بقلم : أحمد عبده طرابيك
تحيي جمهورية أذربيجان في 31 مارس من كل عام ذكرى " المذابح الأرمينية للأذربيجانيين " ، أو ما يطلق عليه " مذبحة الأيام الثلاثة " ، التي ارتكبها الأرمن بحق شعب أذربيجان ، حيث كان للأرمن ولا زال لديهم مخططهم المسبق وأجندتهم الخاصة للقضاء على شعب أذربيجان ، لذلك حاولت أرمينيا الاستفادة القصوى من أحداث الحرب العالمية الأولي في ذلك الوقت ، والثورات الروسية التي اندلعت في فبراير وأكتوبر 1917 ، لتنفيذ أجندتها . لقد منحت معاهدة " جولستان " الموقعة عام 1813 ، واتفاقية " توركمانتشاى " الموقعة عام 1828 ، بين الإمبراطورية الفارسية وروسيا القيصرية ، منحتا الأساس القانوني لتقسيم الأمة الآذرية وتقسيم أراضيها التاريخية . واستلهاما لفكرة إنشاء أرمينيا العظمى ، بدأ الأرمن فى تطبيق علنى ، وعلى نطاق واسع لأعمالهم العدوانية ضد الأمة الآذرية خلال أعوام 1905 - 1907 . وبدأ الأرمن في ممارسة أعمالهم الوحشية فى باكو.
وتوسعت تلك الأعمال العدوانية عبر بقية أراضى أذربيجان فى الأراضى الأرمينية الحالية . حيث تم تدمير مئات القرى وتسويتها بالأرض ، وقتل الألاف من الناس بوحشية شديدة ، وكان منظمو هذه الأعمال الوحشية يهدفون إلى خلق صورة سلبية وغير صحيحة عن الشعب الآذرى لإخفاء الحقيقة ومنع وضع تلك الأحداث فى التقييم القانونى والأخلاقى والسياسى على نحو صحيح . تمكن الأرمن من إظهار أنفسهم كمؤيدين للثورة البلشفية الروسية ، واستغلوا ذلك كغطاء في تطبيق مخططهم في التطهير العرقي والتخلص من سكان أذربيجان في المقاطعات المختلفة ، والتي بدأوها من بلدية العاصمة باكو بحجة محاربة العناصر المناوئة للثورة . في الحادي والثلاثين من مارس 1918 ، أصدر " استيفان شاوميان " أوامره لعناصر حزبه التي تضم الأرمن والروس بالهجوم على المسلمين في أذربيجان ، في أعمال عنف همجية بهدف التقل والترويع ، واستمرت تلك الأعمال ثلاثة أيام ، راح ضحيتها في مدينة باكو وحدها 17 ألف قتيل ، ودمر الأرمن المنازل الآهلة بسكانها ، وأحرقوا السكان أحياء ، وتحولت معظم مدينة باكو إلى أطلال بمعالمها المعمارية القومية والمدارس والمستشفيات ، كما دُمر العديد من الآثار الأخرى ، وامتدت تلك الأعمال الوحشية إلي باقي المدن " شاماخي ، كوردمير ، لنكران ، ساليان ، قوبا " ، ليصل عدد القتلى إلى ما يقرب من 28 ألف قتيل ، وجاوز عدد القتلى الأذربيجانيين في محافظة يريفان 130 ألف شخص .
بعد تأسيس جمهورية أذربيجان الديمقراطية ، تم إعطاء أحداث مارس 1918 أقصى اهتمام ورعاية ، فأصدر مجلس الوزراء قراراً فى 15 يوليو 1918 لإنشاء لجنة خاصة لبحث وتقصى تلك الأحداث المأساوية ، وبحثت اللجنة المرحلة الأولى من الإبادة الجماعية التى حدثت فى مارس ، والأعمال الوحشية فى شاماخى ، وفى إقليم يريفان ، وأُسست إدارة خاصة تابعة لوزارة الشئون الخارجية ، وذلك حتى يتعرف المجتمع على الحقيقة . وأعلنت جمهورية أذربيجان الديمقراطية إعتبار الحادى والثلاثين من مارس يوم حداد وطنى فى البلاد ، وذلك مرتين ، فى عام 1919 و1920 .
وكانت أول محاولة فى التاريخ لإعطاء تقييم سياسى لإبادة جماعية ضد شعب أذربيجان ، وللعملية العدوانية التى استمرت لأكثر من قرن من الزمان . ولكن انهيار جمهورية أذربيجان الديمقراطية بعد ثلاثة وعشرون شهراً من تأسيسها لم يسمح بإنهاء هذه العملية . استغل الأرمن عمليات تحويل مناطق شمال القوقاز لجمهوريات سوفيتية ، وأعلنوا منطقة " زانجازور " التابعة لجمهورية أذربيجان ، منطقة أرمينية ، بضمها إلى جمهورية أرمينيا السوفيتية الاشتراكية عام 1920 ، وخلال الفترة من 1948 إلى عام 1953 ، تواصلت عمليات الترحيل الجماعي لسكان أذربيجان من مواطنهم ، حيث كانت عمليات الترحيل تلك تتم بموجب قرار صدر في 23 ديسمبر 1947 من قبل مجلس وزراء الاتحاد السوفيتي تحت اسم " القرار الخاص بشأن التهجير الجماعي للفلاحين والسكان الأذربيجانيين من جمهورية أرمينيا السوفيتية الاشتراكية إلى سهل " كورا - أراز " التابع لجمهورية أذربيجان السوفيتية الاشتراكية ، حيث تم بموجب هذا القرار ترحيل ما يزيد عن مائة وخمسين ألف أذربيجاني بالقوة القسرية خارج أرمينيا . في عام 2015 ، ملئت أرمينيا الدنيا ضجيجاً مروجة لما تدعيه دون سند قانوني ، أو حقيقة علمية " الإبادة التركية للأرمن " ، وتناست أرمينيا ما اقترفته من أعمال وحشية تتطابق تماماً مع التوصيف الدولي " للإبادة الجماعية ، فهناك أعمال كثيرة ترتقي إلي تصنيفها " إبادة جماعية " ضد الآذريين ظلت لسنوات لم تأخذ حقها من الخلفية القانونية لتجزئة الأمة الآذرية وتقسيم أراضيها التاريخية ، واحتلال أراضىها ، مما ساعد على استمرار المأساة الوطنية للشعب الآذرى ، وأصبح الاحتلال الأرمينى للأراضى الأذربيجانية جزءا لا يتجزأ من الإبادة الجماعية للشعب الآذرى .