بعد ثورة فبراير عام 1917 ، بدأت 3 دول في منطقة جنوب القوقاز (أذربيجان وجورجيا وأرمينيا) مثل غيرهم من الجمهوريات التي إستقلت عن الإمبراطورية القيصرية في العمل علي ضمان حريتهم، ومن أجل منع أي تهديد محتمل من القوات الأجنبية ، أقامت هذه الدول الثلاث في 22 أبريل 1918 جمهورية القوقاز الاتحادية الديمقراطية.
ومع ذلك، فإن الأهداف التي وضعتها الدول الثلاث سرعان ما عرّضت هذه الجمهورية للخطر خاصة بعد مواجهة الهجوم العثماني في مايو 1918، حيث أعلن ممثلو جورجيا في مجلس النواب أنه لايمكنهم الدفاع عن الجمهورية وأعلنوا استقلال جمهورية جورجيا الديمقراطية في 26 مايو وبذلك انهارت فكرة جمهورية القوقاز الاتحادية الديمقراطية .
ولكن، بعد استقرار الأوضاع في جنوب القوقاز ، هل يمكن أن تظهر هذه الفكرة مجددا؟ بمعنى ، هل يمكن إنشاء جمهورية القوقاز الاتحادية الديمقراطية ، التي تأسست قبل أكثر من قرن من الزمان؟
تعليقا علي هذا السؤال قال الخبير السياسي توفيق عباسوف أنه "بالنظر إلى التاريخ، قفد كانت ما يسمي بجمهورية القوقاز الاتحادية الديمقراطية ولو لفترة قصيرة إتتحدت فيها 3 شعوب معًا. ومع ذلك، فإن أهداف الأرمن المتطرفين عرضت هذه الفكرة للخطر. حيث أن هدفهم لم يكن تأمين سيادة الدول الثلاث في المنطقة كتحالف قوي مشترك، ولكن الثراء على حساب جيرانهم والاستيلاء على أراضي الآخرين وعلى الرغم من مرور أكثر من قرن علي ذلك، إلا أن أرمينيا لم تتخل بعد عن أعمالها التخريبية وخلق التوترات في علاقات دول الجيران في المنطقة.
في الواقع إن سيادة البلاد مهددة مما يجعل هذه الفكرة مستحيلة تمامًا وعلي الرغم من هذا أعتقد أن منطقة جنوب القوقاز منطقة حيوية للغاية، وأن إنشاء نموذج مصغر مثل الاتحاد الأوروبي، بدلاً من جمهورية مشتركة، سيكون له فائدة أكبر لهذه البلدان الثلاثة. كما يمكن حل المشكلات التي يواجهونها في العالم بسرعة أكبر إلخ.. من الناحية النظرية، يمكن تحقيق هذه الفكرة، لكن كما ذكرت، طالما أن أطماع أرمينيا لا تتغير، فإن ذلك لن يحدث.
كما تحدث توفيق عباسوف عن عن موقف العالم تجاه إنشاء تحالف مشترك وقال إذا نظرنا إلي الماضي، نجد أنه قد قامت 3 دول من دول البلطيق بالإتحاد والانفصال عن الإتحاد السوفيتي واستعادة سيادتها.
يعني إذا اجتمعت أذربيجان وجورجيا وأرمينيا وشكلت إتحاد في ظل هذه الظروف، لا أعتقد أن الموقف العالمي حيال هذا الأمر سيكون سلبياً إذ يجب أن تتعامل حكومات باكو وتبليسي ويريفان مع بعضها البعض بتفهم كما يجب على كل من جورجيا وأرمينيا قبول قيادة أذربيجان لهذا الإتحاد.
من جهته قال الخبير والمحلل السياسي الجورجي جيا خوخاشفيلي تعليقا علي هذا السؤال قائلا: إن الحديث عن فكرة الإتحاد شيء سابق لأوانه حاليا وشيء صعب للغاية. لأنه سيكون هناك الكثير من الخلافات بين الحكومات الثلاث. كما إنه سيجعل هذه العملية أكثر صعوبة بالنسبة للأرمن للاعتمادها على روسيا.
وبما أن جورجيا تحتفظ بعلاقات مستقرة مع كل من دول القوقاز، فسيكون من الأسهل لها التكيف مع هذه العملية. إن السمة السلبية الوحيدة لاتحاد جنوب القوقاز هي العداء الفعلي لحكومة يريفان تجاه أذربيجان. من المهم أن ينهي الأرمن والأذربيجانيون هذه المشاكل التي
حدثت في الماضي. في هذه الحالة فقط يمكن إنشاء هذا الإتحاد لأن وجود مثل هذا الاتحاد المشترك سيكون له تأثير إيجابي على التنمية المستقبلية للبلدان الثلاثة، اقتصاديًا وسياسيًا.
أما الناشط السياسي الأرميني إشخان فيرديا فعلق علي هذا السؤال قائلا: يبدو أن تشكيل الاتحاد القوقازي أمر صعب للغاية بالنسبة لي ولا أعتقد أن الدول التي ذاقت طعم الاستقلال ستعطي جزءًا من إدارتها لاتحاد القوقاز، ستكون هناك مشكلة في عمليات الإدارة الموحدة بين البلدان الثلاثة. من الناحية السياسية، قد يبدو ذلك غير ممكن لكن اقتصاديًا ، قد يكون ممكنًا. كما ان هذا من شأنه أن يوحد العديد من جمهوريات القوقاز مثل أرمينيا وأذربيجان وجورجيا. مثل هذا الخيار هو الامثل للمنطقة. وأعتقد أن هذا سيساعد علي حل جميع المشاكل في جنوب القوقاز. وينبئ ايضا بمستقبل مشرق في المنطقة.