نشرت Eurasia Diary مقالاً لديانا كوهين التمان، مديرة رابطة الدبلوماسية الثقافية L.L.C، المديرة التنفيذية السابقة لصندوق قاره باغ الذي هو منظمة خيرية وثقافية تحافظ على تراث وتقاليد أذربيجان ومنطقة القوقاز. سبق لها أن أدارت متحف وأرشيف B’nai B’rith الوطني لليهود.
بعد مرور أكثر من 25 عاماً من استشهاده في المعركة، يمثل البطل الوطني يهودي الأصل للبلاد الذي أغلبية سكانه مسلمون العلاقات الدافئة بين هاتين الأمتين.
أقامت الأمة الأوراسية الأذربيجانية مؤخراً نصباً تذكارياً في عاصمة باكو تكريماً لذكرى ألبرت أغارونوف (1969-1992) الذي هو من أوائل المواطنين الذين حصلوا على أعلى تقدير عسكري - البطل الوطني لأذربيجان.
استحق ألبرت أغارونوف تقدير الشعب الأذربيجاني كمواطن يهودي الأصل الفخور بدولته التي حققت استقلالها عقب انهيار الاتحاد السوفيتي بعد استشهاده في حرب قاره باغ الجبلية في سنوات 1988-1994. في حين يتواصل الصراع بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم قاره باغ الجبلية حتى يومنا هذا، فيذكر الأذربيجانيون ألبرت أغارونوف دائماً عند حديثهم عن هذا الصراع.
أكثر من 90 % من سكان أذربيجان من المسلمين. كان ألبرت أغارونوف عضواً في المجتمع المعروف باسم يهود الجبال في منطقة قوبا في شمال أذربيجان. في 8 ديسمبر 1991، قام هو وزميله أغابابا حسينوف بتعطيل العديد من الدبابات والشاحنات المدرعة الأرمنية.
أعلنت أرمينيا عن منح المكافأة لمن يقتل ألبرت أغارونوف. في مايو 1992، قُتل ألبرت أغارونوف من العمر 23 عاماً، أثناء محاولته ل
إنقاذ زملائه من الجنود كانوا يدافعون عن مدينة شوشا الأذربيجانية التي كانت أذربيجان تعتبرها عاصمة ثقافية تاريخية في منطقة قاره باغ الجبلية.
في ذلك الوقت، سأله الصحفيون عما الذي دفع ألبرت أغارونوف وهو من سكان باكو، للتطوع للدفاع عن بلدة في قاره باغ الجبلية؟ ورد قائلاً: "هذه هي أرضي. ليس لدي وطن آخر. من الطبيعي بالنسبة لي أن أدافع عن بيتي".
بعد مرور عدة عقود، يبدو أن العديد من الأذربيجانيين يتعاطفون مع ألبرت أغارونوف كأحد اعضاء أسرتهم وطائفتهم، ويتطلعون على وجه التحديد إلى قصة حياته. منذ سنه مبكر،اثار ألبرت أغارونوف إعجاب أقرانه والمرشدين له على حد سواء بما في ذلك مدرسة الموسيقى التي كان يحضر لأخذ دروس البوق. يقدر زملاؤه من تلامذة المدرسة استعداده للوقوف في وجه زعران . وصفته عائلته وأصدقاؤه بأنه صاحب فلسفة بسيطة للحياة: التركيز على الأسرة والعمل الجاد لضمان حياة جيدة لأسرته وخدمة للمجتمعة والحفاظ على السلام، ولكن الدفاع عن أولئك الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم.
كان ألبرت أغارونوف يرى في أذربيجان الوطن الأم الذي كان مرتبطاً بشكل وثيق مع مجتمعه اليهودي. ومع ذلك، فاجأ عائلته قراره القتال في حرب قاره باغ الجبلية. رحب والداه وإخوانه بوطنيته ، على الرغم من أنهم كانوا يخافون على سلامته في هذه المعركة بين الشعوب التي اندلعت عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
عندما وصلت الأنباء عن استشهاد ألبرت أغارونوف إلى أسرته في عام 1992 ، لقوا العذاء في قرارات حكومة وشعب أذربيجان. حيث أطلق أسمه لمدرسة الموسيقى التي كان يدرس فيها تكريماً له. علقت اللوحات على جدران منزله في باكو وفي قوبا. رحب المواطنون الأخبار عن تسمية دبابة الجيش الأذربيجاني باسم أغارونوف. حتى يومنا هذا، يعرب الأذربيجانيون عن مشاعر التضامن والتقدير في الرسائل الموجهة إلى أسرته.
يقدم العديد من الأذربيجانيين المواطن يهودي الأصل ألبرت أغارونوف كمثال على "روح الأمتين العظيمتين تعملان معاً". وفي نفس الوقت، يرون في قصة ألبرت أغارونوف دليلاً على اندماج يهود أذربيجان في المجتمع الأذربيجاني وبكونهم المواطنين يتمتعون بنفس الحقوق والمسؤوليات التي يتمتع بها المسلمون.
تجري النقاشات بشكل منتظم حول انعدام معاداة السامية في أذربيجان، وغالباً ما يعززون هذه الفكرة بالأمثلة مثل تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان "تمثل قدوة يمكننا إظهارها للعالم".
في الواقع، في العالم الذي يعاني من الصراعات العرقية والدينية، يتأكد الزوار الذين يشاهدون النصب التذكاري الجديد في باكو من قصة الحياة التي توفر قدورة لإطلاق العنان لإمكانيات ازدهار العلاقات بين الأديان. يمكن للمراقبين أيضاً أن يتطلعوا إلى قوبا، حيث يجتمع الموسيقيون المسلمون واليهود معاً لمواصلة التقليد الموسيقي الديناميكي الذي كان ينشط أغرونوف الشاب في حينه.
في حقيقة الأمر، تكشف قصة ألبرت أغارونوف أن العلاقات الحقيقية بين الأفراد والعواطف المشتركة لوطنهم يمكن أن تعمل على إزالة هوة الخلافات وحتى توحيد الحلفاء الذي لا يمكن تصديقه في أكثر الحالات.
الترجمة: د. ذاكر قاسموف