيس الأمريكي (مايك بنس) للمنطقة غير مرحب بها، ولا يوجد أي مبرر لاستقباله واللقاء به من أي مستوى كان، وخاصة بعد تصريحاته الأخيرة، التي يؤكد فيها شطب ملف القدس، واعتمادها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، وعلى الجماهير والشعوب المحبة لفلسطين، الإبقاء على حالة الرفض التام، لهذه المشاريع الصهيوأمريكية والقائمين عليها".
وأهابت حركة فتح "بالدول الصديقة والشقيقة عدم استقبال بنس"، داعية "جماهير أمتنا العربية والإسلامية، إلى الخروج في مظاهرات ضد زيارته للمنطقة"، والتي وصفتها "بالخبيثة". كما ودعت الحركة في بيان يحمل الرقم (7)، السبت، الفلسطينيين إلى "تصعيد المقاومة الشعبية، وتحويل حياة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، إلى جحيم".
وأوضح القيادي الفلسطيني صائب عريقات أن "لا مانع لدى الفلسطينيين من استقبال بنس، واستئناف قبولهم بواشنطن كوسيط في عملية السلام مع إسرائيل، شريطة أن تسحب واشنطن اعترافها بالقدس، عاصمة لإسرائيل".
السيسي والملك عبدالله.. لاعبيْن أساسيين
وبإمكان زعيمي مصر والأردن، البلدان العربيان الوحيدان المرتبطان باتفاقات سلام مع إسرائيل، أن يكونا لاعبين أساسيين، إذا ما تمكن المفاوضون الأميركيون، من إحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وهو ما يسعى إليه ترامب.
وهما كذلك، شريكان في الأمن وتبادل المعلومات الاستخبارية، في الحروب الأميركية السرية والعلنية، ضد التطرف الاسلامي في المنطقة. وتعد مصر، من أكبر الدول التي تحصل على مساعدات لشراء معدات عسكرية أميركية متطورة.
ودعا السيسي، الذي يعد أحد أقرب حلفاء ترامب في المنطقة، الرئيس الأميركي، قبل إعلانه المتعلق بالقدس، إلى "العمل على عدم تعقيد الوضع بالمنطقة، من خلال اتخاذ إجراءات، من شأنها تقويض فرص السلام في منطقة الشرق الأوسط".
وألغى إمام الأزهر أحمد الطيب، لقاءه مع بنس احتجاجا على قرار ترامب بشأن القدس. وأعلن بابا الاقباط في مصر تواضروس الثاني كذلك، رفضه لقاء بنس، "نظرا للقرار الذي اتخذته الإدارة الأميركية بخصوص القدس، ودون اعتبار لمشاعر الملايين من الشعوب العربية".
وبعد الأردن، الوصي على الأماكن المقدّسة الإسلامية في القدس، سيتوجه بنس إلى إسرائيل، لإجراء محادثات مع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، الإثنين. وسيلقي كلمة في الكنيست في ظل مقاطعة القائمة العربية المشتركة، ويلتقي الرئيس رؤوفين (روبي) ريفلين، خلال الزيارة، التي ستستمر ليومين، سيزور خلالها بنس المسيحي الملتزم، أيضا حائط المبكى (البراق) ونصب ضحايا المحرقة النازية (ياد فاشيم) .
ويمكن لبنس أن يحظى باستقبال حار من سياسيين محليين، بسبب قرار ترامب المتعلق بالقدس، والذي فسّره الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء، بأنه انحياز لإسرائيل، في الخلاف بشأن المدينة المقدسة.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، قبل أن تضم القدس الشرقية، في تحرك لم يلق اعترافا من المجتمع الدولي. وتصر إسرائيل على أن القدس برمتها عاصمتها الموحدة، فيما يتطلع الفلسطينيون لجعل القدس الشرقية، عاصمة لدولتهم المنشودة. وأما المجتمع الدولي، فيعتبر أن إسرائيل تحتل القدس الشرقية بشكل غير شرعي. وتقع سفارات جميع الدول في العاصمة التجارية تل أبيب.
موضع خلاف
وبدأت وزارة الخارجية الأميركية، التخطيط لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهي عملية يقول الدبلوماسيون الأميركيون، إن انجازها قد يستغرق عدة سنوات.
وأفادت معلومات نشرتها صحف هذا الأسبوع، أن واشنطن قد تعلن القنصلية الأميركية العامة في إسرائيل، سفارة لها مؤقتا، فيما يتواصل البحث عن موقع لبعثة طويلة الأمد.
ويمكن أن تكون تلك العملية، موضع خلاف مثل بناء سفارة جديدة تماما، إذ أن المبنى الحالي، يشكّل مقر البعثة الأميركية للأراضي الفلسطينية المحتلة، في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، طلب عدم الكشف عن هويته للصحافيين، إنه لا يزال على وزير الخارجية ريكس تيلرسون، اتخاذ قرار بشأن موقع دائم، أو مؤقت للبعثة. وأكد المسؤول نفسه "أنها عملية تستغرق وقتا، في أي مكان في العالم. وقت للتصميم المناسب ووقت للتنفيذ. إنها مسألة سنوات وليس أسابيع أو أشهر".