بوتين "ألقى الكرة" على جانب ترامب
لم ينته الاجتماع بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في هلسنكي بتصريحات مفهومة، وجرى على خلفية اتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية ، لكن كلا الزعيمين بدا مرتاحين للغاية. ما الذي جعلهم سعداء؟
عقد أول اجتماع كامل للرئيسين بعد عام ونصف من انضمام ترامب للرئاسة الأمريكية وبعد أشهر قليلة من إعادة انتخاب فلاديمير بوتين لفترة ولاية رابعة.
من هو بالأول في القصر
مكان الاجتماع هو عاصمة فنلندا، وهي دولة وصفها الدبلوماسيون من البلدين بأنها منطقة محايدة. كما تم تبادل المجاملات حول موعد الاجتماع مباشرة بعد نهائيات كأس العالم. عشية وصف ترامب بوتين ك"منافس" له.
ومع ذلك، حتى قبل يومين من القمة، أصبح من الواضح أن الاجتماع لن يجري في جو ودي تماماً، حيث اتهم المدعون الامريكيون يوم الجمعة 12 ضابطاً في إدارة الاستخبارات العامة الروسية بالتدخل في الانتخابات.
مباشرة بعد ذلك، أعلن مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أنه لن يصدر البيان المشترك عن الرئيسين، ومع ذلك، لم يتم تحديد السبب.
ليس من المستغرب أن الصحفيين اهتموا بشكل خاص بقضية البروتوكول وإجراءات وصول الزعيمين إلى مكان الاجتماع. وصلت طائرة بوتين من موسكو مع تأخير لمدة ساعة.
نزل بوتين في المدرج، حيث كان ينتظره الموكب من السيارات السوداء من المستوي التمثيلي، بما في ذلك سيارة ليموزين الرئاسية الجديدة.
وبعد نصف ساعة، دخل موكب بوتين بالفعل إلى قصر رئيس فنلندا
في هلسنكي، الاحتجاجات ضد بوتن وترامب في وقت واحد
معادية هلسنكي
كانت هلسنكي، حيث تم التوقيع على الاتفاقيات في تفريغ الكتل الغربية والشرقية، مكاناً للاجتماع ميخائيل غورباتشوف وجورج بوش الأب ولكن هذه المرة لم تكن ودية كما يبدو.
بالفعل يوم الاحد احتل العديد من الاحتجاجات الساحة المركزية للمدينة، معربة عن رفض السياسات التي ينتهجها بوتين ترامب وفي نفس الوقت.
ولم يعلن عن الموعد المحدد لبداية الاجتماع، وعلى الرغم من تأخر واضح للطائرات، وقد ظهر بوتين في مكان الاجتماع قبل نظيره الأمريكي.
وكما ورد في حساب "تويتر" للصحفي الإسرائيلي من التلفزيون والإذاعة العامة عميحاي شتاين، أن ترامب قال إنه لن يخرج من الفندق إلى حين وصول بوتين إلى مكان الاجتماع.
ونتيجة لذلك، كان على الرئيس الروسي أن يجد نفسه في دور غير عادي له: ينتظر نظيره في غضون 20 دقيقة. عادة ما كان كل شيء يحدث على العكس تماما كان الآخرون ينتظرون بوتين. كذلك، انتظره سلف ترامب، باراك أوباما، أربعين دقيقة.
في حين عقد احتماع القمة أقيمت المظاهرة للدفاع عن حقوق المرأة في ساحة مجلس الشيوخ في هلسنكي
وفي يوم الأحد، أُقيمت الاحتجاجات ل Helsinki Calling، حيث أراد منظموها لفت الانتباه إلى مشاكل حقوق الإنسان والديمقراطية والسلام والمناخ. وفقا للشرطة ، شارك حوالي ألفين ونصف ألف شخص في الحملة.
وقالت ليندا فورنفيلدا، وهي من سكان هلسنكي، شاركت في المسيرة "لا أتوقع من هذا الاجتماع أي خير، لأن هناك اثنين من أسوأ الرجال في العالم. لا أعتقد أن شيئاً ما قد تغير نحو الأفضل. آمل أن يريا أننا لسنا معهما، ولسنا على جانبهما".
واضافت "نريد ان نبين لترامب أن معظم العالم بما في ذلك الدول الصغيرة تعارضه وتعارض الانتهاكات الفظيعة لحقوق الانسان التي يقوم بها".
وقال المقيم السوري الذي حضر المسيرة: "أعتقد أنه من العار أن يصل ترامب إلى حد تقديم الشكر لبوتين الذي جعله رئيساً، وينبغي على فنلندا أن تشعر بالحرج لاستضافة هؤلاء القادة".
شارك السفير السابق للولايات المتحدة في روسيا، مايكل مكفال أيضاً في المظاهرة. وقال قبل الاجتماع "لدينا الآن الكثير من الخلافات مع روسيا وتظاهرنا بأن كل الخلافات في الماضي خطأ. ربما كانوا يأملون أن يكون كل شيء هادئا هنا لكن هذا لن يكون".
وقال أيضاً: "لا أستطيع أن أقول إن الاجتماع خطأ، ولكن سيكون من الرائع أن تكون الأجندة مختلفة، على سبيل المثال، إذا كانوا يتحدثون عن تدخل روسيا في انتخاباتنا قبل عامين، أو إذا كانوا يتحدثون عن ضم شبه جزيرة القرم. يبدو أن هذا لن يحدث، وسيحاول ترامب إقامة علاقات ودية، لكن ما فعله بوتين قبل عامين تجاه الولايات المتحدة ليس بوضوح لفتة ودية ".
استمرت المظاهرات في يوم القمة. ولكن الآن لم يُسمح للمتظاهرين بالوصول إلى القصر الذي يعقد فيه الاجتماع.
حتى قبل بدء المؤتمر الصحفي ، تم إخراج أحد الصحفيين من القاعة
الصحافة العدائية
بدأ جو الاجتماع يتوتر قبيل المؤتمر الصحفي المشترك. لم يكمل بوتين وترامب المفاوضات، وقد كاد الصحفيون يتجادلون في غرفة الصحافة.
لاحظتها وسائل الإعلام الفنلندية أنه من المثير للاهتمام أن الموقف السلبي تجاه الصحفيين هو سمة مشتركة. علقت أكبر صحيفة فنلندا "هلسنجن سانومات" ملصقات في جميع أنحاء المدينة، ورحبت القائدين على "أرض حرية الصحافة"، مشيراً إلى مشاكل الصحفيين في الولايات المتحدة وروسيا.
لا تزال هناك مشكلات على الأقل لصحفي واحد في هذا الاجتماع. وقبل بضع دقائق من بدء المؤتمر الصحفي، طلب رجال الأمن من أحد الجالسين في القاعة الخروج لاستفساره.
رفض الرجل مغادرة المبنى وقدم نفسه كصحفي في صحيفة " The Nation"، سام حسيني ، موضحاً أنه لا يستطيع العودة.
في محاولة لإثبات حقه في المشاركة في المؤتمر الصحفي لبوتين وترامب، أخرج الورقة التي كتب عليها "معاهدة حظر الأسلحة النووية". غالباً ما يرفع الصحفيون اللافنات الصغيرة بهذه الكتابة لجلب انتباه الرؤساء إلى أنفسهم ليتمكنوا من طرح السؤال.
ومع ذلك، قام رجال الأمن بإجبار حسيني على الخروج من الباب. كما لو كان سيُنظم تظاهراً سياسياً. جاء في حساب حسيني على فيسبوك إنه مدير الاتصالات في معهد الدقة المدنية.
الوفد المعادي
رسميا، لم يعلن لا البيت الأبيض ولا الكرملين أعضاء وفديهما. كان من الممكن رؤية الأعضاء الكبار صور البروتوكول للاجتماع الموسع.
من جانب بوتين، لم يشاهد أي من المندرجين في قوائم العقوبات على الكاميرات. وكان معه المسئولون الذين من المفترض أن يشاركوا في الاجتماع وهم: مساعد الرئيس في شؤون الدولية أوشاكوف ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والسكرتير الصحفي ديمتري بيسكوف، السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، ورئيس البروتوكول لبوتين فلاديسلاف كتاييف وكذلك الممثل الخاص للرئيس في سوريا ألكسندر لافرينتيف.
وصل مع ترامب مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو.
يمكن أن يسمى مساعدة رئيس الولايات المتحدة والمدير العام للعلاقات الأوروبية والروسية في مجلس الأمن الوطني فيونا هيل، ضابطة المخابرات السابق والمؤلفة المشاركة لكتاب "السيد بوتين، رجل العمليات في الكرملين"، شخصاً وحيداً في الوفد الأمريكي أثار أكثر الاهتمام من حيث تم مقارنتها مع الرئيس الروسي.
وبعد انتهاء المحادثات المغلقة، التقى الرئيسان في غداء عمل في حضور كبار مساعديهم.
وفي المؤتمر الصحفي، قال بوتين إن "المحادثات مع ترامب درات في أجواء منفتحة وبناءة".
وأضاف بوتين "الحرب الباردة انتهت منذ أمد طويل وتغير الموقف في العالم بصورة كبيرة. روسيا والولايات المتحدة تواجهان تحديات جديدة.
وقال بوتين إنه يمكن للبلدين العمل معا في قضايا مشتركة ومن بينها إحلال السلام في سوريا.
وقال بوتين "وفيما يتعلق بسوريا، فإن مهمة إحلال السلام والوفاق هناك قد تكون أول فرصة لإبراز نموذج للعمل المشترك
وتوترت العلاقات بين روسيا والغرب بشدة بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وهو ما أقر به بوتين في المؤتمر الصحفي.
وقال بوتين "موقف الرئيس ترامب بشأن القرم معروف. يتحدث عن عدم مشروعية ضم روسيا للقرم. لدينا وجهة نظر أخرى...أنه قد جرى استفتاء وفقا للقانون الدولي. بالنسبة لنا، يعتبر الأمر قضية مغلقة".
وقبل القمة المرتقبة بشدة، قال ترامب إنه يأمل في "علاقة استثنائية"، وأنحى باللائمة في التوتر في العلاقات بين البلدين إلى إدارات سابقة.
وتأتي القمة بعد رحلة أوروبية سادها التوتر انتقد فيها ترامب بشدة حلفاء الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتجارة والإنفاق العسكري.
ترامب: لا يوجد ما يدعو روسيا للتدخل في الانتخابات الأمريكية
دافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن روسيا فيما يتعلق بمزاعم تدخلها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.
وبعد الاجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعرب ترامب عن رأي مغاير لما قالته وكالات الاستخبارات الأمريكية، وقال إنه لا يوجد ما يدعو روسيا للتدخل في الانتخابات الأمريكية.
وأكد بوتين ما قاله مرارا عن أن روسيا لم تتدخل قط في شؤون الولايات المتحدة.
واستمرت محادثات الرئيسين الثنائية ساعتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي.
وفي مؤتمر صحفي بعد القمة، سُئل ترامب عما إذا كان يصدق وكالاته الاستخباراتية أو الرئيس الروسي فيما يتعلق بمزاعم التدخل في الانتخابات.
فأجاب "الرئيس بوتين إن روسيا لم تقم بذلك. ولا أرى أي مبرر لذلك".
وخلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية عام 2016 إلى أن التدخل الروسي كان السبب في ترجيح كفة ترامب في الانتخبارات الرئاسية مقابل هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي، وذلك عن طريق هجمات إلكترونية وأخبار كاذبة على شبكات التواصل الاجتماعي.
ما الذي قاله ترامب؟
قال الرئيس الأمريكي ردا على سؤال وجه إنه خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع بوتين عن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية إن " الرئيس بوتين يقول إن روسيا لم تقم بذلك، ولذا ليس لدي أي سبب لاتهامهم بذلك".
وألقى ترامب باللوم على الإدارات الأمريكية السابقة فيما يتعلق بضعف العلاقات الأمريكية - الروسية.
وكانت الاستخبارات الأمريكية وجهت أصابع الاتهام الجمعة لـ 12 من ضباط المخابرات الروسية بالتدخل في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2016.
انتقادات واسعة لترامب بسبب تصريحاته خلال قمته مع بوتين
انتقد سياسيون بارزون في الولايات المتحدة تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، ودفاعه عن موسكو بشأن مزاعم التدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
وعبر قادة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي عن صدمتهم إثر تصريحات ترامب، والتشكيك في دقة ما قالته وكالات الاستخبارات الأمريكية، وباتهامه الإدارات السابقة بأنها سبب في ضعف العلاقات الأمريكية - الروسية.
واعتبر المؤيدون لترامب، إن حملة الانتقادات الموجهة ضد الرئيس الأمريكي تعتبر جزءاً من حملة يشنها كبار السياسيين الذين لا يحبوا ترامب
ما هي ردود الفعل في الولايات المتحدة؟
قال بول رايان، رئيس مجلس النواب، في بيان شديد اللهجة إنه " على ترامب أن يدرك بأن روسيا ليست حليفتنا". وأضاف أنه "لا يوجد أخلاقيا أوجه شبه بين الولايات المتحدة وروسيا، التي تبقى معادية لمثلنا وقيمنا الأساسية".
وقال السيناتور الجمهوري المخضرم جون ماكين منتقدا ترامب إن المؤتمر الصحفي الذي عقد في هلسنكي أحد "أكثر العروض المشينة" لرئيس أمريكي.
وأضاف ماكين "أنه الأداء الأسوأ لرئيس أمريكي".
ونشر سيناتور جمهوري تغريده على تويتر "ضاعت فرصة لتحميل روسيا مسؤولية التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016 ".
وعلق زعيم الديمقراطيين تشاك شومر إن "تصرفات ترامب تقوي خصومنا وتضعف دفاعاتنا ودفاعات حلفائنا".
وقال مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكي، دان كوتس، في بيان له إن "جهازنا الاستخباراتي كان واضحاً حول تدخل روسيا بالانتخابات الأمريكية".
ونشر ترامب تغريدة على تويتر يقول فيها" لدي ثقة كبيرة في موظفي الاستخبارات الأمريكية، مضيفاً "أريد أن أؤكد أنه إذا أردنا بناء مستقبل مزدهر، لا يمكننا التركيز فقط على الماضي فنحن يجب أن نتفق معاً لأننا قوتين نوويتين كبيرتين".
