قضت محكمة عسكرية في مصر بسجن الشاعر المصري، جلال البحيري، ثلاث سنوات وتغريمه عشرة آلاف جنيه مصري (حوالي 550 خمسمائة و خمسين دولار أمريكي)، بعد إدانته بإهانة المؤسسة العسكرية في ديوان شعري ساخر انتقد أيضا رئيس الدولة وأداء الحكومة المصرية.

وكانت نيابة أمن الدولة العليا أمرت بالقبض على البحيري في مارس/آذار الماضي، وأحالته إلى النيابة العسكرية بجريرة ديوان شعري بعنوان "خير نسوان الأرض" تضمن قدحا بالمؤسسة العسكرية. ووجهت له اتهامات من بينها "نشر أخبار كاذبة من شأنها التأثير على الأمن القومي، والانضمام إلى جماعة أسست خلافاً لأحكام القانون والدستور، وإهانة المؤسسة العسكرية، وازدراء الأديان".

وجاء القبض على البحيري بعد صدور أغنية ساخرة كتبها للمطرب المصري الشاب، رامي عصام، بعنوان "بلحة". وحملت كلمات الأغنية - و هى إحدى القصائد المنشورة في ديوانه الشعري- نقدا لاذعا للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ولاقت رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ بلغ عدد مشاهداتها أكثر من أربعة ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب منذ شهر فبراير/شباط الماضي.

ديوان لم يصدر

وانتقد مختار منير، محامي البحيري، الحكم الصادر ضده، مشدداً على أنه يشوبه عوار قانوني بالغ.

وقال منير إن الديوان الشعري لم ينشر أو يطرح في الأسواق، وبالتالي لم تتوفر فيه صفة العلنية التي تقام عليها اتهامات النشر.

وأوضح منير أن موكله حُوكم عسكريا بسبب عنوان الديوان فقط والذي اعتبرته المحكمة تحريفا "لحديث نبوي يشيد بجنود مصر ويصفهم بأنهم ’خير أجناد الأرض’".

وأثناء التحقيق معه، قال البحيري إن هدفه من اختيار هذا العنوان لديوانه الشعري كان تعظيم شأن المرأة والإشادة بدورها في المجتمع باعتبارها أحد أعمدته، وأنها من أنجبت خير جنود الأرض، بحسب منير.

ويرى منير أن السلطات المصرية بإمكانها مصادرة الكتب ومنع نشرها إذا أرادت، وأن الديوان الشعري لم يكن قد حصل على الموافقات المطلوبة ليتم نشره وإصداره للعلن.

ويحق للبحيري تقديم طعن ضد الحكم أمام محكمة الطعون العسكرية، غير أن محاميه يرى أن فرص قبول الطعون ضد الأحكام لا تتخطى نسبتها 5 في المئة في المحاكم العسكرية.

حدود التعبير عن الرأي

من جانبه، قال أشرف فرحات - و هو أحد المحامين الذين تقدموا ببلاغات ضد البحيري - إن عدم صدور الديوان لا ينفي الاتهامات التي وجهت له، وأوضح أن القانون المصري يعتبر الشروع في ارتكاب فعل معين هو بمثابة ارتكاب للفعل حتى وإن حدث طارئ منع وقوعه.

واعتبر فرحات أن السخرية من الأديان ووصف الأنبياء بألفاظ لا تليق بهم لا يقع في إطار حرية التعبير عن الرأي.

وأشار إلى أنه يدعم حق الأفراد في التعبير عن رأيهم، وفي انتقاد أداء السلطات كما يحلو لهم، طالما لم يخرج ذلك عن حدود اللباقة والأدب، على حد تعبيره.

وردا على الانتقادات التي وجهت له بسبب الدعوى التي تقدم بها ضد البحيري، قال فرحات إن ما قام به كمحامٍ هو الإبلاغ عن فعل اعتبره مخالفا للقانون، وأنه لو لم تجد السلطات القضائية أن البحيري ارتكب جرما، لما كانت أحالته للمحاكمة التي انتهت بسجنه 3 سنوات.

 وأثار القبض على البحيري انتقادات منظمات حقوقية عديدة، وكانت مجموعة من الحقوقيين الدوليين أصدرت بياناً قبل أيام من الحكم دعت فيه السلطات المصرية لإطلاق سراح البحيري.

وقال البيان الصادر عن مجموعة من الخبراء المستقلين في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، إن "احتجاز البحيري يأتي في ظل فرض قيود على حرية التعبير الفني وغيره من الأشكال، والحق في المشاركة في الحياة الثقافية في مصر".

واعتبر أن الاتهامات الموجهة إلى الشاعر المصري تتعلق "بالتعبير الإبداعي عن أرائه السياسية"، معربا عن قلق المجموعة من استخدام ما وصفوه بـ"الاتهامات المشكوك في أمرها" كوسيلة لتجريم الحق الشرعي للأشخاص في التعبير عن آرائهم بحرية.

وكانت "دار ضاد للنشر و التوزيع" أعلنت في مارس/آذار الماضي عن فسخ تعاقدها مع البحيري، واعتذرت عن الديوان الذي وصفته بـ"المسئ"، مشددة على أنها لم تطبع أي نسخة منه. وقالت الدار في بيان أصدرته آنذاك إنها "تشجب تلك المحاولات الصبيانية للإساءة لرموز الوطن بينما يحارب أبطالنا في سيناء لتحريرها من الجبناء وأهل الشر".